تشير الدلائل إلى حتمية حدوث جولة ثالثة فيما يسمى الحرب العالمية , فلهجة التصعيد بين الخصمين الروسي والغربي تهيئ لعقد شوط ثالث من الحرب الساخنة والتي لم تكن في حسبان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قط ولا حتى عودة ملامح الحرب الباردة مع روسيا وبالذات مع رئيسها فلاديمير بوتين بناءا على حملته الانتخابية وبرنامجه الذي تضمن التقارب مع روسيا , بل أن فوزه في الانتخابات تعرض للنقد مصحوبا بإشاعات بأنه تحقق بدعم روسي ونتيجة لقرصنة إلكترونية روسية . كل ذلك تبخر بهبة ريح عابرة في سويعات فجر يوم تعيس حملت معها صواريخ توماهوك الأمريكية التي تم إطلاقها من البحرية الأمريكية المنتشرة في البحر الأبيض المتوسط لتدك القاعدة الجوية للنظام السوري في مطار الشعيرات لتأديب نظام الأسد استخدامه السلاح الكيميائي على المواطنين السوريين , ولثنيه عن استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد خصومه أي كانوا وتهديده بمزيد من الزخات الصاروخية إذا لم ينصاع حتى يتم إزاحته ومحاكمته . هذه العملية أثارت حفيظة روسيا وأغضبت رئيسها بوتين لدرجة أنه لم يلتقي وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون أثناء زيارته لموسكو التي اعتبر العملية عدوانا يجب أن لا يتكرر من أمريكا ومن الغرب كافة وأنها ستدافع عن وجودها في سوريا وسترد على أية محاولة أخرى مماثلة وستكسر يدها وظهر من يحملها . إنها مواجهة نارية بالمكشوف بين رئيسين فولاذيين بوتين وترامب لمن له الغلبة ! فالضربة الأمريكية قد وقعت سواء بعلم أو بدون علم روسيا إلا أنها ليست بذلك المستوى الرادع رغم التسعة والخمسين صاروخ توماهوك التي دكت المطار السوري , فلم يسقط نتيجة القصف سوى 6 حراس وهذا لا يشفي الغليل مقارنة بمن سقطوا من الأطفال والأبرياء ضحايا السلاح الكيميائي للنظام الأسدي , وفي نفس الوقت يفتح شهيته لارتكاب مزيدا من الجرائم ويكررها مرات ومرات متجاوزا حدوده إلى ما ورائها طالما المواجهة ستتولاها روسيا وتكون بينها وبين الغرب مع غياب التحقيق في الهجمات الكيميائية وأنه لن تكون هناك نتائج تؤكد ضلوعه فيها , باعتبار الموقف الروسي مريب بالنسبة له ويبدو أن الروس يعملون مع الأمريكان , فهل يعقل أن تواجه روسيا الغرب مواجهة مسلحة وفي أي مكان من أجل سوريا ؟!
العملية أثبتت أن نظام أمريكا مؤسسي يقوده ذات اللوبي الذي يقود الغرب , ونتيجة لها , الشخصية الحديدية للرئيس ترامب هل ستبقى على حالها قوية في المواجهة أم سيخرج من سرب الصقور وينتقل إلى سرب الحمائم ويترك الساحة العالمية لصقور روسيا بقيادة بوتين ؟ّ! بعد الضربة أي تراجع أو تنصل اللوبي عن بعض الخطوات أو ضعف القرارات أو تسويف الإجراءات في سوريا وإيران والمناطق الساخنة الأخرى سيهوي بالموقف الغربي ويضعفه ويقوي الموقف الروسي بقيادة بوتين , ولمنع حدوث ذلك أمر في غاية الأهمية لكنه قد يؤدي إلى احتمال نشوب حرب عالمية ساحتها تكون جميع قارات العالم تلهب بلدانها ولن تقتصر على أوروبا كما في السابق .