مع بداية هذه الايام نستأنف العام الدراسي الجديد 2016-1017م عاما دراسيا لا يختلف في معظم ظروفه عن العامين السابقين من حيث الاوضاع الاستثنائية المصاحبة للحرب . ان سلوك الانسان في بلادنا سلوكاً حضاريا تفوق على السلوك الرسمي للادارات والمؤسسات فرغم الفوضى والانفلات الامني والاقتصادي وافتقار الخدمات الاساسية ، الا ان الانسان في بلادنا سلوكه الحضاري يُعلن اصراره على ...... في وجه ادوات الموت وعلى الحياة في وجه ارادة القتل ومن هنا نرى الناس مندفعة نحو كل عنوان من عناوين الحياة والحوار ، وفي مقدمة هذه العناوين ((ألتعليم)). ولان هذا العام الجديد ياتي متزامناً مع اكتمال العقد الثاني وبدأ العقد الثالث لاستعادة مسرة التعليم الاهلي والخاص التي استأنفت العام الدارسي1996-1997، فأن ذلك يحتم علينا ان نقف مع هذه التجربة الوليدة لنضع جرد حساب لتقويم الذات من اجل التفكير في انطلاقة جديدة ذات افق متجدد على اعتبار ان العملية التعليمية وسيلة اولى ورئيسية في عملية البناء والتنمية ويمكن ان تكون عامل للرقي والتطور او لاً قدّر الله عامل للفشل والانحطاط . لقد بدأت مسيرة التعليم الاهلي في عدن بعدد من التلاميذ لا يتجاوز ال (100) تلميذ لا شك ان كثيرا منهم قد تخرجوا اليوم من مختلف الكليات الجامعية في الداخل والخارج واصبحوا شركاء محليين في عملية التنمية ، ومع بداية هذا العام الجديد تجاوز تعداد تلاميذ المدارس الاهلية الى (20000) تلميذاً في مختلف المراحل الدراسية ولا شك ان هذه الاعداد المتزايدة من التلاميذ الملتحقين بالتعليم الاهلي نتاج لجهود واعمال رائعة اقنعت الاباء والامهات على الحاق ابنائهم لهذا النوع من التعليم ولقد اثبت الكثير من التقارير الرسمية جودة وجدارة التعليم الاهلي على العموم وليس التفصيل ، الا اننا نفتقد اننا بحاجة الى تقديمات اكثر دقة وحيادية ومعيارية نستطيع ان وفق اسس علمية دقيقة عن المكانة التي يوضع فيها التعليم الاهلي في خدمة العملية التعليمية والتنموية. ان كثير من الناس لا يدرك حجم المخاطرة والمعاناة التي بذلها رواد التعليم الاهلي في مراحله الاولى وهم يحاولون اقناع الناس بالالتحاق بهذا النوع من التعليم التي ربما نسوا بفعل انقطاع وغياب طويل الاجل منذ عام 1970م حيث لم يعرف الناس الا شكلاً واحداً للتعليم وهو التعليم الحكومي الذي يقدم نمط واحد للجميع ، وهذا وكانت الاسئلة التي تتردد على لسان اولياء الامور في بدايات عمل المدارس الاهلية حول ماهية التعليم الاهلي وهل شهادته معتمدة رسمياً وهل سيدخل ابنائنا الجامعات الحكومية وهم يحملون شهادات التعليم الاهلي وبذلت جهود جبارة لاقناعهم تبذيذ مخاوفهم وشكوكهم في سبيل الحاق ابنائهم للمدارس الاهلية القليلة التي بدأت في عدن وبرسوم دراسية تكاد تكون رمزية جداً، هذه الجهود وهذه التضحيات وهذه المغامرة غير محسوبة المخاطر هي من اوصلتنا اليوم لهذا العدد من المدارس الاهلية وداك العدد من التلاميذ الملتحقين بها ، بل اصبحنا في كل عام نستقبل سبع او ثمان مدارس اهلية جديدة بعد الرسوم الرمزية ، اصبح لدينا بعض المدارس التي تفوق رسومها رسوم الجامعات الخاصة !! اننا نأمل ان يأتي العقد الثالث من مسيرة التعليم الاهلي بالجديد الذي يساهم في تطوير وفرز بما يبقى النافع المفيد ويعدل ويحسن ويطور ... ومن خلال المستويات التالية : اولا : على مستوى المدارس الاهلية نرى ان تقوم المدارس الاهلية بمراجعة شاملة لادائها خلال السنوات الماضية من عمرها وان نبدي على اساس هذه المراجعه استراتيجيات عمل وخطط شاملة تدفع بنا نحو الارتقاء بالعمل التربوي والتعليمي والبحث عن الطرق والاساليب والوسائل الحديثة والعمل الجاد على اختيار المباني المدرسية المناسبة والمقاربة للمعايير القانونية وصولا لانشاء المبنى المدرسي النموذجي المملوك لصاحب المؤسسة التعليمية باعتبار ذلك عنوان لجديته في الاستثمار في مجال خدمة التعليم التي تتطلب المزيد من بذل الاموال من اجل الوصول لمستوى متطور يعطي معنى الريادة التي يدعيها الجميع. ثانياً: على مستوى جهة الاشراف المتمثل بمكتب التربية والتعليم ، والذي ينطلق جودة عمله من سلامة التصور تجاه التعليم الاهلي بأعتباره جزء من الوظيفة الاساسية للإدارة كونه جزء من العملية التعليمية ، والنظر للتعليم الاهلي باعتباره رديف ومساعد للتعليم الحكومي المجاني الذي يعفيه التعليم الاهلي ويخفف عنه اعباء تعليم مجموع التلاميذ الملتحقين بالتعليم الاهلي وبالتالي فأن مهمة الادارة التعليمية في المحافظة رعاية التعليم الاهلي بكل ما تعنيه كلمة ((رعاية)) من حيث تدليل الصعاب وتوفير المستلزمات والامكانيات وتصحيح النظر لذى الموظفين الرسميين تجاه التعامل مع مؤسسات التعليم الاهلي وتبني هموم وقضايا المدارس الاهلية امام المكتب التنفيذي في المحافظة ووضع خطط وبرامج لتطوير الجانب الاستثماري للتعاون مع مالكي المدارس الاهلية بحيث يتحقق الفرز بين الجادين بالاستثمار وغيرهم من الباحثين عن ارباح سريعة دون امتلاك الرغبة والرؤية في التطور والاستمرار في الجدية . ثالثا: على مستوى قيادة السلطة المحلية بالمحافظة لقد حاولنا ولازلنا نحاول على تقديم البراهين التي تحول انظار السلطة المحلية في المحافظة الى هذا النشاط الاستثماري المتصاعد وقد قدمنا الدراسات التي برهنت وتبرهن على ان مؤسسات التعليم الاهلي والخاص ترفد خزينة الدولة بملايين الريالات وتوفر عنها تكاليف الالاف من التلاميذ وما يحتاجونه من مباني واثاث مدرسية ومعلمين وخدمات كانوا يفترض ان تتحملها الدولة ، وكذا ما تحققه المدارس الاهلية من تنشيط الحركة التجارية في المحافظة باشكال وصور مختلفة ولا نجد مقابل لكل هذا أي دعم او مساندة فلم تخصص الدولة مساحات في المخططات السكنية لبناء المدارس الاهلية ولم تعامل استهلاك المدارس الاهلية لخدمات الكهرباء والمياه وغيرها باقل من التعرفة التجارية ولم تخفف عنها من الاعباء الضريبية والرسوم وغيرها من الايرادات المحلية وهذا الى جانب ان هذه المؤسسات لا تسلم من قطع التيار الكهربائي وباقي الخدمات اذا تأخرت اقل مدة ممكنة في الدفع دون مراعاة لطبيعة عملنا.. ان هذا الواقع يحتاج من السلطة المحلية ان تعيد النظر وان تتدارس مع اتحاد ملاك المدارس الاهلية سبل دعم هذا النشاط وتطويره مثل دول الجوار وكثير من دول العالم نماذج يقتدي بها ، بعض الدول توفر للمدرسة الاهلية مديراً كفوا حقيقة وتدفع اجره وتوفر للمدرسة جميع المناهج الرسمية وغير الرسمية على حسابها الى جانب العديد من اوجه الدعم والمساندة والمنطلقة من رؤية واضحة تتبنى وترعى وتشجع . اننا من خلال ما ذكرنا نعتقد انه سيكون امامنا فرصة ذهبية للسير للعقد الثالث برؤية مستقبلية تساهم بجذب في سبيل تكوين جيل متسلح بالعلم والمعرفة محب للحياة وعاشق للسلام .