قال القيادي الاشتراكي البارز أنيس حسن يحيى ان "الحراك الجنوبي" أصبح القوة السياسية الأولى على الساحة اليمنية مؤكدا ان الحراك إذا قرر دخول الانتخابات النيابية العام المقبل سيتمكن من حصد جميع المقاعد النيابية في المحافظات الجنوبية، الا أنه وبحسب رأي -يحي- يفتقر الى مشروع للمستقبل والحاضر. ودعا أنيس في لقاء صحفي اجري معه قبل أيام المشترك إلى يحسم أمره سريعا فيما يتعلق بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة من عدمه، وقال: ان المشترك لا يملك بعد قرارا بخوض الانتخابات أو بمقاطعتها وهذه أحد عيوب المشترك، لافتا إلى ان الحراك ولحسابات خاطئة ضد خوض الانتخابات، لكنه إذا ما شارك قد يكسب غالبية المقاعد في المحافظات الجنوبية ان لم يكن كلها، مضيفا: ربما بسبب رفض الحراك للانتخابات يتعذر علينا ان نشارك في الانتخابات. واعتبر يحيى انسحاب الحزب الحاكم من الحوار خطأً قاتلا تمنى ان يتم مراجعته، وان التمديد كان في مصلحة الحزب الحاكم، مشيرا إلى ان البديل بالنسبة لي هو ان تخوض أحزاب المعارضة الانتخابات بقرار منها، بغض النظر عن كون نتائجها مزيفة ولكن يتعين علي ان أمارس حقي الدستوري في خوض الانتخابات وعندما لا أمارس هذا الحق فأنني أكرس وجود الحزب الحاكم في السلطة إلى مالا نهاية.
وتطرق المناضل والسياسي المعارض أنيس يحيى إلى الحراك وعدم امتلاكه مشروع سياسي وعلاقة الاشتراكي به، ومعارضة الخارج، بالإضافة إلى الدور الإقليمي والدولي في ما يحدث في البلد وانفراج الأزمة السياسية، في سياق حواره مع صحيفة اليمن.
وجدد أنيس حسن يحيى تمنيه بان لا يحدث انسداد كلي في الحياة السياسية اليمنية فيما يتعلق بالحوار، ويطالب القيادي الاشتراكي كافة القوى السياسية في الساحة بالتمسك بالحوار كخيار استراتيجي والعودة إلى الطاولة مجددا، قاطعاً: لا بديل عن الحوار.
يعيد "عدن الغد" نشر اللقاء الذي أجراه الزميل/ وائل القباطي
- بداية.. أستاذ أنيس ما هي قراءتك للانسداد الراهن في الحياة السياسية في البلد؟ طبعا أنا لا أتمنى ان يحصل أي انسداد في الحياة السياسية اليمنية، فيما يتعلق بالحوار لأني اعتبر ان الحوار هو خيار استراتيجي لكافة القوى السياسية في الساحة اليمنية، ودون الحوار يمكن مع الأسف وهو ما احذر منه أقول يمكن للبلد ان تتجه إلى الهاوية، والحوار وحده من يؤمن قدر كبير من التوازن لكل الأطراف، ويجود لغة مشتركه بين فرقاء الحياة السياسية حول بناء دولة يمنية عصرية.
- لكن الحياة السياسية في البلد عادت اليوم إلى الصفر؟
هذا صحيح.. هي عادت إلى الصفر بسبب انسحاب الحزب الحاكم من الحوار، وأنا اعتبر انسحابه هذا خطأً قاتلا أتمنى ان يتم مراجعته من قبل الحاكم لأنه ليس هناك بديل عن الحوار.
- هل ترى بان الطاولة مازالت مهيأة – كما كانت في السابق- لعودة أطراف الحوار إليها؟
كما قلت لك بأنه إذا كان خيارنا الأساسي هو الحوار فيجب ان نعود جميعا إلى الطاولة، وأنا مازلت أطالب كل القوى السياسية المكونة للجنة التحضيرية للحوار الوطني، أطالبها بان تتمسك بالحوار كخيار استراتيجي، بصرف النظر عن انسحاب الحزب الحاكم من الحوار. حتى الان نلاحظ ان خطاب اللجنة التحضيرية ورغم التعقيدات مازال هادى ورزين وهذا يساعد إلى حد كبير في ان يراجع الحزب الحاكم حساباته ويعود إلى طاولة الحوار.
- ألا ترى ان هناك تنازلات مطلوبة من أحد الأطراف أو الطرفين معا لجلوس على الطاولة مجددا وهل مازالت الثقة موجودة؟
كل التجارب السابقة في الحوار السياسي أثبتت عدم جدية الحاكم، لكن هذا ليس كافيا لان أقول أنه ليس جادا وكفى، أنا علي ان أتحلى بالصبر وعلي ان اقنع الطرف الأخر بأنه ليس لديه أو نحن في المعارضة خيار أخر سوى الحوار.
- أستاذ أنيس فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية، سبق وان حذرت مبكرا من أي تمديد لمجلس النواب، لماذا؟
أنا اعتبر ان التمديد كان في مصلحة الحزب الحاكم، وأنا بهذه المناسبة يمكن ان أشير إلى ان البديل بالنسبة لي هو ان تخوض أحزاب المعارضة الانتخابات بقرار منها، أي انتخابات قد تخوضها وان كانت نتائجها مزيفة سلفا لكن هذا ليس ما يهمني، لا بمعنى أنني أتجاهل هذا السلوك ولكن بمعنى أنني افهم انه سيحدث هناك تزوير ولكن يتعين علي ان أمارس حقي الدستوري في خوض الانتخابات وعندما لا أمارس هذا الحق فأنني أكرس وجود الحزب الحاكم في السلطة إلى مالا نهاية.
- بمعنى انك تنصح المعارضة بخوض الانتخابات القادمة؟
هذا رأيي الشخصي ولو ان الوقت ضيق جدا.
- دون شروط أو ضمانات من أي نوع؟
أنا طبعا أطالب بالضمانات لكني لا أتوقع ان الحزب الحاكم سيكون صادقا في احترامها، حتى لو تعهد بضمانات معينه، ولنأخذ مثال المهزلة التي حدثت في الانتخابات المصرية الأخيرة.
- حتى اللحظة على الأقل، أيهما أرجح مشاركة المعارضة في الانتخابات أم الخيارات الأخرى وهي خوض المؤتمر الانتخابات منفردا أو تأجيلها؟
للأسف لا يبدو لي ان المشترك قرارا بخوض الانتخابات أو بمقاطعتها وهذه أحد عيوب المشترك، لان الوقت ضيق جدا وأنا أدعو المشترك ان يحسم أمره سريعاً، ويتخذ قرارا بخوض الانتخابات النيابية القادمة، وقطعا ستبرز أمامنا في المشترك صعوبة كبيرة إذا ما قرر الأخوة في الحراك مقاطعة الانتخابات. وحول دخول الحزب الحاكم الانتخابات منفردا فهذا هو الأخر خطا قاتل من شانه ان يزيد الحياة السياسية تعقيدا.
- لكن أستاذ في ظل الوضع الراهن في عدد من المحافظات الجنوبية ما هي توقعاتك لنجاح الانتخابات؟ هذا سؤال مهم جدا.. فالاتجاه الغالب في الحراك ليس مع الانتخابات ولحسابات خاطئة لم يدرك الأخوة في الحراك أنه أصبح القوة الأولى في الساحة اليمنية وانه إذا ما خاض الانتخابات سوف يكسب غالبية المقاعد في هذه المحافظات ان لم يكن كلها، لكن مع الأسف مازال ربما بسبب رفض الحراك للانتخابات يتعذر علينا ان نشارك في الانتخابات.
- هذا بالتأكيد بسبب كون الحراك لا يمتلك مشروعا سياسيا ورؤية ما؟
هذا بالطبع أحد عيوب الحراك، أنا اعتبر نفسي معه بالمطلق لأنه يعبر عن قضية سياسية عادلة، لكنه كونه لا يحمل مشروع للحاضر والمستقبل، هذا يجعله تائها فاقدا القدرة على الرؤية للحاضر والمستقبل وأتمنى ان الحراك يوحد قواه، لا يعني ان تذوب كل المكونات في حزب واحد، لكن ان نلتقي حول قيادة واحده ويكون لها برنامج سياسي ومشروع رؤية واحدة ونظام داخلي ينظم علاقة الحراك الداخلية.
- أتعتقد انه في ظل تبادل الاتهامات بين القيادات والخلافات التي طفت على السطح مؤخرا يمكن تحقيق ذلك؟
السؤال غير واضح..
- هناك أكثر من مشروع متصارع في أطار الحراك؟
لا.. أنا لست مطلعا على هذه الخلافات، لكني أعرف ان هناك تباينات وهذا أمر طبيعي في ظل غياب المشروع والرؤية المستقبلية والقيادة الواحدة سوف تظهر تباينات لكن على الأخوة في الحراك ان يتعلموا مع هذه التباينات بقدر كبير من التسامح والتفاهم لأهمية حلها عبر الحوار.
- لكن الخلافات اليوم تعدت الداخل إلى معارضة الخارج وأصبح لكل طرف مشروعه الذي يتناقض مع الأخر؟ أنا شخصيا مع أشراك قيادات الخارج في أي حوار يجري في الداخل لأنه لا يجوز لي ولا لأي طرف كان ان يستثنيها ويستبعدها، هذه قيادات وطنية ولها تاريخ في العمل الوطني ولكن أنا أتمنى من الحراك ان يشكل قيادته في الداخل.
- بالعودة إلى دعوة نائب الرئيس الأسبق علي سالم البيض إلى فك الارتباط بين الشمال والجنوب هناك من يدعوا اليوم إلى استعادة دولة الجنوب العربي؟
أنا لست مع الدعوة إلى فك الارتباط مع أنها دعوة مشروعة، لكنني أخشى من تداعيات هذه الدعوة، الجنوب سوف يتشظا قطعا وأخشى ان نعود إلى ما قبل قيام دولة الاستقلال في 30 نوفمبر 67م، أخشى ان نعود إلى المشيخات والسلطنات والأمارات وهذه كارثة. أما بالنسبة لمن ينادي بالعودة إلى دولة الجنوب العربي فقد سقطت هذه الفكرة منتصف العام1955م من أدبيات الحركة الوطنية والحزب الاشتراكي اليمني الذي هو امتداد ايجابي لهذه الحركة وتطور نوعي لها في التوجه الفكري والتوجه السياسي الذي يحمله جعله يسمي نفسه باسم "الحزب الاشتراكي اليمني" وهذا يعني ان الاشتراكي ومن وقت مبكر يؤمن بواحدة القضية اليمنية في توجهه السياسي وبناه التنظيمي فالحزب الاشتراكي حزب للوطن ككل وليس لجزء من الوطن.
- في هذا الوقت هناك صراع هويات في الجنوب وفرز مناطقي على أساس شمال جنوب؟
هناك هوية يمنية واحدة وهذا أمر أكده التاريخ ولم يؤكده أنيس حسن يحيى أو غيره وذلك من الألف السنيين. ولكن من هذه الهوية تتفرع خصوصيات محلية فمثلا نحن أبناء عدن لنا خصوصيتنا في عدن وكذلك أبناء حضرموت وتعز والحديدة.. الخ، هذه الخصوصيات المحلية لا ترقى إلى مستوى الهوية ولكنها ترفد الهوية اليمنية وتغنيها وليس صدفة أو اعتباطاً ان يقول آمرو القيس قبل مئات السنيين: تطاول الليل علينا دمون دمون نحن معشر يمانون ونحن لأهلنا محبون هذه هويتنا عندما سمت الجبهة القومية نفسها بالجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن، وكذلك جبهة التحرير بجنوب اليمن ولم تأتي هذه التسميات اعتباطاً وإنما ترجمة لمشاعر الأغلبية الكاسحة من الأخوة في الجنوب وانتمائهم لليمن والهوية اليمنية ويخطى من يعتقد ان الخصوصيات ترقى إلى مستوى الهويات ولكي هي ترفدها وتنميها.
- إلا ترى ان هناك مؤشرات لتدخلات إقليمية ودولية فيما يحدث في البلد؟
كل الأطراف الإقليمية والدولية لها مصلحة في أن يكون لها حضور فاعل في حياتنا السياسية وهي موجودة على الخط، لهذا أنا أتمنى من الأخوة في الحراك ان يدركوا هذه الحقيقة وان القرار ليس بيدهم وإنما بيد قوى إقليمية ترى في مصلحتها ان تتدخل وأنا أتمنى ان الحراك هو يملك قراره المستقل.
- وماذا عن تأثيرها في نجاح الحوار وصولا إلى الانتخابات.. والخروج من الانسداد السياسي؟
هناك قوى موقفها ايجابي وتدعو إلى انتخابات حرة ونزيهة دون تدخل السلطة، هذا الموقف يدعمني كمعارضة لكني أقول بان قرار خوض الانتخابات هو قراري اليوم عندنا كمعارضة 70 مقعد في المجلس الحالي وإذا ما دخلنا الانتخابات بالتوافق مع الحراك سيكون عندنا أكثر من 100 مقعد.
- هناك من يتهم الاشتراكي بقيادة الحراك الجنوبي، ما تعليقك؟
80 بالمائة من نشطاء الحراك في الاشتراكي لكني أتمنى فقط أنهم لا يجدوا تعارض بين نشاطهم في الاشتراكي أو الحراك، فقوة الحراك قوة للاشتراكي والعكس، وضعف الحراك ضعف للاشتراكي والعكس، كما ان قوة الحراك قوة للمعارضة اليمنية ككل.
- لكن هناك قيادات داخل الحراك تتهم الاشتراكي بالسعي للسيطرة على الحراك؟
هذه دعوة من الخارج بدرجة أساسية لكن عناصر الاشتراكي مازالت عاملة بنشاط داخل الحراك وكل ما أتمناه ان لا يكون هناك تعارض بين نشاطها هنا أو هناك.
- ختاماً.. هل يتوقع أنيس يحيى انفراج قريب للوضع السياسي الراهن؟
أتمنى ذلك.. بموقف عاقل من الحزب الحاكم، وصوت العقل يجب ان ينتصر جميعا في الحزب الحاكم وفي المعارضة عموما لمصلحة الوطن.