لطالما كان للقيادة العسكرية الحكيمة الدور الرئيسي في تحقيق أنتصارات على الأرض،فما بالك إن تعلق الأمر بقيادات عسكرية عبقريه غيرت مسار النصر لصالحها بخططها وتكتيكاتها غير المألوف،وهذا ما التطرق له في سرد مقالي الذي يسلط الضوء على عبقرية أحد القادة العسكريين. إن الحرب هذه أسقطت أقنعه كثيرة، وأذابت مساحيق انتهازية (عواجز)قيادة عسكرية وكشفت قشور كثير من الوجوة الجديدة ،والتي سجلها التاريخ أحرف من نور. قد بزغ في الحرب الأخيرة قادة عسكريون غيروا باستراتيجياتهم وخططهم العسكرية مفاهيم الحروب الحديثة، ليوث طوّعت الجبال وكسرت كبريائها وعبرت الاقدام الحافية على حصى وهي شامخة وتجاوزت ورمت نيرانها على معاقل المعتدين القادمين من كهوف مران ومرتفعات صنعاء ،ان العقيدة العسكرية في حب الوطن والأيمان بالقضية التي تقاتل من أجلها في المعركة هي المحرك الأساسي للمقاتل وهي التي ترّسخ الثبات، والقوة، والبسالة، والشجاعة في وجدانه ،أضافة إلى الخبرة والتأهيل والتدريب المسبق، للتعامل مع أي جغرافيا سواء صحراوية أو جبلية، وأضافة إلى ذلك من يمتلكون قناعة ومعتقد مكتمل أنهم القوة الرئيسة، مما يحفزهم عقلياً وجسدياً على بذل جهود أكبر وخاصة أنهم يقاتلون من أجل وطن وقضية عادله لذلك كبدوا الغزاة أكبر الخسائر في الأرواح والمعدات. بالفطرة أستاذة الإدارية والمعرفة العسكرية والجغرافية في الجبال، أسود الملاحم فهم ليسوا مقاتلين فحسب بل ملوك الحرب "إبداع عملياتي-تكتيك عسكري فعال-احترافية وخفه في خوض المعركة-قوة وثبات وصلابه وتأقلم غير مسبوق-أنجازات وأنتصارات تعجز الأقلام ان تكمل وصفها لأن الكلمة بكل جداره في ثغور الجبال وعلى أوشحة رمالها"فمن أبطالها وما هي الاساطير العجيبة؟. العقيد الركن محمد محسن الحالمي المعروف بأبو "بكيل" وهو أحد أهم القادة في تحرير محافظة الضالع ،قائد عسكري من طراز فريد وشريط حياته المهني حافل بمآثر ومواقف قل ان تجد نظيراً لها، بل ان أبرز تجليات وعناوين هذا الشريط هو تميز بالواقف الرجولي والثابت في أدائه وقراراته ومواقفه، وكل ذلك ممزوج بمسحة من الإنسانية والحميمة في التعاطي مع الأخر العسكري أو المدني أو هي السلوكيات التي صيغتها عليه نشأته الريفية في مديرية حالمين-بمحافظة لحج، وبهذه السمات اتصف وعرف بين العامة سواء، حيث بدأ حياته العسكرية عام(1980-1982) عندما التحق بالكلية العسكرية وتخرج بأمتياز، ثم واصل الدراسات العليا في عدن ثم في صنعاء كلية القيادة والأركان في عام(1992)ثم عين قائد اللواء (22-مشاه)في محافظة المهرة، وفي حرب صيف(94)زحف اللواء(22-مشاه)للقتال في جبهة كرش وقاتل ببسالة وشجاعة حتى أنجرح، وبعد النزوح الشهير للقيادات المدنية والعسكرية الجنوبية آثر حرب صيف(94)إلا أنهو قرر البقاء في موطنه مشرد يعيش في الجبال وتاره بالوديان ،وكان أحد مؤسسي حركة موج عام(1996)،ومن مؤسسي الحراك السلمي(2007)،وبصورة أجباريه كواقع قسري فرضه الاحتلال اليمني للجنوب وسياسته الممنهجة في التميز العنصري والتجويع وحرمان الجنوبيين من أبسط حقوق المواطنة، وفي وسط ظروف قاهرة وحالة مليئة بالمعاناة ،حيث تعرض لعدة أغتيالات من قِبل نظام صنعاء بشتى صورها التي قهرتها أرادته الصلبة، و إصراره على مواصلة النضال لتحرير والاستقلال لأرض الجنوب. فالعقيد الركن محمد محسن الحالمي أحد مؤسسي المقاومة الجنوبية تحت قيادة"اللواء الركن عيدروس الزبيدي"وهو أحد القادة الذين ساهموا في تحقيق الأنتصار في محافظة (الضالع) قائد ومخطط رفيع المستوى وضع الخطه الأستراتيجية لتحرير الضالع،الخطه العبقرية والتي اعتمدها قائد المقاومة الجنوبية اللواء الركن"عيدروس الزُبيدي" وأعتبرة بمثابة الملاك المنقذ في عدة مواقف. استدعاه القائد اللواء الركن "عيدروس الزُبيدي" لقيادة رئيس عماليات المقاومة الجنوبية،في حرب الأخيره على الجنوب(20-مارس-2015)فدرس أولاً مدى أحتمالية هجوم الميليشيات الأنقلابيه وكيفية التصدي للعدو،أدرك القائد العقيد الركن "محمد محسن الحالمي"على مواجهة قادمه ،وحث القيادة على أتخاذ تدابير عسكرية وقائية خصوصاً بعد تواصل الحشد العسكري للميليشيات الانقلاب اليمني في المعسكرات. فتم أولاً التصدي للعدو، ثم ساهم بحنكته في تضليل العدو حول الرقم العدد الحقيقي لأفراد المقاومة الجنوبية ،فكان يستخدم الهجوم المفاجئ الصاعق الذي يشل حركة العدو ويربكة، ونتيجة أخطائهم التكتيكية وطول خطوط الأمداد للعدو ،حيث قام بأعداد الخطة العسكرية لتحرير الضالع وأستدعا قيادة الجبهات والمواقع العسكرية لشرح الخطة العسكرية بشكل منظم؛ وأطلاق الهجوم المضاد في ليلة(25-5-2015)على الأعداء أصحاب الفكر الدخيل ،ونجحوا في أبعادهم وتحرير الضالع، ولم يوصل الأمر هنا فحسب بل كانت له بصمات آخرى في تحرير مديرية المسيمير، والعند ،ومكافحة الأرهاب. ثورة كلها حكايا عز وفخار وما زالت ماثلة في الأذهان تروي حكاية الإنسان الجنوبي الذي يرفض الضيم ولا ينام على الذل والمهانة ،ليبقى "أبو بكيل" طوداً يحاكي التاريخ وقلباً نابضاً ليحفر في ذاكرة الأجيال موقع النزال للدفاع عن الدين والوطن.