الدولار الأمريكي يترنح في أسوأ أداء أسبوعي منذ شهور    قرقاش يدعو إلى تغليب الحوار والحلول المتزنة كأساس للاستقرار الإقليمي    خبير طقس يتوقع ارتفاع الرطوبة ويستبعد حدوث الصقيع    إنجاز 5 آلاف معاملة في أسبوع.. كيف سهلت شرطة المرور إجراءات المواطنين؟    ترميم عدد من الشوارع المحيطة بشركة ( يو)    قمة أفريقية..تونس ضد نيجيريا اليوم    تحسن في درجات الحرارة اليوم    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    الولايات المتحدة تعرب عن قلقها إزاء التطورات في جنوب شرق اليمن دون توجيه أي موقف عدائي للجنوب    ناطق التحالف: سنتعامل مع أي تحركات عسكرية للانتقالي تهدد خفض التصعيد    المغرب يتعثر أمام مالي في كأس أمم إفريقيا 2025    ترامب يلتقي زيلينسكي غدا في فلوريدا    موقع إيطالي: اندلاع حرب غير مباشرة بين السعودية والإمارات في اليمن    لماذا يفشل خطاب الوصاية أمام التاريخ الجنوبي؟    خطورة التحريض على القوات الأمنية في حضرموت    تجدد المعارك الطاحنة بين ادوات العدوان في حضرموت    موقف صنعاء من تفاقم الصراع في حضرموت    لمن يريد تحرير صنعاء: الجنوب أتخذ قراره ولا تراجع عنه.. فدعوه وشأنه لتضمنوا دعمه    جُمعة رجب.. حين أشرق فجر اليمن الإيماني    الكيان يكشف سر الاعتراف بأرض الصومال    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    العليمي يقدّم طلبًا للتحالف بشأن الأوضاع في حضرموت    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    شاهد / حضور كبير لاحياء جمعة رجب في جامع الجند بتعز    السيّد القائد يحذر من تحركات "طاغوت العصر"    التعادل يحسم مواجهة أنجولا وزيمبابوي في كأس أمم إفريقيا    الذهب يقفز لمستوى قياسي جديد    ندبة في الهواء    الرئيس المشاط يعزي عضو مجلس النواب علي الزنم في وفاة عمه    ريال مدريد يدرس طلب تعويضات ضخمة من برشلونة    مقتل مهاجر يمني داخل سجن في ليبيا    خلال يومين.. جمعية الصرافين بصنعاء تعمم بإعادة ووقف التعامل مع ثلاثة كيانات مصرفية    سوريا.. قتلى وجرحى في تفجير داخل مسجد في حمص    الصحفية والمذيعة الإعلامية القديرة زهور ناصر    كتاب جديد لعلوان الجيلاني يوثق سيرة أحد أعلام التصوف في اليمن    البنك المركزي بصنعاء يحذر من شركة وكيانات وهمية تمارس أنشطة احتيالية    صنعاء توجه بتخصيص باصات للنساء وسط انتقادات ورفض ناشطين    فقيد الوطن و الساحة الفنية الدكتور علوي عبدالله طاهر    حضرموت تكسر ظهر اقتصاد الإعاشة: يصرخ لصوص الوحدة حين يقترب الجنوب من نفطه    الرشيد تعز يعتلي صدارة المجموعة الرابعة بعد فوزه على السد مأرب في دوري الدرجة الثانية    البنك المركزي اليمني يحذّر من التعامل مع "كيو نت" والكيانات الوهمية الأخرى    لحج.. تخرج الدفعة الأولى من معلمي المعهد العالي للمعلمين بلبعوس.    المحرّمي يؤكد أهمية الشراكة مع القطاع الخاص لتعزيز الاقتصاد وضمان استقرار الأسواق    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    ميسي يتربّع على قمة رياضيي القرن ال21    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنوب واحد وآراء متعددة
نشر في حياة عدن يوم 29 - 09 - 2012

كما للطبيعة قوانين خاصة تحكمها وتضبط ايقاعها فإن للمجتمع والفكر نفس القوانين العامة ايضا.. قيل في الفلسفة اننا نهدف من التفلسف إلى محاولة فهم القوانين العامة التي تحكم الطبيعة والمجتمع والفكر للاستفادة من تلك القوانين والسير في المجرى العام والطبيعي للتطور حتى لا نبحر عكس التيار ونتعثر. يقول الفارابي "الفلسفة حدها وماهيتها، أنها العلم بالموجودات بما هو موجود".
لكل شيء مكونات واعمدة وبنيان وتؤلف مع بعضها مجتمعة قوام ووجود هذا الشيء واي غياب لوجود أحد الأعمدة سيشكل دون شك إن عاجلا ام اجلا خللا في بنيان الشيء ذاته. هي الحكمة والناموس الذي به اوجد الله الاشياء وجعلها متعددة فللزمان ابعاد ثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل جميع هذه الابعاد مرتبطة ببعضها بل ومتداخلة في الاسباب والنتائج. وللمكان أبعاد ثلاثة ايضا طول وعرض وارتفاع ولايمكن لأي جسم ان يكون خارج إطار هذه الأبعاد الثلاثة.
التعددية والاختلاف والتنوع سنه كونية فطرنا عليها ولاسبيل لاعتراضها او إنكارها فهي موجودة خارج وعينا ولاتتعارض مع المفهوم الإيجابي للوحدة بل انها لازمة لها فلا وحدة بدون تعدد لأن الواحد لا يوحد بالضرورة.
التعدد في الطبيعة يقابلها تعدد في المجتمعات وتعدد في الفكر والثقافة وكلها تشترك في إطار وحدة مادية اكبر تسمى وحدة الكون ووحدة القوانين التي تعبر جميعها عن احادية الخالق. قال تعالى " " وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ " (الروم:22
" لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ "المائدة48 . وقد اجمعت الفلسفات الهندية والإغريقية وغيرها على حقيقة وحدة الوجود وما تعددية واختلاف الأشياء إلا تعبيرا عن وحدتها.
لست بصدد استعراض درس في الفلسفة لكني وددت فقط ان اقدم محاولة لتأصيل فلسفي وفكري لمفهوم الوحدة بمعناها المجرد علنا نتمكن من اسقاط ذلك على مفهومنا لوحدة قوى الثورة في الجنوب ومكونات الحراك الجنوبي الذي يتكلم عنها الكل ويعمل على تمزيقها دعاة الوحدة أنفسهم بسبب فهمهم الخاطئ لها.
التعدد في المكونات السياسية والاجتماعية الجنوبية شيء طبيعي يعكس في داخله الطبيعة التعددية للمجتمع الجنوبي حتى وإن لم تبد الأشياء متميزة تعبر فعلا عن وجود التعدد المجتمعي كان نقول التعدد الاثني او الطبقي او الطائفي وهي جميعها غير موجود في المجتمع الجنوبي ولهذا نرى الأشياء متشابهة فلا نكاد نميز بين المكونات في اهدافها ومنطلقاتها. في ظني أن التعدد الموجود يعكس بداخلة خلفيات سياسية ومناطقية اكثر من أي شيء آخر فالصراعات المدمّرة التي شهدها الجنوب في حقبة العهد الشمولي تركت اثارها ومازلنا ننوء بحملها على كاهلنا كثقافة وكأشخاص كليهما مازالا حاضران في المشهد السياسي ولا مناص من التعامل معهما كحقيقة لا مفر منها.
بالعودة إلى مقدمة المقال حول أهمية فهم قوانين التطور الاجتماعي يأتي هنا الدور المنوط بالنخبة السياسية الجنوبية وصناع القرار السياسي او لنقل العقل السياسي للثورة الجنوبية في سبر غور الأحداث والمستجدات المحيطة بنا والتعرف عن قرب على ماهية التعدد والاختلاف الملازم لنا كي نجد السبيل الأمثل للتعاطي مع الواقع دون تعسف للوصول إلى الهدف الذي ننشده وهو تحقيق وحدة التعدد وادارة الاختلاف بشكل سليم وهو ما يتطلب فهمه اولا وعدم نكرانه او محاولة تجاهله أو اقصاء أيا منه ثانيا, مهما يكن المبرر الذي ربما نفتعله بدافع الخوف والحرص بأننا فقط نحن الحارسون على مصالح الوطن ونحن القابضون على الجمر وما عدانا سيفرطون بمصالحه العليا. ثقافة الأنا المناضل والثوري والمخلص هي ثقافة شمولية تبدأ بالإقصاء للآخر وتنتهي بالتكفير له وتؤدي إلى نحر المجتمع برمته وتدميره لأن حلقة الصراع القائمة على فكرة الأنا ,التي تفترض وجود خصم مقابل تضيق كل يوم مع استبعاد الخصوم للبحث عن خصوم جدد من داخل الدائرة حتى تأتي على نفسها مثل النار التي تأكل كل ما حولها ومن ثم تأكل نفسها حتى تهمد" لا داعي لاستعراض تاريخ الجنوب الحديث وما آل إليه استبعاد الجبهة القومية للقوى الوطنية الأخرى حتى انتهى الآمر بصراع مرير داخل جسد الجبهة القومية نفسها قضى على الأخضر واليابس وكان من نتيجته ضياع وطن برمته.
اليوم لا نريد ان نكرر نفس الخطأ او سوء الفهم والوقوع في شر أعمالنا فلا نستبعد ان يؤدي جهلنا بأنفسنا وبما حولنا إلى ضياع ثورة ووطن في آن واحد. المأساة ستتكرر وبأيدينا جميعا دون أن نحملها اشخاص بيعنهم كما يظن البعض أو كما يريدوا لان هذا ايضا مبدأ شمولي آخر سيؤدي بنا إلى التكفير لبعضنا والصراع المدمر والخاسر دون شك سنكون جميعنا.
ما نراه اليوم من صراع وتفكك في مكونات الثورة الجنوبية الذي بدأ تحت يافطة المشاريع المختلفة الفيدرالية والاستقلال وأنتهى إلى صراع تكفيري وتدميري بين ما يسمى بقوى الاستقلال وسنجد انفسنا في نهاية المطاف نخوض حربا أشبه بحرب الفئران تأكل بعضها حتى الموت. وما يحيرني هو الحديث عن الوحدة الوطنية الجنوبية وحصرها في اطار قوى الاستقلال وهو امر غير منطقي إلى حد كبير. فإذا كانت كلها تدعي انها مع مشروع الاستقلال فلماذا هي غير موحدة وما الداعي لوجود هذا الصراع المرير فيما بينها. ولا اخفي ان الطعنة الأخطر التي وجهت لأول مكون جنوبي يرفع شعار الإستقلال"تاج" سددت لنا من قبل أدعياء الاستقلال "بشيك" كان يمكن أن يعالج به كثير من الجرحى ويتكفل بعدد كبير من اسر الشهداء. لابد ان في الأمر شيء فليس كل من يرفع شعار الاستقلال استقلالي. سأحاول هنا تجنب اي "شخصنة" للمشكلة حتى لا ننتصر لطرف على آخر او نقف إلى جانب مشروع دون آخر رغم أني مع الاستقلال وسأظل على هذا حتى نستعيد الحق كاملا وغير منقوص, لكن اود ان اشير إلى ما أعتقد به ان ثقافة الشمولية والديكتاتورية والتكفير وحب الكراسي مازالت تتحكم بسلوك ووجدان أغلب القيادات السابقة للحزب الاشتراكي ومازال الكثير منا يشارك بشكل او بآخر سواءا في صناعة الطواغيت او في الاتكالية والبحث عن الحلول السحرية ومن ثم الولاء السلبي.. ربما البعض يفعل ذلك عن عجز وعن جبن وبدافع التشبث بأشياء وهمية تجعل من صاحبها يمني نفسه بأحلام اليقظة أوما زالت في مخيلة البعض ان هؤلاء القيادات هم الذين سيحققون لنا الاستقلال دون النظر للماضي وكيف ضاع وطن ودولة كانت تملئ الدنيا ضجيجا من بين ايديهم وكيف فشلوا في إدارة ما هو موجود ومنظم ولا نقول فشلوا في البناء لأن هذا أكبر من أن نطمح إليه في ظل وجود ثقافة الأنا الثوري وما عداي عملاء. انا هنا لا أحمل وزر كل هذا اشخاص معينين بل اننا مازلنا نشارك اليوم بقوة في إعادة صناعة الكوارث واخطرها تقديس القيادات والولاء لهم رغم ان وجودهم في واجهة المشهد لا يخدم القضية ولم يخدموها باي حال بل انهم يحاولون جرنا لمربعات الماضي المأساوي وسيؤدي ذلك إلى حتف الثورة لامحالة.
لنبدأ اولا في التأصيل لمفهوم الوحدة الوطنية الجنوبية وتثقيف انفسنا بهذا الفهم لنعكسه في سلوك واعي يخدم المصلحة العليا لكل ابناء الجنوب وطنا وثورة فالكل سيدفع الثمن والكل خاسر وما ندفعه اليوم من أخطاء ارتكبها البعض لن يكون مختلفا عما سندفعه في المستقبل بل وافدح بكثير إذا استمرينا في التمسك بثقافة الأنا الثوري.
لندع المؤتمرات التي تسمي نفسها جنوبية تعقد دون عداء منا ودون ضجيج ولندع الشرعيين والممثل الوحيد والثائر الأوحد والقائد والهمام وغيرهم من رفاق المجازر والكوارث يقولون ما يريدون دون ان نلتفت لهم حتى يصحون من سكرتهم ولنبدأ بتجميع قوانا جميعا وندعوهم والجميع للحوار الوطني الجنوبي الجنوبي ولنبدأ بالأخوة الجنوبيين المشاركين في سلطات الاحتلال فإذا هناك من اولوية يمكن لنا ان نحددها في الحوار الجنوبي فهي الحوار مع الجنوبيين "شركاء سلطات الاحتلال". كلنا معنيين وكلنا جنوبيين وكلنا شركاء في الوطن الكل سيكسب او سيخسر. لنبدأ بتشكيل اللجان التي تدير الحوار بين مختلف اوساط الجنوبيين دون استثناء في الداخل والخارج تنفذ مهماتها في كل مكان في الجنوب وتصل لكل جنوبي حتى تتبلور رؤية واضحة واتفاقات مشتركة تعبر عن قناعات مختلف الاطراف للذهاب باتجاه تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر الوطني الجنوبي المعبر عن الكل في وحدة واحدة تجمع كل اطيافنا وتعددنا.
لا سبيل لإلغاء احد او اقصاء احد تحت أي مبرر كان ولتبقى القيادات والرموز السابقة وغيرهم مساهمة في الفعل العام دون تفرد او تقديس او توريث وليختار مؤتمر الجنوبيين قيادته ممن هم اكثر نفعا وفائدة لمصلحة القضية والثورة والمرحلة.
ربما البعض سيقول كيف سنتوحد ولدينا مشاريع مختلفة واشخاص متناحرة. والإجابة تكمن في اننا حتى اللحظة لم ندر حوار جنوبي جنوبي حتى بحده الأدنى. لا نريد ان نلتفت إلى الحوارات الشخصية التي دارت هنا وهناك فهي شخصية اكثر منها وطنية شملت وحصرت بين من يظنوا انهم الاجدر والأكفأ والاحق بالتفرد بقيادة الوطن والحمد لله ان المعجزة لم تحصل وانها لم تثمر و إلا لاستفحل الشر واحدق بنا الخطر.
لندعو الجميع ممن يبددون الثروات على كسب الولاء وطباعة الصور واقامة مهرجانات المديح واستعراض القوة لأن يسخروا هذه الأموال الجنوبية في معركة الحوار الوطني ونبدأ جميعا في الخوض في الحوار واقناع الكل بالمشاركة ولايهمنا إذا شذ القليل أو رفض المشاركة لمصالح شخصية او لأي سبب كان فهناك سبب وجيه وقوي يدعونا لأن نقبل ببعضنا لأننا سنغرق جميعا واولهم اولئك المشاركون في السلطة ولا داعي نذكر بأنهم اول المطلوبين فذلك معلوم لنا ولهم. الكل في قارب واحد ونحن في مرحلة ثورة وصراع من اجل البقاء ليس فيها منافع او امتيازات بل هي مرحلة تضحية وايثار واوجه الرسالة لكل الذين فجروا الثورة والذين يقدمون الرتل تلو الآخر من الشهداء والذين يكابدون الظلم والجوع والقهر وهم اكثر من خمسة وتسعون بالمائة من ابناء الجنوب فهم القادرون مثلما اذهلوا العالم بهذه الثورة السلمية العصية على الكسر ايضا على ان يذهبوا باتجاه مؤتمر وطني جنوبي يفرز قيادة وطنية تتصدى باقتدار لمهام المرحلة. ومازال السؤال قائما كيف سنتوحد مع اطراف تطرح مشروع الفدرالية الغير ممكنة التي يظن الأغلب انه تفريط بحق الجنوب وانا منهم بل ومع اطراف مازالت تشارك في سلطة تحتل بلدنا وما فتئت تمارس ضدنا سياسة الإبادة عبر القتل والتجويع والقهر.
إن الإجابة حاضرة وقوية ومقنعه ووجيهة لكننا لم نجلس بعد للحوار مع بعضنا لنسمعها بعضنا وهذا هو الخطأ لأننا بدأنا بالسباق على الرئاسة والقيادة والريادة والزعامة لشيء مازال غير موجود. لنبدأ بالحوار جميعا بدون استثناء ومن يرفض المشاركة في الحوار فهو حق له وحجة عليه لأننا لن ننتصر في هذه المرحلة بالذات إلا اذا اشتركنا جميعا في صناعة رؤية موحدة واتفاقات مشتركة وخاصة الأخوة المشاركين في السلطة وهم الأهم. لن ننتصر بتيار واحد وزعيم واحد إذا كنا في حالة صراع لان هذا سيفتح الباب على مصراعيه لا عداءنا وسيمكنهم من تفتيت قوى الثورة والإجهاز عليها واول من سيدفع الثمن هم المشاركين في السلطة اليوم. لا حديث عن مصالح شخصية او عن منافع آنية او مشاريع عند الوقوف امام مصير وطن ومستقبل ووجود شعب. لتكون مهمة مرحلة الحوار في الإجابة على السؤال كيف سنتوحد ونحن مختلفون. لا ندعو لإلغاء أي مكون صغر ام كبر ولا ندعو لإقصاء أي قيادي تحججا بماضية ولا سبيل للتمترس وليس مبررا أن لا نأت في جبهة واحدة ونحن متعددون. مهمة الحوار الوطني الإجابة على السؤال عبر انجاز اربع قضايا رئيسة وهي:
اولا: بلورة الوعي الوطني لمفهوم الوحدة الوطنية الجنوبية القائمة على التعدد والتنوع كشرط لازم لانتصار الثورة واستعادة الحق الجنوبي وهو امر لا يختلف عليه الكل وإن شذ عنه قليلون فلا ضير من ذلك وهم في ضني اولئك الذين لديهم خوف من انهم لن يحضون بمراتب قيادية اومن ستتعرض امتيازاتهم للضياع عبر زحزحتهم من الواجهة السياسية او لأسباب اخرى لامجال لشرحها فبيننا من يعمل بالمال ضد وطنه وهو أمر بديهي.
ثانيا: تعميق مبدا التصالح والتسامح وتحويلة إلى مشروع وطني قائم على اسس علمية وقانونية وإخلاقية سليمة فما جرى حتى اللحظة في هذا المضمار شيء ايجابي وايجابي جدا لكنه غير كاف ولن يحمينا من اثار الصراعات الماضية عبر تسطيح هذا المبدأ وابهاته وعدم وضع الضمانات الكافية لنجاحه.
ثالثا: حسم مسألة الخلاف في الرؤى عبر ايجاد آلية عمل واضحة تمكن الشارع الجنوبي من اختيار مشروعه وبرنامجه وتحديد مستقبله والاتفاق على أن لاشرعية لأي حزب او مجموعة او شخصية في ان يقرر نيابة عن شعب الجنوب او ينصّب نفسه وصيا عليه او يتحدث باسمه دون تفويض وهو أمر يجب ان لا نختلف عليه وهنا نؤكد ان لاشرعية لأحد كان من كان مكونا او اشخاص في التحدث نيابة عن شعب الجنوب وان من يمارس هذا هم من يسعون اليوم إلي تمزيق وحدة الصف الجنوبي ووأد الثورة بقصد او بدون قصد. وهنا نحتكم في علاقتنا مع بعضنا بقواعد العمل السياسي الجبهوي دون اقصاء لأحد او لأفكار لكن في الأخير يجب ان نتوحد تحت مظلة المبادئ والأهداف الرئيسة التي يقررها ويرضى عنها شعب الجنوب, ويبقى الحق مكفول لكل من يحمل فكرا مغايرا ان يسعى بكل السبل لبلورة رأيه وتقديم نفسه لشعب الجنوب فربما تتغير الظروف ويصبح رأيه الأصلح والأنفع. أما الحديث والتمترس خلف الأفكار والآراء التي تدعي انها الأصلح وهي الممكنة كمبرر لتجاوز إرادة الشارع فهذا أمر مرفوض ولن تحقق لنا مانريد بل ستؤدي إلى الاقتتال الجنوبي الجنوبي وسيرتكب اصحابها جرما اكبر واعظم من جرائم تمزيق الجنوب وتسليمة لعصابة صنعاء عام 1990م.
رابعا: بلورة رؤية واضحة وتوافقية لماهية المستقبل الجنوبي وهو أمر بالغ الأهمية ليس لعدد من القوى والفئات التي مازالت تتخوف من عودة شبح الاشتراكي والديكتاتورية التي مازال شبحها يطل علينا من عدد من النوافذ والشقوق هذا من جانب ومن جانب آخر ايضا بلورة رؤية ومبادئ اساسية واضحة للمستقبل تتعاطي مع الشأن الجنوبي بخصوصياته وحيثياته دون تعسف او تكرار للمآسي يجعل من الجميع شركاء في وطن موحد دون طغيان لأحد او تغول او استئثار وهو أمر يطمئن الجميع ويخلق السكينة والسلام الذي يجلب معه الرزق والرأسمال والتنمية التي تجلب المنفعة والرفاهية لكل جنوبي وليس النموذج الخليجي بعيدا عنا.
هكذا علينا ان نعطي الحوار مداه وهو الأصعب والأكثر مشقة في المهام المنتصبة امامنا وما المؤتمر الوطني الجنوبي إلا المحطة الأخيرة في مسيرة الحوار الوطني الذي لن نذهب له إلا بعد ان يتم الاتفاق والتوافق على القضايا الاربع الأكثر ضرورة بين غيرها. أما الذهاب للمؤتمر هكذا على عجل فمصيره الفشل وسيصيبنا بالخيبة والإحباط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.