سكنت على مر العصور قوميات مختلفة في #أفغانستان ذات المساحة الشاسعة والظروف المناخية المختلفة التي جعلت من هذا البلد موطناً لشعوب عديدة وثقافات متنوعة. ويقول الدكتور محمود يعقوب واحدي محرر مقدمة على كتاب "مقدمة لمعرفة عرب أفغانستان" للكاتب الأفغاني محمد نسيم القريشي: "كان بلدنا العزيز أفغانستان نظرا لخصائصه التاريخية مسكناً لشعوب مختلفة من الطاجيك والبشتون والأوزبك والهزارة والتركمان والبلوش والعرب والنورستانيين والبشئي وغيرهم حيث عاشت هذه القوميات والشعوب عدة قرون في هذا البلد وتزاوجت فأحدثت تغييرات في الخصائص التاريخية لكل منها حسب الظرف التاريخي أو المكاني ونتيجة للاندماج". ويشرح محمد نسيم قريشي في كتابه الظروف الاجتماعية لأفغانستان في فترة ظهور الإسلام فيقول: "كانت أفغانستان بلدا متشتتا اجتماعيا آنذاك. لم تكن هناك سلطة مركزية وكان البلد ينقسم بين حكومات محلية عدة وهي بدورها تعزل الناس في مجموعات صغيرة منفصلة عن بعضها البعض لغرض استدامة حكمها. إضافة إلى ذلك كانت الأديان والمذاهب المختلفة كالزرادشتية والبوذية والشيفاييه وغيرها هي الأخرى تفصل الناس عن بعضها وهذا الأسلوب للحكم ولسيطرة الأديان صنف الناس في تصانيف مختلفة إلى جانب سيطرة النظام الإقطاعي وملوك الطوائف زاد من حدة الاختلاف بين فئات المجتمع وحسب ما ذكره الجغرافيون العرب كان آنذاك سبعة عشر حاكما محليا في أفغانستان وكان كل منهم يعتبر نفسه هو الملك". ظهور الإسلام في أفغانستان في مثل هذه الظروف ظهر الإسلام ودخل أفغانستان تحت شعار "الأخوة والمساواة" وكان العرب حاملي رسالة الدين الجديد وفي واقع الأمر يتزامن تاريخ هجرة العرب إلى أفغانستان مع ظهور الإسلام ولايزال هناك عرب في أفغانستان يحملون ألقابا من قبيل الشرفاء والسادات والقرشيون وحسب الدستور الحالي لأفغانستان فإن العرب يشكلون رسميا إحدى المكونات الشعب الأفغاني. وبشكل عام يمكن تقسيم فترات هجرة العرب إلى أفغانستان إلى ثلاث فترات رئيسية. الأولى تصادف فترة ظهور الإسلام حيث فتحت أفغانستان في عام 22 للهجرة بجيش مكون من 20 ألف مقاتل بقيادة أحنف بن قيس مطاردا آخر الملوك الساسانيين يزدجرد الثالث ومنذ ذلك الحين بدأ العرب يدخلون أفغانستان بشكل فردي أو مجموعات صغيرة واستقروا في هذا البلد ويقول محمد نسيم قريشي دخل أفغانستان حتى نهاية عام 96 للهجرة أكثر من 54 ألف عربي 10 آلاف منهم من بني تميم و10 آلاف من أزد و7 آلاف من بكر و4 آلاف من عبدقيس و7 آلاف من الأعاجم الذين تم تحريرهم حيث 9 آلاف منهم من أهالي البصرة و7 ألاف من أهالي الكوفة واستمرت هذه الهجرة لقرون عدة حتى الموجة الثانية التي تعود لبدايات القرن العشرين. والموجة الثانية من هجرة العرب إلى أفغانستان حدثت في عام 1917 نتيجة لانتصار الثورة البلشفية مما أدى إلى هجرة الكثير من العرب السنة من سكان دول آسيا الوسطى الخاضعة لموسكو وأغلبيتهم من مدينة بخارا في جنوب أوزبكستان إلي أفغانستان ليتمكنوا من ممارسة طقوسهم الدينية بحرية ودون اضطهاد. يقال بأن أكثر من 30 ألف عربي مسلم كانوا يسكنون مدينة بخارا وحدها في منتصف القرن التاسع عشر من الميلاد. الموجة الثالثة انطلقت في ثمانينيات القرن المنصرم وفي تلك الفترة انتقل الكثير من العرب إلى أفغانستان ليساندوا المجاهدين في الحرب ضد قوات الاتحاد السوفيتي المتواجدة في هذا البلد وبعد خروج الجيش السوفيتي من أفغانستان أقام الكثير من هؤلاء العرب هناك وكونوا عوائل. ويوجد في الوقت الحاضر أكثر من 900 أسرة عربية في قريتي خوشال آباد ويخدان في مقاطعة دولت آباد بمحافظة بلخ الأفغانية وينسبون هؤلاء أنفسهم للصحابي عثمان بن عفان الخليفة الثالث للمسلمين ويتكلم هؤلاء باللغة العربية كلغة أم واللغة الدارية (الفارسية الأفغانية) كلغة ثانية وهناك عدد قليل من العرب في منطقة تسمى خلم ويسمون أنفسهم الأقلية العربية كما تسكن أكثر من 1000 عائلة في منطقة حسن آباد بمحافظة جوزيان. أشهر الشخصيات التاريخية وبالرغم من أن الكثير من العرب في أفغانستان فقدوا لغتهم العربية على مر العصور وجيلا بعد جيل إلا أنهم لايزالون يعتبرون أنفسهم عربا وتعتبر العروبة جزء من هويتهم في أفغانستان. ومن أشهر الشخصيات التاريخية العربية في أفغانستان هي "رابعة البلخية" وهي أول من أنشد الشعر باللغة الفارسية حيث هاجرت من خراسان إلى بلخ بمعية والدها الذي كان حاكما لمدينة بلخ وقندهار وهي معروفة باسم "رابعة بنت كعب قزداري" وفي واقع الأمر هي من "عرب خراسان" الذي يقع اليوم في شمال شرق إيران بمحاذاة أفغانستان وتركمنستان. الشاعرة رابعة البلخية وحاليا يشكل العرب في أفغانستان رابطة باسم "مجلس التنسيق لعرب أفغانستان" ويرأس هذا المجلس الحاج ملا عزت الله عاطف وهو مندوب كابل في المجلس الوطني الأفغاني (لويا جرغا) ودعا المجلس مؤخرا من دائرة الأحوال الشخصية أن تذكر قومية العربي الحامل لبطاقة الهوية الإلكترونية حاله حال سائر المواطنين من القوميات الأخرى الذين تذكر قومياتهم في بطاقاتهم. وجاء في الرسالة التي بعثها المجلس إلى دائرة الأحوال الشخصية: أولاً: يتواجد العرب بشكل ملحوظ في 43 ولاية من ولايات أفغانستان ومنها کابول وبلخ وننغرهار وقندوز وسربل وفارياب وجوزجان وتخار وبدخشان وميدان وردك وبروان وكابيسا وبغلان وسمنغان وهيرات وغزني وقندهار وهلمند ولغمان ونورستان وبکتيا وخوست وبادغيس وغور ولوغر وكنر وهناك تواجد نسبي للعرب بسائر الولايات. ثانياً: يتكلم العرب اللغات الدرية (الفارسية الأفغانية) والبشتونية والأوزبكية والبشئية والبلوشية ويتكلمون العربية في بعض المناطق. ثالثا: جرت العادة على ذكر ألقاب من قبيل السيد والخواجة والحضرة والباشا والإيشان والمير والآغا والميا والأنصاري والهاشمي والقريشي والبيات والبراهوي والبلوش التميمي والمقبل والصاحب زادة والجيلاني من قبل العرب. طلب رئيس مجلس التنسيق لعرب أفغانستان من العرب أيضا أن يشيروا إلى قوميتهم العربية في استمارات السجلات الخاصة بالبطاقات الإلكترونية.