أقدمت اللجنة الأمنية بمحافظة حضرموت على إلغاء المليونية المقرر إقامتها في المكلا عاصمة محافظة حضرموت ، احتفاء بالذكرى التاسعة والأربعين للاستقلال الوطني للجنوب ، وهذه الذكرى ذات دلالات هامة ورمزية لدى الجنوبيين ، لدوافع أمنية حسب ما جاء في بيان اللجنة الأمنية ، لكن على مايبدو أنَّ هناك ضغوطات سياسية مورست ضد السلطات المحلية وعلى رأسها المحافظ ، أو نتيجة لتوجيهات عليا ، لمنع قيام هذه الفعالية ، فالوضع الأمني في حضرموت ليس بتلك الدرجة من السوء ، محافظة عدن التي تتعرض يوميا للاستهداف من قبل قوى الشر والعدوان ، نجحت فيها المليونية نجاحا باهرا ، التي نظمت احتفاءً بالذكرى الثالثة والخمسين لثورة 14 من اكتوبر الخالدة ، الكل كان يتعشم خيرا في السلطة المحلية وعلى رأسها المحافظ ، في احتضان هذه المليونية وحمايتها ، باعتبارهم أبناء هذه المحافظة ويهمهم الجنوب وقضيته ، لكن تهب الرياح بما لاتشتهي السفن كما يقال ، ولسنا في حاجة في هذه المرحلة الحرجة والخطيرة التي تمر بها المحافظة والقضية الجنوبية ، إلى الدخول في مواجهات واحتكاكات ، حيث تزداد الدسائس والإغراءات لتمزيق حضرموت والصف الجنوبي ، حتى يسهل تمرير مشاريع وأجندات ، لاتستجيب لتطلعات أبناء الجنوب وحقهم في تقرير المصير . ففي الوقت الذي تجري فيه تحضيرات واسعة لعقد المؤتمر الحضرمي الشامل ، نرى وفداً من الشخصيات والواجهات الاجتماعية والعلماء، من مديريات الوادي والصحراء يتوجه إلى الرياض ، بطلب من السلطة الشرعية والقيادة السعودية ، وبترتيب من قبل قوى سياسية معينة على ما يبدو ، لأهداف غير معلنة ، ونخشى أن تكون هناك طبخة تعد في الخفاء لتقسيم المحافظة ، ولايستبعد لقاء هذا الوفد برئيس الحكومة ونائب الرئيس الملطخة يداه بدماء الجنوبيين في حرب 94 م ،هذان الرجلان المتهمان بأنهما يقفان وراء معاناة أبناء الجنوب والمناطق المحررة في السلطة الشرعية . حقيقة لست من المتحمسين كثيرا لهذه المليونية ، وإن ٌقدِّرَ لها أن تٌقَام ، سوف تنتهي كما انتهت سابقاتها من المليونيات ، الاحتشاد بشكل كبير في ساحة من الساحات ورفع أعلام التحالف إلى جانب العلم الجنوبي ، ورفع الشعارات والهتافات المؤيدة للحق الجنوبي ، ثم بعد ذلك يعود الجميع كل إلى منطقته هذا ماتعودناه من هذه المليونيات ، وتظل حالة الانقسام والتشرذم قائمة في الجسم الجنوبي ، كل مكون يحاول أن يزايد علينا ويٌظهِر أنه هو المخلص للقضية الجنوبية ، وهو يعي يجيدا أن استمرار هذا التمزق والاختلاف ، هو الذي سيصيب القضية الجنوبية في مقتل ويسهِّل على الأعداء ابتلاعها وتمرير مايريدونه من مشاريع تخدم بقاء نفوذهم وسيطرتهم إلى الأبد . لذلك فأن هذه المليونيات ، لا فائدة منها مطلقا ، مالم تنته بعمل ثوري مشهود ، يؤدي إلى اختيار قيادة موحدة وكيان سياسي موحد كحامل للقضية الجنوبية وممثلها الوحيد ، ينهي حالة التمزق والانقسام إلى الأبد في الجسم الجنوبي المثخن بجراح التآمر والسيارات المفخخة والاغتيالات لكوادره المدنية والعسكرية . وهذا بالفعل سيكون الرد العملي والفعلي لكل التآمر والتجاهل للقضية الجنوبية . القضية الجنوبية تمر في هذه الأيام بفترة خطرة جدا وحرجة ، تتطلب تضافر الجهود ووحدة الصف ، إذ تزداد الضغوطات الدولية والأمريكية على فرض نوع من التسوية وفقا للخريطة الأخيرة التي تقدم بها ابن الشيخ ، وهي أفكار أمريكية في حد ذاتها ، تشرعن الانقلاب وتهيئ لدور مستقبلي للانقلابيين ، في ظل تجاهل كامل للقضية الجنوبية ، وأخطر مافي هذه الخطة ، أنها قد تعمل على تحييد قوات التحالف عسكرياً إذا نجح تطبيقها، وهنا تكمن الخطورة على الجنوب ، إذ سيصبح الجنوب هدفا عسكرياً لهم في ظل دعوات التصالح مع الانقلابيين التي تنطلق من بعض الأطراف المحسوبة على الشرعية وتعثر عملية الحسم ،لا نعرف تحت أي شعار ستكون الحرب القادمة على الجنوب ، حرب 94 م من أجل محارب الشيوعية والشيوعيين ، وحرب 2015 م ضد الدواعش والتكفيريين ، لكن هذه المرة الحرب على الجنوب لن تكون نزهة بالتأكيد ، وستواجه بمقاومة شديدة إذا ما غامر دعاة الوحدة أو الموت ، وسيلقن الغزاة درساً أبلغ من درس عام 2015 .