نسمع هنا و هناك التهاني المنثوره على مواقع التواصل الإجتماعي بمناسبة النجاح الباهر لخريجي الثانوية العامة لهذا العام ،ولم نعي جيدا معنى الفرح في واقع اختلطت فيه موجات التفاخر و التباهي مع جيل صاعد بمعدلات مرتفعة و و محصول مفرغ و منتفخ بالغرور و الكبرياء الكبيرين. ومن هنا يتضح جليا زراعة الجهل الممنهج من قبل الحكومات الحالية و إن دل ذلك على شيء فإنما يدل على إجهاض العملية التعليمة بمنهجية النسب المرتفعة التي لا تعني في معايير المفاضلة شيء ¡فأين تذهب كل تلك النسب الجنونية أمام إمتحانات الإملاء فقط.
ولأننا لا نتدارك سقوطنا المريع أمام العالم الذي تدور عجلة تقدمه الحضاري إلى أبعد مدى ، بالمقابل نفرح نحن بعودتنا و جهلنا مع سبق علمنا بأننا مجتمع مغشوش علميا و فكريا و ثقافيا ،و ما يؤسفني حقا هو خيانة الطبقة المثقفة و إنجرارها وراء فوضى الجهل المتنامي.
قبل عام 2010 كان هناك محافظات بعينها ،يمارس عليها الجهل الممنهج ، و ترك مساحات كبيرة لعملية الغش في التعليم الثانوي على وجه الخصوص ،وما الضالع إلا أنموذجا ،من تلك المحافظات التي كانت تثور بوجه النظام القائم و ضد أرباب الفساد ،فلم يجد النظام إلا ممارسة تجهيل هذا المجتمع لكي لا يصل إلى مرحلة الوعي فيثور حقيقة و حقا، فكان تركيع المجتمع و غشه بجيل نصف متعلم الوسيلة الأقوى للسيطرة المتسلطة في جغرافيا دوامة الفشل و عصا الطاغية.
أما التعليم في واقعنا الحالي فلا شيء و إنما مكآبرة الأقلام، اضافة إلى إنتشتار جزئية المفارقة التاريخية التي كانت مخصصه ، فقد عمّت كل مناطق الجمهورية لتصنع من الأجيال كوادر غير مؤهله علميا و غير قادره على مواكبة التطور الحضاري في ميادين البحوث العلمية مستقبلا، هذا إذا كان ينتظرنا مستقبل غير الضياع و الموت و حصاد الآلات الحرب و القتل .
بالتعليم المكتمل الأركان ننهض ، ...به و لا سواه ،و ما نشاهده من الحكومات الحالية هو إغلاق الأعين عن التعليم و صرف المعدلات التي تصنع الجهل المغلف ، وما خفي أعظم!