يقف معتز في وسط نقطة عسكرية مفتشا السيارات المارة على ساحل أبين في مديرية خورمكسر بالعاصمة عدن. يمضي معتز أكثر من ثمان ساعات خدمة في النقطة العسكرية الواقعة بالقرب من دوائر حكومية هامة. يحمل معتز درجة البكلاريوس في المحاسبة من كلية العلوم الإدارية بجامعة عدن، إلا أنه لم يجد وظيفة مدنية حتى اليوم رغم مرور أربع سنوات من تخرجه. يتحدث معتز ل(عدن الغد) عن آماله في الحياة وأحلامه التي كان يحلم بتحقيقها، وكيف غيرت الحرب الأخيرة الحاصلة في البلاد أحلامه وبددت آماله. يقول معتز وهو يحمل بندقية روسية ويجاهد نفسه لتفتيش السيارات المارة يوميا من هذا الطريق أنه ما كان يفكر بأن يلتحق بالسلك العسكري. يؤكد معتز أن غزو المليشيات على العاصمة عدن في ربيع العام 2015 هو من أجبره ومعه الكثير من أبناء عدن على تعلم اطلاق النار والفنون العسكرية والدخول في حرب ضارية للدفاع عن مدينتهم الغالية. يشير معتز الى أنه بعد تحرير العاصمة عدن من المليشيات الحوثية وقوات صالح أُهملت المقاومة الحقيقة التي قاومت وصمدت وحررت العاصمة والمحافظات المجاورة. يضيف بأنه حاول الالتحاق بدورات عسكرية بعد الحرب إلا أن الوساطات وتقاسم المناصب والمحاباة وقفت حاجز امامه. يكمل بأنه مكث في منزله لأشهر محاولا الحصول على عمل مدني في مجال دراسته إلا أن تدمير البنية التحتية للعاصمة عدن بسبب الحرب وعزوف مالكو القطاع الخاص عن العودة لمباشرة لأعمالهم بسبب الظروف الأمنية التي أعقبت الحرب مباشرة. يردف الجندي معتز أنه التحق بهذه هو ومجموعته بعد استدعاءه من قيادة المقاومة بخورمكسر للخدمة فيها مجانا حماية لحيهم القريب من المكان. يقول معتز الى أنه تم ترقيمه وزملاءه إلا أن الراتب لا يصل اليهم إلا بعد أشهر، ومع ذلك فهم ملتزمون بالخدمة في النقطة العسكرية لحماية مدينتهم. ويعاني الجندي معتز ومعه عشرات الآلاف من المجندين المضافين عقب الحرب وكذا الجنود القدامى، تأخر المرتبات مما يؤثر على حياتهم ومستقبل عائلاتهم. وقبل أكثر من شهر ونصف ومع حلول عيد الأضحى المبارك دفعت الحكومة مرتب شهر مارس لمنتسبي المؤسستين (الأمن والجيش)، فيما نحن اليوم في منتصف شهر أكتوبر. ومع التأخير في دفع المرتبات يشكو الجنود من خصميات كبيرة تطال مرتباتهم من قبل قادة الألوية والمعسكرات دون تحرك من جانب الحكومة. ووصلت الخصميات في المعسكرات الى أكثر من نصف الراتب فيما تدفع معسكرات أخرى مرتبات منسبيها كاملة دون نقصان مما يدل أن الخصميات تكون من قبل قيادة الألوية والمعسكرات بحد ذاتهم وليس هناك أي تدخل من وزارة الدفاع. ويطالب الجنود بانتظام عملية دفع المرتبات ووقف الخصميات والعمل على ترتيب العمل الأمني والمؤسسي في العاصمة عدن خصوصا وبقية المحافظات. من جانبها تشكو الحكومة الشرعية غياب السيولة المالية وسيطرة الانقلابيين على موارد كثيرة فيما توقفت العديد من المشاريع الاستثمارية للشركات الأجنبية عن العمل بسبب الحرب، مما يؤثر على انتظام صرف المرتبات للجيش والامن. ومع كل المعاناة التي يعانيها منتسبي المؤسستين الأمنية والدفاعية إلا أنهم مازالوا صامدين وملتزمين بأداء أدوار بارزة ومؤثرة رغم وجود بعض الأخطاء. ويأمل الجنود في الحصول على دورات تدريبية وكذا العمل على تأهيلهم وخصوصا من يتعاملون مع المواطنين بسبب ازدياد الأخطاء في التعامل مع المواطنين. فهل يُنصف منتسبو المؤسستين الأهم على مستوى البلاد، أم أن نار الحرب قد أحرقت كل شيء وحولته الى رماد؟!.