ويادهر كم جرعتني فقد صاحب بكأس النوى من بعد فقد صاحبي
كل يوم يمضي من حياتنا ومساحة البهجة والفرح تنحسر في حياتنا ، وبالمقابل يتمدد الأسى ويقتلنا الغبن والقهر
يرحل أعز الأحباب ، ويغادر الشرفاء والصناديد بلا استئذان ولا كلمة وداع
إنه زمن السفلة والأوغاد وأشباه الرجال، أما الأنقياء والأطهار فهذا ليس زمانهم فيرحلون تباعا.
تشرق شمس الصباح على رحيل حبيب، وتغرب على استشهاد آخر ، فيصبح العزاء موصولا بالعزاء ، حتى لكأنما قد غدت حياتنا مآتماً وأحزانا، وسيمفونية نحيبٍ لاينقطع
علي عبده عمر الصبيحي الوجه الباش ، الحالم بوطن ، المتطلع إلى غدٍ أفضل، ومن عاش حياته للناس يترجل صهوة جواده مغدورًا مظلوما .
علي عمر الذي قضى سنين عمره العجاف في ساحات النضال والكفاح ، وأنفق من أمواله الخاصة- للمرابطين والمرضى والمسحوقين- مايجعله يعيش أميرا في دولة أجنبية ، لكنه حب الوطن وعشق الحرية.
علي عمر الذي تعرفه ذرات الوطن وسهوله وحبات التراب يغادرنا ويتركنا في ليل طويل حالك السواد، وفي مرحلة عصيبة لا يحل عقدها ألا أمثال هذا الفولاذ الفريد من الرجال.
تعجلت الرحيل أيها البار البشوش وحاتم لم يزل في انتظارك لتمنحه دفقا جديدا من محياك اللامع وثغرك الباسم.
تعجلت الرحيل وآلاف الأطفال الهزالى ينتظرون لقاح التطعيم ، وقُطُر الحياة من يديك الكريمتين الطاهرتين في هذا الوطن الموبوء المثخن بالجراح.
أيها الراحل الغالي لم التعجل ؟ ولم الرحيل وعيدنا الأكبر لما يأت بعد .
لِمَ تذبل الورود في عز تفتحها؟ ولم تذوى الأغصان قبل إيناعها؟ رحيلك بهذه البغتة سيصيبنا بالشرود سنين وسنين، وستبكيك حبات الحصى التي كنت تطأها . نعلم أيها الراحل أن حبك لوطنك كان حب المهوسين ، وهو ما جعلك تقضي العيد هناك في الثغور وبين الأبطال في باب المندب في معامع الفداء والرجولة ....رحمة الله تغشاك ونسأله ربنا أن يغفر لك ويجعل الجنة مثواك.