حصار صنعاء لا يعني نهاية حرب وبداية سلم ، إخضاع عدن لا يعني أن ملف الجنوب سيتم طيه إلى الأبد ، الحرب و الإخضاع يلازمها بلا انفكاك الاضطراب المستمر ، ما أن يصفو الجو حتى تعاود الغيوم وتكتسي النفوس بالسواد ثانية ، كلا الأطراف تصف نفسها بالوطنية ، و تتمترس خلف مشاريع ترسم من البعيد ، عاهرة المراقص تقدم نفسها مرشدة للأسرة المثالية ، وشارب خمر يقدم النصح حول أهمية سلامة العقول ، وسارق محترف لا ينفك عن طرح كيفية تأسيس مجتمع سوي ، مشكلتنا تتحدد أن على رؤوس الكل كثير من هؤلاء ، والأعظم سؤ أن فينا من يجد فيهم العصا الذي يجب الاتكاء عليها نحو القادم المشرق . جذر المشكلة ليس أنصار الله وان كانوا بذاتهم هم مشكلة ، الصراع في الأصل بين أطراف لا تقبل إلا نفسها ، التاريخ في اليمن يعيد نفسه ، عندما لم تصل ثورة سبتمبر 62م إلى صعده معناه أن الأصل لا ثورة قامت هناك ، البردوني وصف صنعاء وان عاشقاها السل والجربُ ، مهما يكن في أحشاءها اللحن والطرب إلا أنهما قد قتلا ، الدولة بمفهومها وعمقها المدني والحضاري لن تحمله صنعاء بالمطلق ، ولن يستظل تحت ظلالها الوارف أحدا ، هنا تتجلى ديمومة الصراع اللامنتهي بين جنوب كان على امتداد عمقه وان لم نبتعد كثيرا في التاريخ ، في القريب في عهد سلطناته تنفس الجنوب معنى الدولة . عندما كافئ " علي عبدالله صالح " أفراد لطاقم أول مدرعة دخلت عدن في عام 94م ، وصفقت كل الأحزاب اليمنية لذلك ، ورميت الورود ، والكعك .. الكعك الذي صنعته النسوة هناك في صنعاء لمقاتليهم شرط أن يأكلوها في عدن ، وغيروا الجغرافيا ، و أهانوا مواطنة الجنوبي على أرضه وماله ، كل الأشياء نهبوها وابقوا للناس لصيقا بلا انفكاك الحزن والهم والألم ، تأسست من كل هذه الأفعال ممانعة توارثها جيل لم يرى الجنوب ، ويقاتل دونه اليوم . ، الشرعية خليط من أحزاب مارست أسوء الأدوار في عهد صالح وفي ثورة الشعب هناك على صالح و الآن في حرب 2015م ، في الجنوب صفق الشعب عندما أصبحت حكومة ما تسمى الشرعية في عهدة التحالف وحمايته بعد 30 يناير 2018م ، العالم أدرك شيئين من خروج عدن في 28فبراير 2018م ضد سياسة وفساد من هم في معاشيق .. أولا : عامل استقرار الجنوب لا تحمله الشرعية ، ثانيا : سياسة التحالف العربي غير موفقه في المناطق المحررة . بن بريك رئيس الجمعية الوطنية الجنوبية ، عضو هيئة رئاسة الانتقالي صرح في لقاء خاص بصحيفة أخبار حضرموت الآتي : " حصلنا على مجموعة وثائق في احد المعسكرات كأدلة واضحة على السعي لاستهداف قوات التحالف وشق وحدة الصف بين الإمارات والسعودية " .. ، هذا الأمر يترجم واقعا حملة شرسة يقودها إعلام الشرعية ومسئولين كثيرين فيها ضد الإمارات ، لم تضع الحرب أوزارها بعد ، ولن تتنقل حكومة شرعية هادي في الجنوب بأريحية ، المدرعات التي نقلت إلى عدن لن تعكس سلامة تحرك حكومة هادي ولن تغير واقع الجنوب الذي هو امتداد للغطرسة والعلو اليمني على الجنوب منذ عام 94م. في الرياض خرج محسن الأحمر يصرح أن تكتل وطني بصدد إعلانه من عدن ، في الأصل هذا التكتل خليط من أحزاب تتحين فرصة إسقاط أنصار الله في صنعاء وإسقاط الانتقالي الجنوبي في عدن لتصبح هي الوريث السياسي لكل الأشياء ، محسن الأحمر أصبح سياسي بارع بعد انتقاله من عسكري ديكتاتوري ، أثبتت الأيام فشله العسكري في كل معاركه ، فشل مع صالح قبل 11فبراير ، فشل في حماية 11فبراير ، ولم ينجح بالمطلق في أي جبهة ضد أنصار الله في الحرب هذه . مهما تماهى الرجل مع رغبات الإمارات ، بن دغر امتداد لسياسة فاشلة أوصلت الوطن إلى كل هذا الهلاك والدمار ، خطاب انتصاره على إرادة الجنوبيين فقاعة صابون ، تحرك الشرعية باتجاه إزاحة حليف فاعل في الحرب - الإمارات – عبر إعلامها الكاذب ينذر أن الشرعية برائحتها التي أزكمت الأنوف توسع من دائرة خصومها ، القرارات الأممية لم تكن بالمطلق صديقة مثلى للانتصار في الحروب ، قدرة الأطراف المتقاتلة على زيادة المتحالفين معها علامة نحو نصر يتبعه استقرار. مهما حاول إخوان اليمن " الإصلاح " التخفي خلف التكتل الوطني الذي سيعلن عنه محسن الأحمر لتمرير سياستهم وأجندتهم لن يفلحوا ، في المشترك عبثوا وفشلوا ، في حوار صنعاء عبثوا وفشلوا ، في الحرب اليوم لم يقدموا إلا المؤامرات ، ويتجرعوا إلى اللحظة مرارة فشلهم بكثير من الحسرة والألم . صنعاء لن يحكمها محسن وإخوان اليمن بالمطلق ، ولن تستقر الأمور هناك إلا على قوة متأصلة فعلا في كثير من المفاصل ، قادرة على المعاودة ، وبسرعة فائقة نحو اختطاف وتسيير الحكم بلا تصدعات أو إخفاقات ، طارق وعمار واحمد صالح قوة يعتد بها هناك للقتال ، والحكم ، ومنع التصدعات ، وأي حوارات ملزمة للاستقرار القادم ، شريطة الاستنزاف المميت لحركة أنصار اله وإسقاط علوهم ، حكومة الشرعية تتوهم عبر إعلامها مطاردة الانتقالي الجنوبي ، واقع الجنوب يتأسس عليه تصعيد لن تتحمله بالمطلق ، ذهبت كثير من رؤوس الفتنة ، ولم تتعظ بعد حكومة الشرعية أن الواقع رسم عليه خطوط ابعد من رسمهم ، ومستقبل بعيد عن أحلامهم ، وحكم لن يرتفع عليه إلا الأصيلين على الأرض .