منذ الرابع من ديسمبر 2017 م وإعلان مقتل الرئيس السابق بأيدي شركائه الحوثيين ، بعد إعلانه فض الشراكة معهم ودعوته للإنتفاضة عليهم ، تجري الأحداث العسكرية والسياسية في اليمن بشكل متلاحق ، وكأنها توحي بقرب الحسم العسكري ، حيث تشهد الجبهات العسكرية تصعيدا غير مسبوق من كلي الطرفين ، طيران التحالف يكثف من طلعاته واستهدافه لتجمعات الإنقلابيين ، إعلام الشرعية يعلن أن القوات الشرعية ومعها قوات التحالف تحقق انتصارات ساحقة على الإنقلابيين في كل الجبهات ، وهي في طريقها إلى العاصمة صنعاء لتحريرها من الإنقلابيين . الإنقلابيون بدورهم يُحْكُمون قبضتهم على العاصمة ويكاد يخلونها من المعارضين السياسيين والعسكريين ، ويوجهون صاروخا بلستيا نحو قصر اليمامة في الرياض ، في تحدي واضح لقوات التحالف العربي وللمجتمع الأقليمي والدولي ، وهي بمثابة رسالة اراد الحوثيون إبلاغها لأعدائهم ، بأنهم لازالوا يمتلكون من القوة والقدرة على الاستمرار في الحرب إلى النهاية ، على الرغم مما تقومون به من حصار وتدمير ، وتقدر عدد الصواريخ البلستية التي وجهت إلى الأراضي السعودية منذ إندلاع الحرب ، ب 83 صاروخاً ، وهي جميعها من صنع إيراني ، حسب تأكيدات الخبراء العسكريين ، مما يعزز الإتهامات للتورط الإيراني المباشر في الحرب في اليمن ،على الرغم من النفي الإيراني الرسمي لذلك ، ويأتي الحدث الأبرز على الصعيد العسكري ، تحرير بيحان وعسيلان ومناطق أخرى في شبوة من قبل المقاومة الجنوبية المدعومة من قبل قوات التحالف العربي كانت يحتلها الإنقلابيون ،وظلت تمثل لغزا محيراً في عدم إنجاز تحريرها ، كغيرها من المناطق الجنوبية المحررة الأخرى . وعاى الجانب الآخر هناك تحركات سياسية محمومة ، أبرزها لقاء القيادة السعودية والإمارتية بقيادة حزب الإصلاح في مدينة الرياض ، ومناشدات من قبل قيادات في المؤتمر الشعبي المحسوب على الشرعية إلى قيادات وأعضاء المؤتمر الشعبي الذي كان يترأسه الرئيس السابق ، بالإلتحاق بالشرعية لمحاربة الإنقلابيين ، وحركة نزوح واسعة لقيادات سياسية مؤتمرية وعسكرية وأمنية كبيرة من صنعاء في إتجاه المناطق المحررة في الجنوب وخاصة إلى عدن ، في ظل رفض من قبل أبناء الجنوب لها والمطالبة بمحاكمة ومحاسبة ، ولاسيما لتلك القيادات المتورطة في حربي 1994 و 2015 م ضد الجنوب . ويأتي الأسبوع الثالث لمقتل الرئيس السابق ، ولاتبدو أنَّ هناك مؤشرات أودلائل على قرب الحسم العسكري وإسقاط الإنقلاب ، أو أية جهود سياسية لإيقاف الحرب ، والذي أصبح الحديث عنها بعيدا ، الكل يتحدث عن خيار المواجهة والحل العسكري ، والأمور تتعقد أكثر ، وتزداد معاناة المواطنين ومآساتهم في ظل ارتفاع الأسعار وإنهيار العملة الوطنية ، وشدة برودة الطقس التي ضاعفت من المعاناة بشكل كبير . وفي المقابل هناك عدم مبالاة من قبل طرفي المعادلة ، الانقلابيون والسلطة الشرعية ، لما آلت إليه حالة المواطن ، الإنقلابيون متشبثون بقوة بالسلطة وبمشروعهم الطائفي ، يدفع بهم غرورهم وفرحهم بإنتصارهم على شريكهم عدو الأمس ، ويبالفون في قمعهم وتعسفهم وإرهابهم لكل من يقف ضدهم أو يعارضهم ، السلطةالشرعية غارقة في فسادها ، وتعذيبها وعدوانيتها لمواطني المحافظات الجنوبية المحررة ، من خلال عدم معالجة مشكلة الخدمات كالكهرباء والمياه وغيرها ، وتأخيردفع المرتبات الشهرية للموظفين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين لعدة شهور . وفي الجنوب يأتي إنعقاد الجمعية الوطنية ، البرلمان الجنوبي ، كأبرز حدث سياسي وسط ترحاب واسع من قبل قطاعات واسعة من أبناء الجنوب ، يقابله إعتراضات وإنتقادات من قبل أطراف سياسية أخرى ،وتحفظات حول عدد من الأسماء المنضوية في عضوية الجمعية ، لإزدوجية ولائها ، وتاريخها السياسي المتقلب ، لكن على الرغم من ذلك ، يظل تشكيل الجمعية الوطنية الجنوبية وانعقادها في هذه الظروف ، حدثاً سياسياً هاماً في ظل ضبابية الموقف من القضية الجنوبية وتجاهل تضحيات الجنوبيين وانتصاراتهم في الحرب ضد الإنقلابيين ، ومحاولة الإلتفاف عليها ، وفرض حلول عليهم لاتستجيب لتطلعاتهم وحقهم في تقرير المصير . إنَّ ربط اسقاط الإنقلاب والحسم العسكري ببقاء القضية الجنوبية دون حل عادل يرتضي به الجنوبيون ، أومحاولة فرض مشروع الأقلمة الذي يلقى رفضا واسعاً من قبل أبناء الجنوب ، من قبل بعض القوى السياسية والعسكرية المتنفذة في الشرعية ، لا يخدم الأمن والاستقرار في اليمن ، بقدر مايخدم الإنقلابيين الحوثيين ومشروعهم الطائفي ، والتمدد الإيراني في المنطقة .