الامتحانات الثانوية بدأت وهي ذات شجون وتستدعي الحزن لأنها تعكس مدى الانحدار الذي حصل في التعليم ومن ثم في القيم الوطنية والأخلاقية ، بإمكانك أن تأخذ صورة مزرية من أمام لجان الامتحانات لتعرف أن الشعب ضرب في قلبه وهو التعليم ترمومتر المستقبل، خرجت اليابان بعد الحرب العالمية محطمة لكنها انتفضت لتتربع على العالم الصناعي والحضارة الحديثة بسبب التعليم والاهتمام بالتعليم وقيم التعليم المغروسة في المجتمع والدولة عند الطالب والمدرس فالتعليم هو المستقبل ولا يتم هذا إلا بقيم وطنية رافعة للتعليم وفي مقدمتها النظرة للغش ، فطالب يحارب من أجل أن يغش ويمارسه كحق يستحق من يمنحه «الصفع» إن لم يكن القتل ليس طالب علم بل كومة فاسدة مغشوشة من لحم ودم وكيس منفوخ أقرب إلى أكياس المخدرات والسموم،ومدرس يجتهد لإدخال الغش لطلابه ليس مدرساً بل آفة تدميرية اسمها «أستاذ». و«موجه» يحرض على الغش ليس «موجهاً» ولاخبير تعليم بل مخرب،ومدير يرتب لكي «يغش» طلابه كاستحقاق بقاء في منصبه ليس مدير مدرسة بل مدير في زرائب أبقار هو رأسها الكبير،ومجتمع يعتبر الغش مساعدة ولا يغضب ولايثور من تفشي الغش بين أبنائه مجتمع منوم ونائم وداخل في غيبوبة يحتاج إلى معجزة لكي ينجو من الجهل والفقر والمرض. هذا العام أقرأ وأسمع مبادرات من قبيل دعوة إلى تشكيل جماعات وجمعيات أهلية أو ما شابه لمحاربة الغش ومحاصرته وفضحه كفرق طوعية وهذه المحاولات هي الجديدة بعد الثورة. المجتمع يحتاج فعلاً إلى تشكيل لجان شعبية لحماية أنفسهم وأولادهم من الغش الذي يمثل اعتداء لا يقل عن اعتداء خارجي لقتل الناس وإبادتهم، لكن من يضمن لي أن هذه اللجان لن تخدعنا وتتحول من لجان لحماية الطلاب من الغش إلى لجان لحماية الغش وتوفيره خاصة ونحن نرى لجاناً أهلية من الآباء والأصحاب والمدرسين والمسئولين وأعضاء مجلس نواب ومجالس محلية متواجدين لحماية الغش وتوفيره كقمة الكارثة التي لا يتألم لها أحد ولا يصرخ منها أحد وكأننا مجتمع محششين لا يفهم ما يحييه أو يدمره وتذهب كالمعتاد لتسهل عملية الغش أو المساعدة كنوع من إبداعات ثقافة الغش التي زرعت طيلة العقود الماضية كعقيدة حكم وأسلوب إدارة ، أشك في ذلك «فمن شب على شيء شاب عليه» ومع هذا علينا أن لا نفقد الأمل ..ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحارب الغش ومن لديه حس الدفاع عن الوطن وإنقاذ الأجيال فليرمِ كل غشاش بحجر- معذرة -و«يتفل» في وجهه وهذا قليل ويكتب أسماء الغشاشين في الشوارع ووسائل التواصل الاجتماعي وعلى الطرقات العامة كمجرمين وجدوا متلبسين بجريمة إبادة جيل وممارسة الخيانة الوطنية وتهديد مستقبل وطن،نحن بحاجة إلى إنشاء جهاز وطني لمكافحة الغش التعليمي على غرار أجهزة مكافحة المخدرات في الدول المحترمة بل الأمر أكثر أهمية صدقوني. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك