أخيرا اسقط نظام مبارك وتنفس المصريون الصعداء , بعد فوران ثورة الشباب , سقط نظام مبارك الذي اعتقد بأنة ببياناته الساذجة يمكنه الصمود أمام أرادة الشعب وثورة الشباب الذي ضاق ذرعا من سياسات حزبه الوطني , ذالك الشباب الذي ومنذ أن أبصر النور لم يعرف رئيس سواه طوال العقود الثلاثة الماضية. اليوم نعيش أيام يمكن وصفها بالتاريخية في تاريخ الأمة اجمع , أيام جعلت مبارك يصبح في عداد الرؤساء السابقين لمصر, لكن ماذا بعد هذا التغيير التاريخي الذي حدث أمامنا؟ هل سنشهد مصر غير مصر التي عرفناها في الفترة الأخيرة ,؟ هل سنشهد رئيس مدني يحكم مصر بعد سلسة الحكام العسكريين الذين حكموا مصر منذ ثورة يوليو؟.
حتى اللحظة لا تزال ملامح شخصية الرئيس القادم لمصر مجهولة المعالم , تلك الشخصية التي لا ينتظرها شعب مصر العظيم فحسب بل كل شعوب وحكام العالم العربي والخارجي, نظرا لما تحمله مصر من ثقل تاريخي وحضاري وسياسي في الشرق الأوسط والعالم , الرئيس القادم أيا كان سيأتي للقصر الرئاسي بالقاهرة وأمامة العديد من الملفات المثقلة على الصعيدين الداخلي والخارجي. ففي الداخل سيجد الرئيس الاقتصاد الوطني ضعيفا وديون خارجية على بلاده بمليارات الدولارات , بالإضافة إلى نسبة كبيرة من الشباب العاطلين عن العمل, واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء الذين وصلوا إلى نسبة 40% من مجموع السكان وأيضا أجراء التعديلات الدستورية التي يمكن ترضي طرفا وتغضب آخر.
وخارجيا هناك ملفات عدة تنتظر الرئيس القادم, الملفات التي لمصر دورا كبيرا ومؤثرا فيها , ك القضية الفلسطينية , وموقف حكومته من التعامل مع حركتي حماس وحزب الله اللبناني , وأيضا الأزمة اللبنانية التي تأزمت مؤخرا , وأيضا السودان ما بعد الانفصال , وأيضا العلاقات العربية العربية , لكون نظام مبارك كانت لدية خلافات مع أنظمة عربية مثل سوريا وقطر والعراق وإيران , وسيكون أمام الرئيس القادم خيارين تأزيم تلك العلاقات أو ترميمها وإصلاحها, وهناك الأهم وهو وجود السفير الإسرائيلي في القاهرة وبقاء معاهدة اتفاقية ومعاهدة كامب ديفيد كما هي بعد سقوط مبارك الذي يعد احد أبطال تلك الاتفاقية, باعتقادي أن هذه المسالة ستظل كما هي وما يدعم اعتقادي هذه هو التصريحات التي أعلن عنها الجيش حينما قال أن مصر ستحترم كافة الاتفاقيات والمعاهدات الإقليمية والدولية التي وقعت سابقا, وهذا يعني اتفاقية كامب ديفيد ستبقى كما هي .
وهناك شي آخر هو إعلان ثورة 25 يناير الذي أعلن بان المتظاهرين لن يتركوا الشارع حتى تنفذ بقية مطالبهم بعد رحيل مبارك , كانت تلك المطالب عبارة عن عشر نقاط لم نرى منها شي يتعلق بطرد السفير الإسرائيلي أو إلغاء معاهدة كامب ديفيد, وحتى اثنا المظاهرات لم نشاهد أي شعارات حتى تندد بالعلاقة مع إسرائيل أو بإلغاء معاهدة كامب ديفيد.. وهذا ما يطرح علامات استفهام حول, ما ينوي ان يفعله المصريون حكومة وشعبا خلال الفترة المقبلة؟؟
اعتبر الكثيرين أن 25 يناير يعد ميلاد للدولة المصرية الجديدة, هذا الدولة التي لا احد يتكهن كيف سيكون مستقبلها خاصة وأنها جاءت عن طريق ثورة شعب وليس انقلاب عسكري, عودة للوراء يقر الكثير من زعماء العالم حاليين وسابقين بان عهد الزعيم جمال عبد الناصر يعد من أعظم العهود التي مرت بها المنطقة العربية ككل وليس مصر فحسب,. الحياة تسير إلى الأمام ,, لكن هل يمكن ان نرى مصر الجديدة ستعود للوراء لتستعيد عهد ومجد الزعيم عبد الناصر وتعيد القومية والعروبة إلى دماء ابنا الأمة العربية .. منذ أطلاق شرارة الثورة كنا نتمنى أن نرى المتظاهرين يرفعون صور عبد الناصر بإعداد كبيرة وان يرفعوا شعارات القومية العربية , التي حافظت على كرامة المواطن العربي أينما حل وارتحل , وأيضا لترسل رسالة للنظام القادم وللعالم اجمع بان شعب مصر الحرة يريد استعادة عهد وعصر عبد الناصر ذالك العصر الذي أعطى لمصر وللأمة المكانة التي تليق بها.
ما أعظم شعب مصر بالأمس خرج بالآلاف يتظاهروا مطالبين ببقاء عبد الناصر في حكم مصر بعد أن قدم استقالته اثر هزيمة يونيو , وفعلا حقق ما أراد وبقي ناصر في منصبه . واليوم خرج من اجل أن يسقط نظام مبارك الذي تشبث بالسلطة وفعلا استطاع الشعب إسقاط مبارك من الحكم. وختاما أتمنى على الرئيس القادم أن يعيد لمصر مكانتها وللمواطن المصري كرامته , التي سلبت منه جراء سياسات نظام مبارك , وكما نتمنى على الشباب العربي أن يكملوا المسيرة التي بدأها شباب تونس ومصر واتت ثمارها.. عليهم أن يكملوا تلك المسيرة الثورية حتى نشهد عصرا وعهدا جديدا ينبض بالحياة والكرامة والحرية والهيبة والمكانة والتقدم والتطور لكل شعوب الأمة من الخليج الهادر إلى المحيط الثائر...