مخطئ من يعتقد بأن شعب الجنوب تحرر من "فتوى الزنداني" التي حللت دماء أبنائه نظير خروجهم عن طاعة ولي الأمر في بداية مطالبهم الحقة بوطنهم ودولتهم التي انطلقت شرارتها الأولى في 2007م. لقد ظل الدم الجنوبي هو شراب أرضه المفضل، وعلاجها المعهود كلما ثارت فيها حمم الحرية وبراكين الغيرة ونوبات الغضب؛ فمن صيف 1994م إلى يومنا هذا ودماء شعبنا في كل مناطق ومرابع الجنوب تسفك دونما سببا أو ذنب، غير شوق للعودة مجددا إلى حضن دولتهم التي وجدوا فيها من حرية وعدل وأمان ما لم يجدوه يوما في كنف الوحدة المغدورة.
جاء غزو الشمال للجنوب بعد سنوات من التوقيع على اتفاقية الوحدة المشؤومة في 94م، وذهب ضحيته آلاف الأرواح، ثم استمروا في قتلنا طيلة أعوام خلت، وفي بداية مطالبنا ملئوا السجون بالأسرى، ودمروا فوقنا المنازل، وقتلوا كل من تداركتهم رصاصات أسلحتهم وقذائف دباباتهم، ولم تكن الساحات هي المتسع الوحيد للجثث الجنوبية التي تخلفها قوى الاحتلال، بل ارتكبوا مجازر دموية لا زالت فواجعها إلى اليوم، منها مجزرة "مخيم العزاء" في منطقة سناح بالضالع التي تئن جدرانها دون توقف.
وبعد إن تعبت معاولهم من القتل والإبادة، مارسوا حرب التجهيل في محاريب المدارس، وشنوا طرق الاحتكار في خنادق الأسواق، ثم حشدوا قواتهم من مختلف الطوائف وغزونا مرة أخرى في مطلع العام 2015م، وكالعادة لم يخطئوا أهداف مخططاتهم، فقد خلفوا آلاف الشهداء والجرحى.
أما اليوم، وقد يقول كثيرون بأننا أفضل من أي وقت مضى، لا سيما وقد ربحنا معظم أشواط الحرب، إلا أن دماء الجنوبيون لم تحقن بعد، فهناك من جند الشباب الميسورين، وأغراهم بمطالبهم ليزج بهم ك"وقود" لحرب بات تلفظ أنفاسها، وتريد أطراف آخرى إشعالها مجددا، وسقيها بالمزيد من الدماء لتأكل ما تبقى من أطلال.
فما ذنب الدم الجنوبي ليسفك في البقع، ويراق في مأرب، دونما شكر أو عرفان أو صدق في المعاملة، ونسألكم بربكم ما الذي اقترفه شباب الجنوب حتى يتم تأهيلهم وتدريبهم لمعارك قادمة ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل؟!
اتقوا الله في هذا الشعب المظلوم، الذي ضحى عديد مرات بأبنائه فداءً للعبث الذي تختلقه فلولكم، وعلى القادة الجنوبيون أن يتقوا الله في مجنديهم، ويقفوا على الحقيقة التي ينص دستورها على أن أي أرض خذلها أبنائها ستبقى مغتصبه حتى ينصفها الله، وأقصد هنا محافظات الشمال المحتلة.