اثارت ندوة (حضرموت الرؤية والمسار)التي نظمها مجلس حضرموت الأهلي نهاية شهر مايو الفائت بمدينة المكلا حاضرة حضرموت ردود أفعال واسعة على المستوى اليمني في الداخل والخارج ،وخلطت كثير من الأوراق عند كثير من السياسيين والمتابعين في تظورات الشان الداخلي الذي يشهد تحولات متسارعة ومفاجئة خلال نصف الأول من العام الجاري 2011م .
وبالعودة إلى موروث الوضع السياسي ومارافقه من تطورات فترة المد القومي وانطلاق ثورة 14اكتوبروصولاً إلى انجاز الأستقلال في 30 نوفمبر 1967 م الناجز بتحرير الجنوب من الإستعمار البريطاني نجد أن حضرموت بماتمتلكه من امكانيات ، كانت حجر الزاوية في اطار الوحدة الجنوبية الأولى للدولة الجديدة (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ) .
وتنازلت عن أوراق كثيرة كحق مكتسب لها أبرزها (المكونات العسكرية والأمنية للدولتين القعيطية والكثيرية) انطلاقاً من خطوة مايعرف اجراءات ثورية لتسوية في إطار تجفيف منابع قوى الثورة المضادة التي اشتملت على جميع إمارات وسلطنات الجنوب ، رغم زيادة مفعول الجرعة في جسم منهك جنوباً .
وضم الجميع للدخول تحت عدن بأعتبارها عاصمة للجنوب بعباءة ثوب سياسي جديد يحمل جينات توجهه السياسي نقيضاً لمشروع دول الأقليم بعد ان تحددت ملامحه في بداية سبعينيات القرن تماشياً مع مشروع التقسيم الدولي افرازات الحرب الباردة ليتحول الجنوب على مدى ثلاثة عقود إلى تجارب الأنظمة الأشتراكية.
عموماً حضرموت الإنسان والتاريخ لم تؤثر عليها مدخلات المشروع الأيدلوجي على نحو مفرط نظراً لعمق جذورها الثقافية والمدنية واصالة مجتمعها قاومت وبشدة حالات التكسر في بنيانها الإجتماعي والثقافي ولم تنحن للعاصفة بل واجهتها بشي من العقلانية والصبر والنفس الطويل بقى من بقى وهاجر آخرون ، لسنا بصدد إعادة نبش مامضى بقدر ماينبغي النقاش حوله لإثراء تجارب جديدة لابد من توخي محاذير تلك الأرهاصات التي مازالت تعيد إنتاج نفسها خشية من هذا البعبع(حضرموت) التي تربض على ملايين من براميل النفط ناهيكم عن الثروات الأخرى !!
أشعر أن المخاوف من حضرموت كهوية كان عامل حاسم في تأسيس مضادات جديدة بعد نجاح عملية تقليم اضافر اجنحتها المسلحة ولنفس الأسباب نجحت الآلة الدعائية السوداء في سقوط الجنوب بحرب 1994م عندما قام الوزير الأسبق صالح بن حسينون بتأسيس قوة أمنية لحماية شركات النفط ، من الصعب الحديث عن الجنوب أولاً بدون حضرموت ومن الأصعب بمكان الحديث عن اليمن الجديد بدون حضرموت .
ومع مرور التجربتين في إطار الجنوب ومابعد الوحدة ،من حق أبناء حضرموت الذين استشعروا أن يتوحدوا على رؤية تضعهم في الموقع الحقيقي الذي يليق بهم طالما وان الأرض الساكنين عليها تختزن ثروات ومقدرات لا تلبي الحد الأدنى من حاجتهم مصالحها تذهب لغيرهم بينما وضعهم الاقتصادي من السيء إلى الأسوأ فمعظم السكان اعتمادهم الأساسي على المهجر ونسبة هجرة الشباب تتزايد وهذا مؤشر خطير في معدلات الجغرافيا السكانية وفي حركة استقرار السكان والطاقة المحركه له من قوة الشباب يفتح الباب على مصراعيه لإحلال هجرة معاكسة مراكمتها على المدى المنظور القريب في ظل الفوضى الشاملة بالتاكيد سيغير خارطة التركيبة الإجتماعية السكانية .
لا نتحدث بدافع النظرة المناطقية والانفصالية المقيتة ولا نرغب ان تكون حضرموت بيئة طاردة للتدفق البشري النوعي والنظيف ،بالعكس نحن نمتلك تاريخ مثقل في الإندماج الأجتماعي والمدني في داخل اليمن وخارجها ليس إدّعاء بل وقائع نتشرف بها وندافع عنها ، ندعو إلى العيش المشترك والإستثمار الصناعي والنفطي شعارنا لا نمو بدون مشاريع اقتصادية عملاقة .
مانشاهده اليوم لا ينتمي إلى الحركة التجارية وتنمية الشعوب والسكان الأصليين على الإطلاق إلى درجة أن مايؤخذ من حضرموت اقل بكثير مما يعطى لها على صعيد دخول المواطن وتحسين معيشته .
ولذلك نجد ان الموقف الجمعي للحضارم قاطبة هو البحث عن صيغة أو شكل جديد يضمن لهم حقوقهم أسوة بالنماذج للأنظمة القائمة في الدول العربية والأوربية تكفل لهم حقوقهم فلا ضير في ذلك الطرح . لماذا الحساسية من حضرموت ؟