إسماعيل بن الشيخ المبعوث الأممي إلى اليمن المكلف من قبل مجلس الأمن الدولي بملف الحرب في اليمن وجهود السلام ، على عادته قدم تقريره وإحاطته إلى إجتماع مغلق لمجلس الأمن ، عقد الثلاثاء 23/ 5/ 2.17 ، لمناقشة آخر المستجدات على ضوء زيارته الأخيرة إلى المنطقة ولقائه بطرفي الصراع فيها ، وتأتي زيارته هذه إلى المنطقة في ظل تعقيدات أكثر وغموض في سير المعارك ولاسيما تلك التي تدور حول العاصمة صنعاء ومصيرها ، وتفاقم في الوضع الإنساني يقترب من الكارثة ، وقد خيمت على هذه الإحاطة الروح التشاؤمية والعجز الدولي الكامل في إيقاف نزيف الدم ، وتجَنَّبَ المبعوث الأممي على عادته الإشارة بوضوح إلى الطرف المعرقل ، بل حمَّل المسؤولية في استمرار الحرب على الطرفين الشرعية والانقلابيين ، وَيٌسْتَنْتَج من هذه الإحاطة حسب قوله بأنه استطاع من منع قيام عملية عسكرية لتحرير الحديدة على أيدي قوات التحالف ، بحجة تأثيراتها الإنسانية ، وكأن مهمته هي إنقاذ الانقلابيين وإطالة أمد الحرب ، لأن عملية تحرير الحديدة كما يعتقد الكثير من المراقبين ، بأنها ستسرِّعٌ في إسقاط الإنقلاب ، لكن على ما يبدو للمتتبع أنّ هناك أطرافاً عدة دولية وأقليمية ، بل وحتى محلية ،لا تريد لهذه الحرب أن تنتهي ، لحسابات خاصة بها . الجديد في جولة المبعوث الأممي إلى اليمن ، هي في المستجدات في الساحة الجنوبية ، قيام المجلس الانتقالي الجنوبي ، كحامل سياسي للقضية الجنوبية ، ومليونية الحادي والعشرين من مايو المؤيدة له، وقد عكس ذلك بشكل خيول بن الشيخ في إحاطته ، حيث قال بالحرف الواضح ، أنه خلال الشهرين الماضيين زادت مطالبات المحافظات الجنوبية بالحكم الذاتي ، ولم يشر إلى مطالباتهم بحق تقرير المصير واستعادة دولتهم الجنوبية ، وكأن القضية الجنوبية وليدة اليوم ، وهذه هي المرة الأولى التي يشير فيها إلى الجنوب وقضيته ، فكان يتجاهل عمدا في كل إحاطاته السابقة قضية الجنوب ومعانات أهله حتى في الجوانب الإنسانية . ويأتي الجديد أيضا في تحدي الإنقلابيين للوفد الأممي وإطلاق النار على موكبهم عند وصولهم إلى صنعاء في 22مايو 2.17 م ، وتعريض حياتهم إلى الخطر كإشارة منهم بأن قدومهم غير مرحب به ، بالإضافة إلى عدم تجاوبهم وتفاعلهم مع الجهود الدولية لإيقاف الحرب ، لكن على ماذا يراهن الإنقلابيون في الإستمرار على تعنتهم وإصرارهم على نهج الحرب ورفضهم لجهود السلام ؟ على مايبدو أن الإنقلابيين يراهنون على مايلي : 1- حالة الانقسام التي يعيشها مجلس الأمن الدولي ، وعدم توافق أعضائه على آراء ومواقف موحدة ،لحل المشكلات التي تعصف بالمنطقة العربية ، بما فيها اليمن ، لإختلاف مصالح أعضائه وتورط البعض منهم في الصراع القائم في المنطقة بشكل مباشر 2- التباينات داخل التحالف العربي والشكوك حول جدية بعض دوله في الحرب ضد الإنقلابيين 3- فساد الشرعية وغياب التوافق السياسي فيما بين أطرافها ، وعدم جدية من هم في الميدان على الحسم العسكري وإسقاط الإنقلاب وتحرير العاصمة من قبضة الإنقلابيين 4- الدعم الإيراني الكبير الذي يقدم للإنقلابيين 5- لايستبعد أن تكون هناك جسور سرية للتواصل بين رموز محسوبين على الشرعية والإنقلابيين ، من أجل إطالة أمد الحرب وتحولها إلى حرب استنزاف لدول التحالف العربي . على ضوء هذه المعطيات في الواقع والتخاذل الذي نسمع عنه في الجبهات ، هناك توقعات بإطالة أمد الحرب وَبٌعْد الحسم العسكري واستمرارها لسنوات ، مما يزيد من معاناة المواطنين أكثر ، وقد وجدت هذه الأراء والإنطباعات إنعكاساتها ، بين صفوف عدد من النخب السياسية في دول التحالف العربي ، وكذلك أقليميا ودوليا ، في إتجاه الاهتمام بالقضية الجنوبية وإلبحث عن حل عادل لها يستجيب لتطلعات أبناء الجنوب ، فقد رفض مجلس التعاون الخليجي طلبا تقدمت به بعض الأحزاب اليمنية في وقت سابق لأدانة تشكيل المجلس الإنتقالي الجنوبي ، بإعتباره إنقلابا على الشرعية في رأيهم ، كما لم يتعرض مجلس الأمن الدولي عند مناقشة إحاطة المبعوث الأممي عن اليمن إلى رسالة الحكومة الشرعية ، التي طالبت فيها من المجلس إدانة تشكيل المجلس الإنتقالي الجنوبي . وهذا في حد ذاته يعتبر تحولا إيجابيا لصالح القضية الجنوبية ، بعد أن أثبت الجنوبيون أنهم حلفاء صادقون وثقاة وجادون في الحرب ضد الإنقلابيين والإرهاب ، يجب استغلال هذا التحول واستثماره لصالح الجنوب وقضيته العادلة من قبل المجلس الإنتقالي الجنوبي .