تتكسر السيوف وتخرس المدافع وتتساقط الطائرات وتتلف الذخائر وتموت الخيول وتغيب دول وتظهر دول وتزول عروش الأباطرة والقياصرة والملوك والأمراء والزعماء والرؤساء . سنة الله في الخلق . لكن الأقلام تبقى هي الأقلام على مر السنين والدهور والعصور لا يمتحي حبرها ولا تتقطع أوراقها تبقى في ذاكرة الأجيال تتناقلها الألسن وتحفظها الصدور . وخصوصاً تلك الأقلام التي تنطق الحق وتعبر عن هموم الناس وترشد وتهدي وتعلم . تنغرس في محابر الأبدية . تشع نور تؤثر في النفوس وترقي مكارم الأخلاق وتبعث الأمال وتحيي العقول وتحمس النفوس التواقة للحرية والعمل والتغيير . لم يبقى على الدنيا سيف خالد ولا خيول الأسكندر المقدوني ولكن الأقلام من جعلتهما وغيرهما على مر الدهور أحياء . تلك هي الأمم وتلك هي الأحداث وتلك هي الأمجاد التي صنعها صناع التاريخ والأحداث حفظتها الأقلام ولم تحفظها الساحات . الأقلام هي أفتك الأسلحة ومشاعل النور وبانية الحضارات ورقي الأمم . القلم على الجهلة والطغاة والجبابرة أشد وطئً عليهم من حد السيوف . أن أردت السلام فإن القلم مصدره . إن أردت الأمان فإن القلم منبعه . إن أردت المعالي فإن القلم سلمه . إن أردت النور فإن القلم مشعله . فما من أمةٍ سادة بقوتها إلا وخارت ذات يومٍ قواها . ولا من أمةٍ سادة بمالها إلا وأفلست ذات يوماً خزائنها . وما من أمة سادة بسلطانها إلا وزالت ذات يوماً على الأرض عروشها خاويةً . ولكن تبقى أمة أقرأ و ( ن . والقلم وما يسطرون) في المعالي عزتها ما تمسكت بأول مخلوقٍ وبكتاباً أشرقت بأنوار أحرفه مشارق الأرض ومغاربها . للأقلام في القرأن سورة . وأول الوحي أُنزل فيه ( ... أقرأ وربُك الأكرم . الذي علم بالقلم . علم الإنسان مالم يعلم ...) قلمي سلاحي . قلمي صديقي . قلمي شخصيتي . قلمي رأس مالي قلمي ... بجوار قلمك نصنع أمجاد أمة لا تبخل بنورها على سائر الأمم . إذا عرفنا قيمة القلم . لكننا ياصديقي القلم في بلد قلة فيه محلات الكتابة والأقلام والمكتبات وكثرة فيه محلات صرف العملات أكثر من عدد البقالات ومحلات ذبح الدجاج وبيع الأسماك والخضروات . وأختفى القلم من جيوب الناس وأصبحت تزخر بالقنابل والذخائر وأرهقت البنادق الأكتاف . وصمت الأذان بالسماعات تتسمع الشيلات ويا عاصب الرأس وينك . لكنني لن أتخلى عنك لأنني مؤمن بأن كل ذلك لا يدوم وأنك يا قلمي العزيز سيد كل المواقف ،،،