صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    الأرصاد يحذر من تدني الرؤية الأفقية والصواعق الرعدية وعبور الجسور الأرضية    لماذا تظل عدن حقل تجارب في خدمة الكهرباء؟!    ميناء الحديدة يستأنف أعماله    صنعاء .. الافراج عن موظف في منظمة دولية اغاثية    مطار صنعاء "خارج الخدمة".. خسائر تناهز 500 مليون دولار    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    إتلاف 600 لغم وعبوة ناسفة من مخلفات مليشيا الحوثي الإرهابية بشبوة    المرتزقة يستهدفون مزرعة في الجراحي    ناطق الحكومة : اتفاق وقف العدوان الأمريكي انتصار كبير لأحرار اليمن    الامارات تقود مصالحة سورية صهيونية    السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" يطلق سلسلة بطولات عالمية جديدة ل"جولف السيدات"    قالوا : رجاءً توقفوا !    لوموند الفرنسية: الهجمات اليمنية على إسرائيل ستستمر    الكهرباء أداة حصار.. معاناة الجنوب في زمن الابتزاز السياسي    باريس سان جيرمان يبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    التفاهم بين الحوثيين وأمريكا يضع مسألة فك إرتباط الجنوب أمر واقع    بعد "إسقاط رافال".. هذه أبرز منظومات الدفاع الجوي الباكستاني    الذكرى الثانية للتوقيع على الميثاق الوطني الجنوبي    عدن تنظر حل مشكلة الكهرباء وبن بريك يبحث عن بعاسيس بن دغر    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    باجل حرق..!    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    التصعيد العسكري بين الهند وباكستان يثير مخاوف دول المنطقة    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    استشهاد امرأة وطفلها بقصف مرتزقة العدوان في الحديدة    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    سيول الأمطار تغمر مدرسة وعددًا من المنازل في مدينة إب    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    الزمالك المصري يفسخ عقد مدربه البرتغالي بيسيرو    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    حادث غامض جديد على متن حاملة الطائرات الأمريكية ترومان بالبحر الأحمر    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنوب واحد وآراء متعددة
نشر في حياة عدن يوم 29 - 09 - 2012

كما للطبيعة قوانين خاصة تحكمها وتضبط ايقاعها فإن للمجتمع والفكر نفس القوانين العامة ايضا.. قيل في الفلسفة اننا نهدف من التفلسف إلى محاولة فهم القوانين العامة التي تحكم الطبيعة والمجتمع والفكر للاستفادة من تلك القوانين والسير في المجرى العام والطبيعي للتطور حتى لا نبحر عكس التيار ونتعثر. يقول الفارابي "الفلسفة حدها وماهيتها، أنها العلم بالموجودات بما هو موجود".
لكل شيء مكونات واعمدة وبنيان وتؤلف مع بعضها مجتمعة قوام ووجود هذا الشيء واي غياب لوجود أحد الأعمدة سيشكل دون شك إن عاجلا ام اجلا خللا في بنيان الشيء ذاته. هي الحكمة والناموس الذي به اوجد الله الاشياء وجعلها متعددة فللزمان ابعاد ثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل جميع هذه الابعاد مرتبطة ببعضها بل ومتداخلة في الاسباب والنتائج. وللمكان أبعاد ثلاثة ايضا طول وعرض وارتفاع ولايمكن لأي جسم ان يكون خارج إطار هذه الأبعاد الثلاثة.
التعددية والاختلاف والتنوع سنه كونية فطرنا عليها ولاسبيل لاعتراضها او إنكارها فهي موجودة خارج وعينا ولاتتعارض مع المفهوم الإيجابي للوحدة بل انها لازمة لها فلا وحدة بدون تعدد لأن الواحد لا يوحد بالضرورة.
التعدد في الطبيعة يقابلها تعدد في المجتمعات وتعدد في الفكر والثقافة وكلها تشترك في إطار وحدة مادية اكبر تسمى وحدة الكون ووحدة القوانين التي تعبر جميعها عن احادية الخالق. قال تعالى " " وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ " (الروم:22
" لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ "المائدة48 . وقد اجمعت الفلسفات الهندية والإغريقية وغيرها على حقيقة وحدة الوجود وما تعددية واختلاف الأشياء إلا تعبيرا عن وحدتها.
لست بصدد استعراض درس في الفلسفة لكني وددت فقط ان اقدم محاولة لتأصيل فلسفي وفكري لمفهوم الوحدة بمعناها المجرد علنا نتمكن من اسقاط ذلك على مفهومنا لوحدة قوى الثورة في الجنوب ومكونات الحراك الجنوبي الذي يتكلم عنها الكل ويعمل على تمزيقها دعاة الوحدة أنفسهم بسبب فهمهم الخاطئ لها.
التعدد في المكونات السياسية والاجتماعية الجنوبية شيء طبيعي يعكس في داخله الطبيعة التعددية للمجتمع الجنوبي حتى وإن لم تبد الأشياء متميزة تعبر فعلا عن وجود التعدد المجتمعي كان نقول التعدد الاثني او الطبقي او الطائفي وهي جميعها غير موجود في المجتمع الجنوبي ولهذا نرى الأشياء متشابهة فلا نكاد نميز بين المكونات في اهدافها ومنطلقاتها. في ظني أن التعدد الموجود يعكس بداخلة خلفيات سياسية ومناطقية اكثر من أي شيء آخر فالصراعات المدمّرة التي شهدها الجنوب في حقبة العهد الشمولي تركت اثارها ومازلنا ننوء بحملها على كاهلنا كثقافة وكأشخاص كليهما مازالا حاضران في المشهد السياسي ولا مناص من التعامل معهما كحقيقة لا مفر منها.
بالعودة إلى مقدمة المقال حول أهمية فهم قوانين التطور الاجتماعي يأتي هنا الدور المنوط بالنخبة السياسية الجنوبية وصناع القرار السياسي او لنقل العقل السياسي للثورة الجنوبية في سبر غور الأحداث والمستجدات المحيطة بنا والتعرف عن قرب على ماهية التعدد والاختلاف الملازم لنا كي نجد السبيل الأمثل للتعاطي مع الواقع دون تعسف للوصول إلى الهدف الذي ننشده وهو تحقيق وحدة التعدد وادارة الاختلاف بشكل سليم وهو ما يتطلب فهمه اولا وعدم نكرانه او محاولة تجاهله أو اقصاء أيا منه ثانيا, مهما يكن المبرر الذي ربما نفتعله بدافع الخوف والحرص بأننا فقط نحن الحارسون على مصالح الوطن ونحن القابضون على الجمر وما عدانا سيفرطون بمصالحه العليا. ثقافة الأنا المناضل والثوري والمخلص هي ثقافة شمولية تبدأ بالإقصاء للآخر وتنتهي بالتكفير له وتؤدي إلى نحر المجتمع برمته وتدميره لأن حلقة الصراع القائمة على فكرة الأنا ,التي تفترض وجود خصم مقابل تضيق كل يوم مع استبعاد الخصوم للبحث عن خصوم جدد من داخل الدائرة حتى تأتي على نفسها مثل النار التي تأكل كل ما حولها ومن ثم تأكل نفسها حتى تهمد" لا داعي لاستعراض تاريخ الجنوب الحديث وما آل إليه استبعاد الجبهة القومية للقوى الوطنية الأخرى حتى انتهى الآمر بصراع مرير داخل جسد الجبهة القومية نفسها قضى على الأخضر واليابس وكان من نتيجته ضياع وطن برمته.
اليوم لا نريد ان نكرر نفس الخطأ او سوء الفهم والوقوع في شر أعمالنا فلا نستبعد ان يؤدي جهلنا بأنفسنا وبما حولنا إلى ضياع ثورة ووطن في آن واحد. المأساة ستتكرر وبأيدينا جميعا دون أن نحملها اشخاص بيعنهم كما يظن البعض أو كما يريدوا لان هذا ايضا مبدأ شمولي آخر سيؤدي بنا إلى التكفير لبعضنا والصراع المدمر والخاسر دون شك سنكون جميعنا.
ما نراه اليوم من صراع وتفكك في مكونات الثورة الجنوبية الذي بدأ تحت يافطة المشاريع المختلفة الفيدرالية والاستقلال وأنتهى إلى صراع تكفيري وتدميري بين ما يسمى بقوى الاستقلال وسنجد انفسنا في نهاية المطاف نخوض حربا أشبه بحرب الفئران تأكل بعضها حتى الموت. وما يحيرني هو الحديث عن الوحدة الوطنية الجنوبية وحصرها في اطار قوى الاستقلال وهو امر غير منطقي إلى حد كبير. فإذا كانت كلها تدعي انها مع مشروع الاستقلال فلماذا هي غير موحدة وما الداعي لوجود هذا الصراع المرير فيما بينها. ولا اخفي ان الطعنة الأخطر التي وجهت لأول مكون جنوبي يرفع شعار الإستقلال"تاج" سددت لنا من قبل أدعياء الاستقلال "بشيك" كان يمكن أن يعالج به كثير من الجرحى ويتكفل بعدد كبير من اسر الشهداء. لابد ان في الأمر شيء فليس كل من يرفع شعار الاستقلال استقلالي. سأحاول هنا تجنب اي "شخصنة" للمشكلة حتى لا ننتصر لطرف على آخر او نقف إلى جانب مشروع دون آخر رغم أني مع الاستقلال وسأظل على هذا حتى نستعيد الحق كاملا وغير منقوص, لكن اود ان اشير إلى ما أعتقد به ان ثقافة الشمولية والديكتاتورية والتكفير وحب الكراسي مازالت تتحكم بسلوك ووجدان أغلب القيادات السابقة للحزب الاشتراكي ومازال الكثير منا يشارك بشكل او بآخر سواءا في صناعة الطواغيت او في الاتكالية والبحث عن الحلول السحرية ومن ثم الولاء السلبي.. ربما البعض يفعل ذلك عن عجز وعن جبن وبدافع التشبث بأشياء وهمية تجعل من صاحبها يمني نفسه بأحلام اليقظة أوما زالت في مخيلة البعض ان هؤلاء القيادات هم الذين سيحققون لنا الاستقلال دون النظر للماضي وكيف ضاع وطن ودولة كانت تملئ الدنيا ضجيجا من بين ايديهم وكيف فشلوا في إدارة ما هو موجود ومنظم ولا نقول فشلوا في البناء لأن هذا أكبر من أن نطمح إليه في ظل وجود ثقافة الأنا الثوري وما عداي عملاء. انا هنا لا أحمل وزر كل هذا اشخاص معينين بل اننا مازلنا نشارك اليوم بقوة في إعادة صناعة الكوارث واخطرها تقديس القيادات والولاء لهم رغم ان وجودهم في واجهة المشهد لا يخدم القضية ولم يخدموها باي حال بل انهم يحاولون جرنا لمربعات الماضي المأساوي وسيؤدي ذلك إلى حتف الثورة لامحالة.
لنبدأ اولا في التأصيل لمفهوم الوحدة الوطنية الجنوبية وتثقيف انفسنا بهذا الفهم لنعكسه في سلوك واعي يخدم المصلحة العليا لكل ابناء الجنوب وطنا وثورة فالكل سيدفع الثمن والكل خاسر وما ندفعه اليوم من أخطاء ارتكبها البعض لن يكون مختلفا عما سندفعه في المستقبل بل وافدح بكثير إذا استمرينا في التمسك بثقافة الأنا الثوري.
لندع المؤتمرات التي تسمي نفسها جنوبية تعقد دون عداء منا ودون ضجيج ولندع الشرعيين والممثل الوحيد والثائر الأوحد والقائد والهمام وغيرهم من رفاق المجازر والكوارث يقولون ما يريدون دون ان نلتفت لهم حتى يصحون من سكرتهم ولنبدأ بتجميع قوانا جميعا وندعوهم والجميع للحوار الوطني الجنوبي الجنوبي ولنبدأ بالأخوة الجنوبيين المشاركين في سلطات الاحتلال فإذا هناك من اولوية يمكن لنا ان نحددها في الحوار الجنوبي فهي الحوار مع الجنوبيين "شركاء سلطات الاحتلال". كلنا معنيين وكلنا جنوبيين وكلنا شركاء في الوطن الكل سيكسب او سيخسر. لنبدأ بتشكيل اللجان التي تدير الحوار بين مختلف اوساط الجنوبيين دون استثناء في الداخل والخارج تنفذ مهماتها في كل مكان في الجنوب وتصل لكل جنوبي حتى تتبلور رؤية واضحة واتفاقات مشتركة تعبر عن قناعات مختلف الاطراف للذهاب باتجاه تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر الوطني الجنوبي المعبر عن الكل في وحدة واحدة تجمع كل اطيافنا وتعددنا.
لا سبيل لإلغاء احد او اقصاء احد تحت أي مبرر كان ولتبقى القيادات والرموز السابقة وغيرهم مساهمة في الفعل العام دون تفرد او تقديس او توريث وليختار مؤتمر الجنوبيين قيادته ممن هم اكثر نفعا وفائدة لمصلحة القضية والثورة والمرحلة.
ربما البعض سيقول كيف سنتوحد ولدينا مشاريع مختلفة واشخاص متناحرة. والإجابة تكمن في اننا حتى اللحظة لم ندر حوار جنوبي جنوبي حتى بحده الأدنى. لا نريد ان نلتفت إلى الحوارات الشخصية التي دارت هنا وهناك فهي شخصية اكثر منها وطنية شملت وحصرت بين من يظنوا انهم الاجدر والأكفأ والاحق بالتفرد بقيادة الوطن والحمد لله ان المعجزة لم تحصل وانها لم تثمر و إلا لاستفحل الشر واحدق بنا الخطر.
لندعو الجميع ممن يبددون الثروات على كسب الولاء وطباعة الصور واقامة مهرجانات المديح واستعراض القوة لأن يسخروا هذه الأموال الجنوبية في معركة الحوار الوطني ونبدأ جميعا في الخوض في الحوار واقناع الكل بالمشاركة ولايهمنا إذا شذ القليل أو رفض المشاركة لمصالح شخصية او لأي سبب كان فهناك سبب وجيه وقوي يدعونا لأن نقبل ببعضنا لأننا سنغرق جميعا واولهم اولئك المشاركون في السلطة ولا داعي نذكر بأنهم اول المطلوبين فذلك معلوم لنا ولهم. الكل في قارب واحد ونحن في مرحلة ثورة وصراع من اجل البقاء ليس فيها منافع او امتيازات بل هي مرحلة تضحية وايثار واوجه الرسالة لكل الذين فجروا الثورة والذين يقدمون الرتل تلو الآخر من الشهداء والذين يكابدون الظلم والجوع والقهر وهم اكثر من خمسة وتسعون بالمائة من ابناء الجنوب فهم القادرون مثلما اذهلوا العالم بهذه الثورة السلمية العصية على الكسر ايضا على ان يذهبوا باتجاه مؤتمر وطني جنوبي يفرز قيادة وطنية تتصدى باقتدار لمهام المرحلة. ومازال السؤال قائما كيف سنتوحد مع اطراف تطرح مشروع الفدرالية الغير ممكنة التي يظن الأغلب انه تفريط بحق الجنوب وانا منهم بل ومع اطراف مازالت تشارك في سلطة تحتل بلدنا وما فتئت تمارس ضدنا سياسة الإبادة عبر القتل والتجويع والقهر.
إن الإجابة حاضرة وقوية ومقنعه ووجيهة لكننا لم نجلس بعد للحوار مع بعضنا لنسمعها بعضنا وهذا هو الخطأ لأننا بدأنا بالسباق على الرئاسة والقيادة والريادة والزعامة لشيء مازال غير موجود. لنبدأ بالحوار جميعا بدون استثناء ومن يرفض المشاركة في الحوار فهو حق له وحجة عليه لأننا لن ننتصر في هذه المرحلة بالذات إلا اذا اشتركنا جميعا في صناعة رؤية موحدة واتفاقات مشتركة وخاصة الأخوة المشاركين في السلطة وهم الأهم. لن ننتصر بتيار واحد وزعيم واحد إذا كنا في حالة صراع لان هذا سيفتح الباب على مصراعيه لا عداءنا وسيمكنهم من تفتيت قوى الثورة والإجهاز عليها واول من سيدفع الثمن هم المشاركين في السلطة اليوم. لا حديث عن مصالح شخصية او عن منافع آنية او مشاريع عند الوقوف امام مصير وطن ومستقبل ووجود شعب. لتكون مهمة مرحلة الحوار في الإجابة على السؤال كيف سنتوحد ونحن مختلفون. لا ندعو لإلغاء أي مكون صغر ام كبر ولا ندعو لإقصاء أي قيادي تحججا بماضية ولا سبيل للتمترس وليس مبررا أن لا نأت في جبهة واحدة ونحن متعددون. مهمة الحوار الوطني الإجابة على السؤال عبر انجاز اربع قضايا رئيسة وهي:
اولا: بلورة الوعي الوطني لمفهوم الوحدة الوطنية الجنوبية القائمة على التعدد والتنوع كشرط لازم لانتصار الثورة واستعادة الحق الجنوبي وهو امر لا يختلف عليه الكل وإن شذ عنه قليلون فلا ضير من ذلك وهم في ضني اولئك الذين لديهم خوف من انهم لن يحضون بمراتب قيادية اومن ستتعرض امتيازاتهم للضياع عبر زحزحتهم من الواجهة السياسية او لأسباب اخرى لامجال لشرحها فبيننا من يعمل بالمال ضد وطنه وهو أمر بديهي.
ثانيا: تعميق مبدا التصالح والتسامح وتحويلة إلى مشروع وطني قائم على اسس علمية وقانونية وإخلاقية سليمة فما جرى حتى اللحظة في هذا المضمار شيء ايجابي وايجابي جدا لكنه غير كاف ولن يحمينا من اثار الصراعات الماضية عبر تسطيح هذا المبدأ وابهاته وعدم وضع الضمانات الكافية لنجاحه.
ثالثا: حسم مسألة الخلاف في الرؤى عبر ايجاد آلية عمل واضحة تمكن الشارع الجنوبي من اختيار مشروعه وبرنامجه وتحديد مستقبله والاتفاق على أن لاشرعية لأي حزب او مجموعة او شخصية في ان يقرر نيابة عن شعب الجنوب او ينصّب نفسه وصيا عليه او يتحدث باسمه دون تفويض وهو أمر يجب ان لا نختلف عليه وهنا نؤكد ان لاشرعية لأحد كان من كان مكونا او اشخاص في التحدث نيابة عن شعب الجنوب وان من يمارس هذا هم من يسعون اليوم إلي تمزيق وحدة الصف الجنوبي ووأد الثورة بقصد او بدون قصد. وهنا نحتكم في علاقتنا مع بعضنا بقواعد العمل السياسي الجبهوي دون اقصاء لأحد او لأفكار لكن في الأخير يجب ان نتوحد تحت مظلة المبادئ والأهداف الرئيسة التي يقررها ويرضى عنها شعب الجنوب, ويبقى الحق مكفول لكل من يحمل فكرا مغايرا ان يسعى بكل السبل لبلورة رأيه وتقديم نفسه لشعب الجنوب فربما تتغير الظروف ويصبح رأيه الأصلح والأنفع. أما الحديث والتمترس خلف الأفكار والآراء التي تدعي انها الأصلح وهي الممكنة كمبرر لتجاوز إرادة الشارع فهذا أمر مرفوض ولن تحقق لنا مانريد بل ستؤدي إلى الاقتتال الجنوبي الجنوبي وسيرتكب اصحابها جرما اكبر واعظم من جرائم تمزيق الجنوب وتسليمة لعصابة صنعاء عام 1990م.
رابعا: بلورة رؤية واضحة وتوافقية لماهية المستقبل الجنوبي وهو أمر بالغ الأهمية ليس لعدد من القوى والفئات التي مازالت تتخوف من عودة شبح الاشتراكي والديكتاتورية التي مازال شبحها يطل علينا من عدد من النوافذ والشقوق هذا من جانب ومن جانب آخر ايضا بلورة رؤية ومبادئ اساسية واضحة للمستقبل تتعاطي مع الشأن الجنوبي بخصوصياته وحيثياته دون تعسف او تكرار للمآسي يجعل من الجميع شركاء في وطن موحد دون طغيان لأحد او تغول او استئثار وهو أمر يطمئن الجميع ويخلق السكينة والسلام الذي يجلب معه الرزق والرأسمال والتنمية التي تجلب المنفعة والرفاهية لكل جنوبي وليس النموذج الخليجي بعيدا عنا.
هكذا علينا ان نعطي الحوار مداه وهو الأصعب والأكثر مشقة في المهام المنتصبة امامنا وما المؤتمر الوطني الجنوبي إلا المحطة الأخيرة في مسيرة الحوار الوطني الذي لن نذهب له إلا بعد ان يتم الاتفاق والتوافق على القضايا الاربع الأكثر ضرورة بين غيرها. أما الذهاب للمؤتمر هكذا على عجل فمصيره الفشل وسيصيبنا بالخيبة والإحباط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.