المشكلة أن الشمال مازال عنقه ملتوي إلى الخلف ينظر وبحده للجنوب تاركا شأنه وأرضه وكرامته يعبث بها العابثون ، الجنوب لا يمثل أي قلق وتطلعاته لا تتجه لتدمير الآخرين، وطموحه يشرع له الدين والقانون الوضعي ، الجنوب لا يشكل أي قلق لأن التحرريين القائمين على تسيير أموره الإدارية والأمنية والعسكرية ينطلقون من مسئولياتهم وأنها واجب ضريبته الموت وليس النهب و الإيثار حد التملك ، الجنوب لا يمثل القلق لأن أحرار الجنوب يكرهون الاستعباد ولا يقبلونه للشعوب الأخرى ، وإن نموذجه التحرري أضاف لقاموس التحرر مصطلح نضالي فريد تتدلل به القنوات الإخبارية وهو (الحراك الشعبي ) ، نعم الجنوب سيكون مدرسة المنطقة برمتها تتعلم منه طرائق النضال من مقررات كتبت بدم الشهداء وسطرت عبره منهجية ستتدارسها أجيال بعد أجيال ، مزيد من الثقة وعودة عنق الشمال إلى الأمام سيجد عدوه الحقيقي ولطيلة عقود من الظلام ذاق منه ويلات العذاب ، إنها قبلته التحررية الحقيقية الواجب العمل فيها وعليها أي مطلوب منه بقاء عنقه ثابت إلى الأمام نحو عدوه الحقيقي . صالح يستجدي بالمليونيات غير ذات الجدوى ، ويتعلق خلفه أنصار الله ، وطبيعي وبلا أي جهد ، وعبر واقع الموت الذي فرضه الحليفين وتصفيتهم للخصوم ودك المنازل ، ومطاردة المخالفين عبر توصيفات جاهزة ستصنع مليونية المرعوبين ، إنهم الحلفاء الذين يسيرون على دماء وأشلاء التعبئة القبلية للنصرة ، كم من شباب ودعوا أمهاتهم بلا قناعه ولا رجعة ولقوا حذفهم بسبب داعي القبيلة الذي أحكم صالح وأنصار الله السيطرة على الأرض هناك عبر هذه الرؤوس , الواقع في الشمال تركيبته عجيبة ، وأرضيته معقده تجعل منه أقرب للاستعباد من التحرر مهما تشدقت أبواقهم أنهم أحرار أبطال ومقبرة للغزاة . آخر أوراق صالح الذي يرفض أن يصدقها شعبه هناك هي ورقتان وسيكون ما بعدها العد التنازلي ، أولها ورقه المليونية التي عادت إلى بيتها وستخرج حال فتحت صنعاء لترقص في ميدان السبعين ، وثانيها ورقة الضعف الأكبر وفقدان الحيلة عندما استدعى إيرانوروسيا وقدم لهما مشروعه في صرف مواقع وقواعد تنطلق منها في اليمن إلى حيث تشاء ، لقد أدرك صالح انه لم يعد قادر على حسم المعركة لصالحه ، وكان قبلها ينتصر بأيام معدودات ولكن على خصوم بلا سلاح وشراءه الذمم والخيانات وهي غير موجودة في هذه الحرب ، هذا الرجل يعيش سادية سياسية مقززة ، ويسعى لتحويل الشمال إلى صفيح من الدم و الأشلاء ، و أي عاقل لا يرى في إيرانوروسيا اليد الحنون العطوف على الشعب في اليمن أو الجنوب العربي ، إنه انزلاق وتخبط وحالة ضعف أدركتها إيرانوروسيا في خطاباته ولقاءاته التي كثرت وواقعه الميداني المشتت وصراعه وحربه على حدود أراضيه في الشمال والتي باتت مناطقها تنفرط عنه واحدة تلو الأخرى ، و تعلم روسيا و إيران أن لا يد له ولا مشروعية له في ذلك وهو قد (خلع ) من السلطة والحكم بعد أن خرج عليه الشعب في الشمال والجنوب ، ولا قانون أو مشروعية أممية لهما بأي تحالف علني يفضي لأي تدخل ، إلا من صب الزيت على النار ولا غير إلا في جلب مصالح وضغوطات لتحقيق أهداف أبعد مما يتخيله صالح . الصراع في الشمال يتسارع في الخطى وإحكام الحلقات على صنعاء ضرورة تستدعيها تطلعات الشعب نحو الاستقرار والحياة الهادئة ، والإقليم لن يفرط في حدوده كي يرقص عليه الأعداء ، إنها خطوتان أقدم عليها صالح وأنصار الله عجلت للإسراع في إزالتهما ، كون بقاءهما معناه نهاية المنطقة ، لقد أيقن الكثير أن بقاءهما سيرسم كل الشرور والويلات والعذابات ، الخطوتان هي : الأولى إعلان صالح إسقاط الجنوب في ساعتين بعد هروب هادي من صنعاء إلى عدن ، والخطوة الثانية تهذيب الانقلاب والتمرد وسرقة الحكم والدولة بصياغة مجلس سياسي وظهر للعلن صالح في الخلف منه ، لقد تشابه البقر عل صالح ، وأصبح لا يدرك إنه اليوم لا يصرع شعبه بألاعيبه الهزلية المميتة والتي عبرها تلذذ بقتل وهزيمة مخالفيه كما تعود سابقا ، ورقص على رأس شعبه المغلوب ، إنه اليوم يصارع الأمم ، يصارع القرارات ، ينقلب على الاتفاقات حد رميها ، وهنا يعطي مساحة أكبر ومشروعية أقوى لضربه وبلا رحمة ولن يجد أي دعم وسينتظر هلاكه . صالح وأنصار الله يسعون جاهدين لتسوية ساحة الشمال تحت أقدامهم لقد وصلوا للحدود الشطرية بين الجنوب والشمال وعادوا لتطهير الداخل الشمالي ، غاب عنهم الجنوب إلا من مفردة أصبحت بلا طعم هي الوحدة ، الشمال يقتتل والجنوب متوحدا في الفعل والهدف ويسعى لتطهير أرضه من السيطرة والنفوذ الشمالي على الحكم والثروة ، وتزداد المساحة التي تقع تحت أيدي الجنوبيين يوما اثر الأخر وتعتلى عليها قوه لم تخطر ببال صالح يوما والشمال . لقد أدرك العالم والإقليم إن من حق الجنوبيين العيش بسلام على أرضهم وأن يجنوا حصاد جهدهم الشاق في نضالهم المتعدد ، وساعد في ذك صالح وأنصار الله بل الشمال أيضا ، لقد باتت الوحدة لا مكان لها في النفوس وترسم واقعا على خارطة الجنوب الذي يعد بقاءه تحت نفوذ الشمال قلق وإرباك وطريق نحو الدمار والاقتتال اللامنتهي ، وأعلن ذلك سفراء دول الثمان عشر بأن الوحدة في خطر ، وهو مدخل لضرب صنعاء والابتعاد بالجنوب ، سواء سقطت صنعاء أم لم تسقط ، الجنوب يسير نحو إنعتاقه من سطوة وقبضة الشمال ، فالحامل السياسي للجنوب أصبح اليوم قياداته على مستوى المحافظات مدنية وأمنية وعسكرية ، إنها القيادات التي جاءت من عمق الفعل التحرري والمقاومة المسلحة ، إنها خلطة الجنوب وحامله السياسي نحو التحرر .