يكاد الخطاب العدائي من النخبة في الجنوب تجاه ابناء الشمال يجدر مفهوم ( شيطنة) الشمال التي دمرت جنة الجنوب عند العامة ! ومن النادر ان تجد من يقر لك من النخب الجنوبية ان لكل منا اخطاؤه وفضائله وان مسالة الأخطاء السياسية ليست وليدة الرقعة الجغرافيه . وإذا ما تجاهلنا تاريخ الصراعات السياسية الدموي في الجنوب منذ الاستقلال وحتى عام الوحدة وتناسينا ان قحطان الشعبي اول رؤساء الجنوب مات في سجنه بعد عزله وان من اسس الجبهة القومية التي قادت التحرر من ألاستعمار فيصل عبداللطيف اول رئيس لمجلس الوزراء في الجنوب أعدم مع رفاقه، وان سالمين رئيس جمهورية اليمن الديموقراطيه الشعبيه اعدمه رفاقه في الحزب وان قيادات السلطة الجنوبية اقتتلت في 86 وتم إعدام 11 الف خلال 10 ايام! إذا ما محونا كل تلك المجازر من الذاكره الشعبية وبحثنا فرضية ان كل ما اصاب الجنوب كان بسبب الشمال لانجد مايدعم ذلك سوى حرب 94وماتلاها من تهميش لابناء الجنوب الموظفين في السلك الامني والعسكري وإبعادهم عن وظائفهم ومناصبهم ..ذلك الذي سمي بمضلومية الجنوب والذي تم نصت مخرجات مؤتمر الحوار على مداواة جراحها . ويتجاهل غالب النخب المثقفة في الجنوب ان اجتياح المليشيا الطائفية للمحافظات الشمالية والجنوبية كان بتمالؤ وتواطؤ من وزير الدفاع (الجنوبي) وفي عهد الرئيس (الجنوبي) ورئيس الوزراء (الجنوبي)! ولا يتذكر احد ممن يشيطنون الشمال برمته بساسته وقادته ومواطنيه ونسائه وأطفاله وكهوله إن مالحق المحافظاتالجنوبية والشمالية عقب الانقلاب الحوثي اضعاف ما حدث في حرب 94 سواء من حيث الخسائر البشرية التي لا تزال فواتيرها مفتوحة ..او من ناحية الخسائر الماليه والإضرار في البنى التحتية وفي المباني والمنشآت العامه والخاصة . إذا هل سنتقمص منطقهم ونحمل (الجنوب) وقياداته العسكرية والسياسية والحكومية التي كانت ( ولازالت )تتصدر المناصب العليا في الدوله تبعات كل هذه الحرب وهذا الخراب ونجعل الجنوب (الشيطان الاكبر) الذي تجئ منه كل الشرور للشمال ؟ اوليس هناك رؤوس جنوبية في الحكومة المليشيا الانقلابية ؟ اليس بن حبتور وغيره من ابناء الجنوب هم اعوان وقيادات المليشيا الانقلابية حتى اللحظة؟ إن ذاك المنطق الغير سوي الذي تخلقه النزعة العدوانية والتي تلبس الشر في رقعة من الارض او في فئة من البشر ..هو منطق بليد احمق يستوطن الانفس المريضه ويدفعها نحو اتخاذ المواقف العدائية بلا تفكير ..او وعي يدرك التطورات والمتغيرات التي تستجد. تلك النزعة العدوانية المعجونة بالايدولوجيا الحزبية والطائفية هي التي زرعت في اوساط المجتمع اليمني وعلى مدى اجيال ان السعودية هي مصدر الشر التي تهب منها الاعاصير لتتقاذف اليمن وتغرقه في الصراعات ..! لكل زمن في كل وطن قادة ولكل قائد سياسته وقراراته وتوجهاته ..فسياسة الملك خالد تختلف عن سياسة الملك فيصل وسياسة الملك فيصل تختلف عن سياسة الملك عبدالله وسياسة الملك عبدالله تختلف عن سياسة الملك سلمان ..ولعلنا لم ننس أن ملك سعودي ارسل طائرة طبية لإسعاف عفاش والملك الذي تلاه ارسل طائره لقصف قصر عفاش ومنازله . من اللاعقلاني أن نعتقد أن ابناء (سلالة) او منطقة او محافظة او قطر هم شر محض أو خير محض ..فالانفس البشرية فيها الخير وفيها الشر و وابناء اي سلالة ونسكان اي رقعة جغرافية في الكرة الارضية يحملون في طباعهم جوانب حسنه وجوانب سيئة وفيهم خير كما فيهم من الشر ولكل زمان رجاله وعقوله ويجب ان نورث لابناءنا العلم لا الجهل وان لا نورث لهم الاحقاد والكراهية..وان يأكل اباؤنا الحصرم وأبناؤنا يضرسون . على النخب التي تغذي الكراهية وتنفخ في اوار الحقد الاجتماعي بين ابناء الشمال والجنوب أن تدرك انها تتحمل وزر كل قطرة دم تراق بين ابناء اليمن . علينا ان نصحح المفاهيم المغلوطة بأن ثمة شياطين في شمال الوطن وملائكة في جنوباليمن بل كلهم بشر يخطؤن ويصيبون فيهم الخير كما فيهم من الشر . إن على عاتق الاعلام الرسمي والأهلي تقع مسؤولية إعادة صياغة الوعي المجتمعي على أسس صحيحة وان يخوض معاركة في مواجهة اعداء الوحدة الترابية والاجتماعية والسياسية والدينية بنفس الروح والإصرار التي يخوض بها المقاتلون حرب التحرير ضد المليشيا الانقلابية.