قدّم مركز الرصد الديمقراطي اليمني مبادرة لحل الأزمة اليمنية مكونة من تسعة بنود، لعلّ الجديد والمثير فيها هو اعتدالها وانطلاقها من الواقع المعاش ، إضافة لمراعاتها بأسلوب مقبول ومفردات هادئة لكثير مما تضمنته المرجعيات السابقة ومنها المبادرة الخليجية والخطة التي قدمها وزير الخارجية الأميركية ودستور الجمهورية اليمنية والقرارات الأممية . وأول بند فيها هو تشكيل حكومة وحدة وطنية يرأسها شخص لم يشترك في الصراع القائم ، إلى جانب حلّ المجلس السياسي الأعلى وحكومة هادي ،ومشاركة أطراف عربية وأممية في اللجنة العسكرية والأمنية التي تخضع لسلطتيّ وإشراف وازارتيّ الدفاع والداخلية.
كما تضمنت تسمية الطرف الثالث الذي يقوم باستلام الأسلحة- كما جاء في خطة كيري - وتحديده كطرف يمني ومن ثمّ تسليمه السلاح الثقيل والمتوسط الذي يقع خارج سيطرة الدولة ، سواء كان بيد أنصار الله ( الحوثيين ) أو المقاومة التي تتبع حكومة هادي . يُذكرُ أنه سبق وأن طُرِحت مبادرة من المركز نفسه ( الرصد الديمقراطي ) خلال الفترة القليلة الماضية غير أنها اقتصرت على الأطراف اليمنية ، قبل أن تُقدم كل من الخارجية الأميركية خطتها والدبلوماسية السعودية أفكارها الجديدة حول هذه الأزمة.
مراقبون يرون أن ميزة المبادرة الأخيرة التي قدمها مركز ( الرصد ) هي مشاركة مراقبين دوليين ولجان مشتركة لضمان حياديتها ونجاحها. وكذا اشتمالها على المرجعيات التي تتمسّك بها الأممالمتحدة،وكذا الأفكار والمبادرات التي قُدّمت مسبقا، إضافة للبرلمان ودستور الجمهورية اليمنية المعمول به ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي جاءت وفقا للمبادرة الخليجية .
المراقب للشأن اليمني يستشفّ من هذه المبادرة نقاط عدة إيجابية ، منها عدم انحيازها لطرف من الأطراف، إضافة للواقعية وتعاملها مع الأزمة برؤية أكثر نُضجاً وقدرة على برولة التحولات والتعقيدات التي رافقت وترافق هذا الملف، بما فيها الأحداث في الحدود اليمنية السعودية. وفيما يلي نصّ المبادرة :
1- تشكيل حكومة وحدة وطنية ترأسها شخصية وطنية محايدة غير منخرطة في الصراع الحالي وتكون هذه الحكومة أعلى سلطة في البلد لحين تسوية وضع مؤسسة الرئاسة وفقا لأي من المسارات الثلاث المقترحة في البند رقم ( 6 ) من هذه المبادرة وتستمر بعدها كحكومة للجمهورية اليمنية لحين انتهاء متطلبات هذه المبادرة .
2 - انتهاء سلطة المجلس السياسي وأي سلطات أخرى خارج حكومة الوحدة الوطنية فور إعلان تشكيلها.
3 - تحديد الطرف الثالث المقترح في مبادرة وزير الخارجية الأمريكية بطرف ثالث يمني يتوافق عليه بين الطرفين اليمنيين ويتولى استلام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة خارج نطاق الدولة من اللجان الشعبية والمقاومة الشعبية ويحرّزها لحين انجاز البند رقم ( 4 ) من هذه المبادرة الخاص بمؤسستي الجيش والأمن ويقوم بتسليم تلك الأسلحة المحرّزة لديه لوزارتيّ الدفاع والداخلية .
4 - تشكيل لجنة عسكرية وأمنية متوافق عليها بين الطرفين اليمنيين لتولي وضع المعالجات اللازمة لوحدات الجيش اليمني و( الجيش الوطني ) واللجان الشعبية و المقاومة لتُشكّل جميعها قوتين (عسكرية - أمنية) وطنيتين خاضعتين كُليّة لوزارتيّ الدفاع والداخلية في حكومة الوحدة الوطنية.
5 - تُسوى هيكلية لجان الرقابة المشتركة بضم العنصر المحايد لها بمراقبين أمميين وتُفعّل ميدانيا للرقابة على وقف إطلاق النار في جميع الجبهات الداخلية ، وتشكل لجنة مشتركة (يمنية - سعودية ) لتثبيت وقف إطلاق النار في جبهات الحدود وإعادة ترتيب الوضع الحدودي بين البلدين إلى ما كان عليه قبل (عاصفة الحزم) ومعالجة أي مسألة متعلقة بالالتزامات الحدودية وفقا للمواثيق والأعراف الدولية المنظمة لذلك ، وتُعلن جميع لأطراف وقف القتال وانتهاء الحرب عسكريا وأمنيا فور تموضع لجان الرقابة في أماكنها للقيام بمهامها .
6 - يتوافق الطرفان اليمنيان على تسوية وضع مؤسسة الرئاسة بأحد المسارات الثلاث التالية ..
أ - يستكمل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة وحكومة الوحدة الوطنية إدارة المشاورات الأممية بين المكونات السياسية المتعلقة بمؤسسة الرئاسة .
ب- يلتئم مجلس النواب بتمثيل كامل كتله البرلمانية و يتخذ قراره بالتوافق بتولي رئاسة مجلس النواب مهام مؤسسة الرئاسة لحين إجراء انتخابات رئاسية وتلتزم هيئة رئاسة مجلس النواب باتخاذ قراراتها بالتوافق .
ج- تَعِدُّ حكومة الوحدة الوطنية - كواحدة من أول مهامها- لاجراء انتخابات رئاسية برقابة محلية وعربية ودولية وأممية .
7 - تُشكّل لجنةٌ تضم ممثلين لحكومة الوحدة الوطنية و دول التحالف و الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن وممثل الأمين العام للأمم المتحدة و مندوب عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان لتولي قضية تعويضات الضحايا من شهداء وجرحى ،وكافة المدنيين المتضررين من الحرب و إعادة الأعمار .
8- يرعى المبعوث ألأممي و مؤسسة الرئاسة وحكومة الوحدة الوطنية عملية استئناف المكونات السياسية الممثلة في الحوار الوطني لمشاوراتها بشأن النقاط التي لم تحظ بإجماع وطني فيما يخصُّ مخرجات الحوار الوطني .
9 - بدء العمل على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني واستكمال المهام الانتقالية و تطبيع الوضع السياسي في البلد .
يُذكر إن مركز الرصد الديمقراطي يرأسه الكاتب و السياسي اليمني المعروف عبدالوهاب الشرفي ، وسبق للمركز تقديم العديد من المقترحات والمبادرات التي أسهمت في التوصل لحلول في كثير من مراحل ومنعطفات الأزمة اليمنية .