نتساءل ويتساءل كثيرون معنا عن الهدف والمدلول من وراء هذه الخطة المثيرة للجدل والشكوك ، التي يحملها ابن الشيخ هذه المرة في جولته الحالية بعد فشل كل الجهود السابقة بسبب عدم تفاعل وتجاوب الإنقلابيين مع جهو د السلام والمبادرات الأممية السابقة ، وتأتي هذه الخطة اليوم لشرعنة الإنقلاب من قبل منظمة دولية تقع عليها المسؤلية الكاملة في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين ، لكون هذه الخطة منحازة لأحد طرفي النزاع في بنودها ، كما يراها الكثيرون وتراها الحكومة الشرعية التي ترددت في قبولها ، فهي لم تشر صراحة إلى زعيمي الانقلابيين ومصيرهما السياسي ، باعتبارهما المسؤولَيْنِ المباشِرَيْنِ عما آلت إليها الأوضاع ، واكتفت فقط بتحديد مستقبل الرئيس ونائبه ورئيس حكومته ، بحيث يظل منصب الرئيس شكليا بنقل صلاحيات الرئيس إلى نائب توافقي يتمتع بصلاحيات واسعة ، كما تشكل حكومة وحدة وطنية ، يكون الإنقلابيون طرفا رئيسيا فيها دون ربط ذلك بتنفيذ القرار الدولي 2216 ، الذي يلزم الإنقلابيين بالانسحاب من المدن المحتلة وتسليم السلاح ، لعلّ هذاالتحول في الموقف الأممي الذي عكسته هذه المبادرة الغريبة التي تكافىء متمردين فرضوا أنفسهم بقوة السلاح ، وتشكل بادرة خطيرة جدا في العلاقات الدولية وتهدد الأمن والسلام للدول والمجتمع الأقليمي والدولي ، ويهدد هذا الموقف المنظمة الدولية نفسها ويىسيء الى سمعتها ومكانتها كمنطمة محايدة ، فرضته عوامل كثيرة أهمها وأبرزها : - حالة الإنقسام والإختلاف والتنافس بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن حول العديد من القضايا ، وانخراط البعض منهم بشكل مباشر في هذا الصراع ، مثل الحالة السورية ، حيث يقاتل الروس مع قوات النظام ، في الوقت الذي تقف أمريكا إلى صف المعارضة السورية المسلحة - طول الحرب وعدم قدرة الجيش الوطني والمقاومة الوطنية حسم المعركة عسكريا ، رغم الإنهيارات والإنكسارات في صفوف الإنقلابيين - التدهور في الوضع الإنساني والمعيشي ، وظهور بوادر لمجاعة في بعض المدن ، أقليم تهامة في الحديدة ، نتجة للحرب - انتشار الأمراض كحمى الضنك والكوليرا لانهيار النظام الصحي - تردي الخدمات الإجتماعية وانعدامها في كثير من المناطق - انهيار موسسات الدولة المالية وعجزها عن دفع مرتبات موظفيها ، ممايهدد بكارثة إجتماعية واضطرابات لكن السؤال المطروح بشدة ، هل هذه المبادرة أو الخطة بشكلها الحالي وبنودها قادرة على تأسيس سلام دائم واستقرار ، أم أنها ستساعد على توسيع النفوذ الإيراني وتهيء لصراعات طائفية داخلية وأقليمية مستقبلية تهدد الاستقرار في المنطقة . الكل ينشد السلام بما فيهم المتمردون أنفسهم الذين فقدوا الكثير من رجالاتهم ، وأكثر توقا للسلام ، هو المواطن الذي يعاني الأمرين والعذاب بسبب هذه الحرب العبثية ، لكن هذه الخطة للأسف الشديد جاءت لمعالجة النتجة ، وليست السبب ، فهي لم تعالج الأسباب التي ادت إلى إندلاع الحرب والتدخل الخليجي وقيام التحالف العربي الإسلامي بقيادة المملكة العربية السعودية ، لمواجهة التدخل الإيراني في اليمن ، الذي يهدد دول الجوار ، كما إن هذه الخطة تجاهلت عمدا القضية الجنوبية ، على الرغم من عدالتها وأهميتها للأمن والاستقرار الأقليمي والدولي ، ومعاناة الجنوبيين وتضحياتهم ، ومليونياتهم التي تطالب بحق تقرير المصير ، هذا الحق الذي تؤكد عليه وتضمنه كل المواثيق الدولية . تحدثت خطة المبعوث الأممي عن الجنوب فقط ، من باب تعرضه للإرهاب وانتشاره فيه ، وهو يعرف جيدا ، أن هذا الإرهاب الذي يتحدث عنه ، هو أحد أدوات الإنقلابيين و من أعمالهم ، من أجل إحداث حالة من عدم الاستقرار والفوضى في المناطق المحررة ، كماأنه لم يشر إلى نجاحات الجنوبيين في محاربة هذه الجماعات وطردها من كل من حضرموت ، ابين وعدن وغيرها من مناطق الجنوب ، عجزت عن تحقيقها أمر يكا والنظام السابق ، كما أنّ هذا المبعوث الأممي لم يكلف نفسه يوما ما بالنزول إلى المحافظات الجنوبية للاطلاع على حقيقة الأوضاع فيها ومايعانيه المواطن وماذا يريد ، بل اكتفى بما يرفع إليه من جهات معادية لتوجهات الجنوبيين وطموحاتهم . لقد اشارت بعض المواقع الاعلامية ، أن المبعوث الأممي ابن الشيخ فشل في اقناع الانقلابيين بهذه الخطة ، على الرغم أنها تخدمهم ، فهم مصرون على ابعاد الرئيس عبد ربه من أية تسوية قادمة ، كما يشاع ايضا أن المملكةالسعودية قائدة التحالف ومعهاالإمارات المتواجدة بقوة في الجنوب ، قبلتا هذه الخطة شريطة ان تكون هناك ضمانات لتأمين الحدود السعودية من تهديدات مستقبلية من اليمن . ونخشى ان يكون الرئيس الشرعي كبش الفداء ، ضحية مطاردا ، ويصير المتمردون هم الشرعية بفعل هذه التسوية ، كمانخشى ضمن الصفقة ، أيضا أن تفرض تسوية معينة على الجنوبيين ، مستغلة حالة التمزق في الصف الجنوبي ، لاترتقي وطموحاتهم ونضالاتهم وتضحياتهم وحقهم في تقرير المصير وتعود حالة التوتر والأوضاع في الجنوب إلى ماقبل عام 2015 م .