تقلصت أنواع طيورها المهاجرة من 170 إلى 70 نوعاً بينها ثلاثة مهددة بالانقراض محميات عدن بيئة تحتضر لكائنات بحرية متعددة الأنواع ومهددة الزوال . مدينة عدن من المدن السواحلية الخلابة التي حباها الخالق المولى خصائص وتضاريس جغرافية ومتعها بشواطئ ومحميات فريدة تميزت بنظاراتها وجمالها عن سواحل ومحميات بلدان كثيرة. بيد أن هذه السواحل تعرضت عقب سنوات ما بعد الحرب إلى عوامل الإهمال والهدم ودكت بمعاول العبث البشري، وغيرها من التجاوزات التي أحدثت حالة من الإخلال بالتوازن الجيولوجي والبيئي لها. ظلت عدن ولعقود طويلة تستقبل أسراباً من الطيور المهاجرة التي كانت تحط رحالها موسمياَ في سواحل المدينة قدامها من إفريقيا في طريق هجرتها إلى أوربا، وكانت تقدر أنواع الطيور التي كانت تزور عدن ما قبل عقدين من الزمن ب170 نوعا، لكن وبسبب ما نتج بعد سنوات حرب 1994م من أعمال ردم وتشويه تضاءلت أنواع وأصناف الطيور لتقدر حاليا بنحو 70 نوعاً، وذلك بحسب أخر دراسة أعدتها "جمعية مبرة الإخاء" في عدن. ترانزيت الطيور المهاجرة تعتبر ضفاف المحميات الرطبة الوسطى الواقعة على جانب طريق الجسر البحري، إحدى المحميات التي مازالت توفر مساحة مائية حاضنة لأسراب متنوعة ومتعددة من الطيور المهاجرة، وهي من المناطق الحساسة كونها تمثل بيئة وسطية بين اليابسة والماء، لذا فهي سريعة الاضمحلال والزوال، والحفاظ عليها أمر بالغ الأهمية نظراً للتوازن البيئي والمناخي الذي تلعبه في تلطيف وتنقية المناخ المحلي للمنطقة. كانت هذه المحمية مغمورة بمياه البحر على طول اتساع الطريق العام حتى ثمانينات القرن الآفل، قبل أن تتعرض لأعمال ردم وتدمير مع سنوات الوحدة، ومازالت مساحتها المتقلصة تمثل استراحة (ترانزيت) للآلاف والمئات من الطيور المهاجرة التي ما انفكت تحط رحالها ذهاباً في شهر مارس/أيار، وإياباً في أغسطس/ أب من كل عام على خطوط قارات العالم القديم (آسيا وإفريقيا واوربا)، حيث تبدأ دوران هجرتها من قارة أفريقيا إلى أوربا مروراً بشواطئ وخليج مدينة عدن. تقول بعض جمعيات حماية البيئة في عدن، "إنه خلال السنوات الأخيرة جرى رصد 70 نوعا فقط من هذه الطيور، منها ما هو مستوطن في سواحل ومحميات عدن، والآخر مهاجر وزائر". كانت "منظمة الطيور العالمية" صنفت هذه المحمية المائية كأهم مواقع للطيور المهاجرة، باعتبارها تمثل موئلاً منتظماً لآخر 3 أنواع من الطيور المهددة بالانقراض عالمياً، بالإضافة إلى أنها توفر بيئة مناسبة لثلاثة أنواع من الطيور المسجلة حصرياً على مستوى الشرق الأوسط، وهي طيور "النورس أبيض العين" و"النورس السويدي" و"طائر زقزاق السرطان" ما يجعل هذه المحمية مصدر جذب سياحي للمهتمين في مجال البيئية ومراقبة ودراسة سلوكيات الطيور. "المحميات الوسطى" وظائف أساسية في النظام البيئي مازالت هذه المحمية تؤدي وظائفها في توفير وسائل الحياة والبيئة المناسبة لعدد كبير من الكائنات الحية، وتشكل موئلاً لحضانة العديد من أنواع القشريات والسرطانات، من ضمنها "القواقع البحرية" التي تستخرج منها مادة الظفر المستخدمة في صناعة المواد العطرية التقليدية، وأيضاً "قناديل البحر المقلوبة" التي تلعب دوراً حيوياً لامتصاص الرواسب البحرية والحفاظ على نظامها البيئي. من أبرز الإشكاليات التي واجهتها المحمية في السنوات العشرين الماضية أعمال الردم والبسط غير القانوني والتلوث الناجم عن المصادر البرية، وانسداد الكثير من عبارات المياه التي تمر من أسفل الطريق البحري وتسمح لمياه (خليج عدن) بولوج مسطحات المحمية، وهو ما بات يهددها بشكل مباشر خطر الجفاف والانحسار. يؤكد أعضاء الهيئة العامة لحماية البيئة في عدن: "إن نضوب المسطحات المائية ودهسها تحت عجلات التدمير والتخريب بحجة التنمية والتوسع العمراني سيؤدي إلى إخلال كبير في منظومة المناخ المحلي للمنطقة، وسيسهم بارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير مع كل موسم صيف سنوياً". "محمية الحسوة" بيئة اصطناعية وملاذاً لتكاثر الطيور تتجسد الأهمية البالغة ل"محمية الحسوة" غرب عدن من حيث مساحاتها الخضراء كجزء من مشروع الحزام الأخضر حول عدن للحد من العواصف الرملية الموسمية. تعد أبرز خصائص "محمية الحسوة" إنها توفر مباتاً وموئلاً للعديد من الطيور والكائنات الحية، منها طيور مختلفة بحرية وبرية، وزواحف وثعابين وثعالب وأرانب برية، وأنواع مختلفة من الحشرات والأفاعي السامة. تقول جمعية شؤون المحميات والبيئة بعدن: "تم في هذه المحمية رصد أكثر من 107 من أنواع الطيور البحرية، و 14 نوعا من الطيور البرية بينها أنواع نادرة تستوطن هذه المحمية التي مازالت توفر في مساحتها الحالية بيئة مناسبة للطيور الحضانة ومكان للتكاثر الموسمي". من الطيور التي مازالت تستوطن محمية الحسوة حتى الآن، طيور" البجع، أبو منجل المقدس، أبو ملعقة، بلشون البقر، بلشون الصخور، النحام الصغير، النحام الكبير، الزقزاق الرمادي، الكرسوع، البط الجراف، طائر النورس أبيض العين -المهدد بالانقراض-". يؤكد خبراء البيئة والحياة البرية في عدن، إن المستقبل الذي ينتظر محمية الحسوة يكمن من حيث حرص واهتمام السلطات المحلية والمجتمع في استغلالها وتوظيفها كنظام بيئي مستديم، والحفاظ على تنمية مواردها وتنظيمها إدارياً، بالاستناد إلى مقوماتها الطبيعية التي لا تحتاج سوى إلى تحسين مستوى معالجة المياه العادمة في المحطة وتشجيع السياحة البيئية والعلمية، ونشر الوعي البيئي المجتمعي بأهمية الحفاظ على الأراضي الرطبة. "خليج حقات" موطن الكائنات النادرة كانت شواطئ (خليج حقات) تعج بأنواع مختلفة من السلاحف والكائنات البحرية الغنية بوفرتها، من بينها السلاحف الخضراء التي أصبحت نادرة في العالم، حيث ظلت هذه السلاحف لعقود طويلة تستوطن منطقة خليج حقات وتتناسل على رمالها. ويُعرف عن هذه السلاحف أنها عندما تبلغ بلوغها الجنسي في سن الثلاثين تعود بعد رحلة غوص طويلة في أغوار البحار إلى موطنها الأصلي لتضع بيوضها في ذات الشواطئ التي فقست وخرجت منها، وفي حال تعرضت مناطقها للدمار والتخريب فإنها تفارقها وتهجرها دون عودة، وهو ما حدث لسلاحف عدن الخضراء التي ودعت مناطقها بسبب عوامل الهدم والتدمير التي تعرضت له بيئتها". يعتبر شاطئ (خليج حقات) من أكثر شواطئ عدن حيوية بأحياء بحرية متنوعة وغنية بأنواعها المختلفة والتي أصبحت للأسف مهددة بالزوال نتيجة المساس بمنظومتها البيئية الطبيعية وغياب دوائر الرقابة الرسمية على ما تفعله سفن الاصطياد الكبرى التي تخالف قوانين الصيد وتعمل على أعمال الجرف غير المشروعة وتدمير بيئة غذاء وتكاثر الأسماك والكائنات المحلية. ومن الكائنات البحرية المهددة بالانقراض في سواحل خليج عدن، "سرطان الشبح" الذي كانت تصل أعداده إلى الملايين في العقدين الماضيين، وكانت المساحة الممتدة من محيط (ساحل أبين) وحتى (خليج حقات) تعتبر موطن تكاثره، غير أن هذه الكائنات أصبحت نادرة الوجود في الوقت الحالي. إلى جانب ما تمثله سواحل "خليج حقات" من أهمية بيئية حيوية فأن سواحل منطقة "بئر أحمد" المعروفة سابقاً باسم (الخور الفارسي) في مدينة البريقة، لا تقل أهمية عن سائرتاها من محميات عدن، فهذه السواحل تمثل أيضاً بيئة حيوية خصبة لأكبر عدد بيئي للأحياء البحرية والرخوية والأسماك بكافة أشكالها التي كانت تقوم بوضع بيوضها في هذه المنطقة وتتكاثر فيها خصوصا خلال شهر أغسطس قبل أن تنعدم بيئتها وتدمر مواطن تعايشها.