فقد انتهى أمرها ومن غير رجعة. القضية هي أكبر وأعظم من مجرد قضية جنوبية.. إنها قضية (وطن) ودولة مغدورة ومحتلة ومدمرة ومنهوبة ومذبوحة.. ولكنها تعود.
المجتمع الإقليمي والدولي بات أكثر إنصافاً لما أصاب الجنوب بإسم (الوحدة) من تدمير ممنهج شامل أصاب الأرض والإنسان في الحقوق والخدمات والممتلكات ونهب الثروات وفساد وإرهاب وفوضى وعدم إستقرار. والمجتمع الإقليمي والدولي بات أكثر تفاعلاً مع شعب الجنوب العربي وهو منضبط تحت قيادة سياسية (المجلس الإنتقالي الجنوبي) يحمل مشروع عودة وطن وبناء دولة إتحادية حديثة. والمجتمع الإقليمي والدولي بات أكثر إستيعاباً لما تحقق من متغيرات على الأرض الجنوبية تحريرها وتأمينها وتماسك قيادتها ونجاحها بمحاربة الإرهاب وهو جدير بإستعادة وطنه وبناء دولته. المجتمع الإقليمي والدولي بات اليوم أمام مسؤولياته في إعادة صياغة الوضع السياسي بين الشمال والجنوب عماده القانون الدولي ومباديء حقوق الإنسان وأبعاد سياسية وحقوقية وقانونية سبق إقرارها في وثيقة الحوار الوطني.
ففي البُعد السياسي من وثيقة الحوار أن (الوحدة) قد قُوضت وهُدمت وانتهى أمرها وأن مكانة الجنوبيين فيها قد دُمرت وضُربت في مقتل.. وبذلك لم يبقي مايربط الشمال والجنوب غير (فترة إنتقال إلى دولة إتحادية) مبنية - حسب الوثيقة - على الإرادة الشعبية.
ولأنها مبنية على الإرادة الشعبية لا يجوز فرضها على شعب الجنوب حتى لا يتكرر فشلها ويدخل في دوامة أُخرى.. وحسب الوثيقة فإن " الشعب حرّ في تقرير مكانته السياسية.." وهو بذلك حُر في صياغة مكانته السياسية بما في ذلك إستعادة دولته الجنوبية.
إلاَ أن عودة الدولة الجنوبية ليس نهاية المطاف. ففي البُعد الحقوقي من وثيقة الحوار فإن الجنوب تعرض لتدمير ممنهج شامل في الحقوق والخدمات والممتلكات أرضاً وإنساناً وبما يتجاوز معايير القانون الدولي ومباديء حقوق الإنسان بإعتبارها جرائم ضد الإنسانية.. وحسب الوثيقة " يتعين على الحكومة اليمنية الإنتقالية معالجة المظالم و " استرداد الأموال والأراضي المنهوبة الخاصة والعامة " بما فيها التطبيق الكامل للنقاط (20 11). وفي البُعد القانوني أن متنفذين مدنيين وأمنيين وعسكريين نهبوا اراضي الجنوب و ثرواته السمكية والنفطية بدون مصوغ قانوني فهو إذاً نهب وإعتداء على الحق العام والخاص وجرائم يُحال مرتكبيها للقضاء وكذلك أصحاب الفتاوى بقتل جماعي للجنوبيين يُحالون للقضاء.
تلك هي مستحقات سياسية وحقوقية وقانونية تعكس فذاحة التدمير الشامل للجنوب وتعكس بالتالي حتمية إستعادة (الجنوب) ولو كان مدمَراً.. وهو اليوم نراه محرراً ومؤمناً وفي قبضة رجاله يعملون بإنضباط عالي ونظام مؤسسي يفضي إلى عودة إتحاد الجنوب العربي كبيراً بحجم الدنيا واضحاً كفلق الصُبح بديعاً مثل الشروق الجميل.