في وقت النوائب يتنادى الجنوبيون وتعلو أصواتهم، وهذا شيء جيد، ولكن ........!! الحراك الجنوبي كان قد أوصل القضية الجنوبية إلى العالمية، وأحيى أحلام الجنوبيين في الخلاص من هيمنة صنعاء، ولكن هذا الحراك ما لبث أن أخذ في التشظي والتشرذم، وبالتالي ضياع المشروع الذي يحمله، وضياع الآمال التي بنيت عليه. في هذه الحرب المستمرة، تنادى الجنوبيون وتوحدوا في مقاومة جنوبية باسلة للتصدي لقوات الغزو ودحرها، وتحرير معظم، إن لم يكن كل، أراضي الجنوب. ولكن، ومع أن الحرب مستمرة والتهديد ما زال قائماً، أخذت هذه المقاومة تتفكك وتتحول إلى مليشيات متنافرة ومتناقضة في رؤاها وكذلك في ولاءاتها التي قد تكون لغير الجنوب أحياناً، فتلحق أفدح الضرر بالجنوبيين وقضيتهم، وتبعدهم عن الهدف الذي كان قاب قوسين أو أدنى. واليوم يتنادى الجنوبيون مجدداً، حراك ومقاومة، لمناهضة قرار إقالة محافظ عدن عيدروس الزبيدي؛ فهذا الرجل هو أحد قادة الحراك البارزين، وأحد قادة المقاومة الأبطال. وقد نجح الزبيدي في القضاء على كل أشكال العنف والإرهاب. غير أن القوى التي لم يرق لها هذا ظلت تعمل وبمختلف الوسائل والأساليب للتخلص من الزبيدي، إما بقتله، أو بخلق الأزمات المختلفة واستغلالها لتحريض المواطنين ضده. غير أن المواطنين كانوا يدركون طبيعة تلك الأزمات والقائمين عليها وأهدافها. وقد نجحت تلك القوى أخيراً في استصدار قرار إقالته الذي لا يقوم على مبررات واقعية. حسنة هذا القرار تكمن في لمّ الصف الجنوبي مجدداً، ليس من أجل الزبيدي، ولكن من أجل القضية الجنوبية التي ضعفت مشاعلها، وخفتت أصوات قياداتها، والزبيدي أحدهم. ولكن ماذا بعد هذه الهبة الجديدة، هل هناك مشروع وبرنامج عمل يقربنا من هدفنا الأسمى ويحقق حلمنا الكبير؟ أتمنى، كما يتمنى كل الجنوبيين ذلك؛ نتمنى أن يستمر هذا النشاط وأن يتصاعد ويكبر ويتسع، وأن يستمر التوحد، فلا تتنازعنا الخلافات والاختلافات والمكاسب. إننا بعد كل تلك الوحدة والقوة التي جسدناها من خلال مهرجانات التصالح والتسامح والحراك الجنوبي، ثم المقاومة الجنوبية، نعود إلى نقطة الصفر، فيسودنا التفكك والتشرذم والاختلافات، فهل نسلم هذه المرة من هذا الإرث القاتل، ونتساما فوق كل جراحاتنا واختلافاتنا الحزبية والمناطقية والفكرية؟ كونوا كباراً بكبر قضيتكم، وعلى قدر المسؤولية المناطة بكم، فلا تخذلوا شعب الجنوب مرة أخرى. الأمل كبير في الكل ومن أجل الكل