*سعيد الجعفري لا يبدو حديث محمد علي الحوثي رئيس ما تطلق عليها جماعة الحوثي اللجنة الثورية العليا والمتضمن دعوته للحوار لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية ،مفاجئآ لأحد ،على الرغم ان هذه الدعوة ربما هي الأولى تصدر عن قيادي في جماعة الحوثي..التي اعتادت ان تقول شيئآ وتنفذ شيء اخر وتردد شعارات هي بالأصل غير معنية او مهتمة بها الجماعة التي يدعو القيادي فيها محمد الحوثي للانتخابات لا تمتلك اي مشروع سياسي واضح يجعلها شريك في اي عملية سياسية قادمة لانها بالأساس لا تؤمن بالتعدد السياسي والثقافي والفكري ولا تؤمن بحق الاختلاف وحق الأخرين في ممارسة حقوقهم السياسية والتعبير عن معتقداتهم وافكارهم بكل حرية . وليس لدى هذه الجماعة برنامج سياسي يحمل رؤية سياسية واقتصادية واجتماعية، ولا يوجد لديها اي لوائح داخلية او نظام داخلي لعمل تنظيمي يحدد قواعد الإنتساب لهذه الجماعة التي ترفض ان تتحول الي حزب سياسي لانها بالاساس لا تؤمن بالعمل السياسي ولا بالديمقراطية والتعديدة السياسية ولا بالتداول السلمي للسلطة ولا بالانتخابات كوسيلة لهذا التداول والوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع في انتخابات حرة ونزيهة يمكنها ان تخوض غمارها لانها بالأصل ترى في كل ذلك تعارض واضح مع معتقداتها كصاحبة حق الهي في الحكم دون سواها من فئات الشعب ومكوناته المختلفة وتقدم نفسها على انها جماعة جهادية وتمارس التعبئة الجهادية في صفوف مقاتليها على اسس مذهبية وطائفية متشددة لا تقبل بفكرة التعايش مع الأخرين وتدفع بمقاتليها الى جبهات المعارك لما تسميه الجهاد في سبيل استعادة هذا الحق المزعوم في الحكم وتمنحهم التصاريح بالدخول الى الجنة . وبالتالى لا يشكل حديث محمد الحوثي او غيره من القيادات الحوثية حول الانتخابات اي قيمة يمكن الوقوف عندها فقد طغت مشاهد القتل الذي تهديه المليشيات الحوثية لليمنيين الذين يتذوقون مرارة ومآسي حروب واوهام مليشيات عقائدية لا زالت تمارس الانقلاب حتى اللحظة وتحتفظ بسلاح الدولة وتشعل الحرائق والدمار عبر حروب تقول انها توجه من خلالها العالم وامريكا واسرائيل .. ويخطى من يراهن على ان جماعة الحوثي سوف تلقي بالسلاح جانبآ وستجلس على طاولة الحوار للتفاوض لإنهاء الانقلاب وتسليم مؤسسات الدولة والسلاح المنهوب من المعسكرات وحل المليشيات والقبول بالتحول الى حزب سياسي يقبل بالديمقراطية ويمارس نشاطه السياسي السلمي الى جانب بقية الاحزاب ليخوض الانتخابات ويقبل بنتائج صناديق الاقتراع . والحديث من هذا القبيل عن انتخابات تدعو اليها جماعة خرجت للتو من مؤتمر الحوار الوطني الذي شاركت فيه الى جانب مختلف القوى السياسيه والذي كان من المقرر ان يقود اليمنين في نهاية المطاف الى انتخابات برلمانية ورئاسة وفق دستور جديد يتم الأستفتاء عليه من قبل اليمنيون، لشكل الدولة اليمنية الإتحادية ، والمكونة من اقاليم تحظى بقدر كبير من الصلاحيات وادارة مواردها ،يتقاسم خلالها السلطة والثروة والقرار ،اقاليم تنقل اليمن الى عصر جديد يسوده العدل والمواطنة المتساوية في حوار امضى اليمنيون فيه اشهر يخطون معالم المستقبل وكانت جماعة الحوثي جزء منه على الرغم انها لم تكن حزب سياسي او تيار فكري حداثي ولكنها سرعان ما انقلبت على هذا الحوار ونتائجه لانها غير معنية بالمستقبل حيث لا تزال تعيش اوهام الماضي الذي تحتكره في اسرة تريد أن تحكم بادوات متخلفة، وبقرار وحيد يحتكره "السيد"، والجميع ملزم بالسمع والطاعة وتقديم البيعة له. وراحت هذه الجماعة تعد العدة في اشعال نيران الفتنة وتدشين مرحلة كارثية من الصراع وتغذيه ثقافة العنف والكراهية والاحقاد التي تختفي خلف شعارات اتضح لاحقآ انها تجهل معناه او على النقيض من معتقداتها وتحت مبرر اسقاط الجرعة ومكافحة الفساد والأغرب من ذلك كله المطالبة بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وتعزيز الشركة . وقد عودتنا تلك الجماعة الكهنوتية عن الحديث عن شيء وتنفيذ شيء اخر تمامآ، كما حصل حين دخلت العاصمة صنعاء تحت مزاعم التظاهر السلمي لأسقاط الجرعة، بعد ان كانت قد ابتلعت في طريقها عمران. والجماعة التى ظل يردد زعيمها انها لا تريد السلطة وليس لديها اي مطامع سوى اسقاط الحكومة واسقاط الجرعة اسقطت البلد في دوامة العنف والاقتتال والحروب الكارثية والتهمت الدولة ومؤسساتها وكل امكانياتها وانقلبت على الشرعية واستولت على اموال البنك المركزي ودشنت مرحلة بائسة من الفوضى والدمار والانقلاب الكامل على السلطة في 21سبتمبر عام 2014، هذا اليوم المشؤم في ذاكرة اليمنين الذي تسارعت من بعده الاحداث باتجاه الفوضى والنكبات التي حلت في كل بيت في اسوأ كارثة انسانية حلت باليمن نتيجة انقلاب مليشيات مسلحة جأت من خارج الدولة لتعلن للعالم اجمع سيطرتها علي الدولة وانها باتت تحكم اليمنيين عمومآ بلا اي مرجعية قانونية او سياسية وعطلت العمل بالدستور والقوانين النافذة ضمن ما اطلقت عليه ثورة لم تعلن من خلالها حتى عن أي برنامج سياسي للحكم ولا عن اي مرجعية بديلة للطريقة التي ستحكم بها الشعب المصدوم مما يحدث والواقع تحت تأثير النكبة التي حلت به ولا يزال يعيش فصول مريرة من مأسيها.