ان مجمل التطورات والأحداث التي حصلت منذ النصف الثاني من العام 2014م وتداعياتها في المشهد السياسي الراهن ، قد تركت تأثيراتها الإيجابية والسلبية على ثورة شعب الجنوب التحررية .. حيث برزت الكثير من المخاطر والتحديات ماثلة أمام ثورة شعبنا التحررية ، وقضيته الوطنية العادلة. وتكشفت تجليات ومظاهر الرهانات على احتواء ثورة شعبنا التحررية ، من خلال السعي لحرفها عن مسارها وافراغها من مضامينها ، فضلا عن تسويق أفكار مضللة ، وشن حرب نفسية تشوش وعي جماهير الثورة ، وتخضعه لحالة من الرهاب السياسي في التعاطي مع التطورات والمستجدات الراهنة. ان ما نراه إزاء الأحداث والمستجدات وسبل استنهاض الهمم لإسقاط رهانات ومؤامرات احتواء الثورة واغتيال تطلعات شعبنا الشرعية والعادلة في تحرير أرضه واستعادة دولته الوطنية المستقلة ..كحق قبل أن يكون هدفا للثورة قدم شعبنا في سبيل تحقيقه آلاف الشهداء والجرحى ...الخ ان التطورات والأحداث المتسارعة التي حصلت خلال السنوات الاخيرة وتداعياتها الدراماتيكية أفضت إلى تصدع وانهيار سلطة الاحتلال ، ودخولها في فراغ دستوري وقانوني ، وانقسامها إلى كتلتين تتنازعان الشرعية وإعادة الصراع شكلا إلى ما كان عليه قبل احتلال دولة الجنوب عام 1994م ، حيث أفضى الارباك القائم إلى تعدد الافهام في قراءة الأحداث والمتغيرات على ساحة ثورتنا وعلى الصعيد الإقليمي والدولي. ان استيعاب المتغيرات الحاصلة لا يلغي إعادة وهج الثورة إلى الساحات واستثمار المتغيرات لصالح قضية شعبنا وانتصارها. ان الثورة لا ينبغي أن تراهن على ما في الضمائر أو على الاحتمالات العاطفية أو على ماتضخه مكنة الدعايات المضللة ، وانما على الوضوح بالقول والفعل وان لا ضامن لانتصار قضيتنا غير الفعل الثوري الجنوبي المرتقي إلى مصاف التحديات والمخاطر التي تحيط بالثورة. بيد أن المصاعب الذاتية ، في الأساس التي اعاقت ثورة شعب الجنوب التحررية من استثمار وتوظيف الفرص التي اتاحتها صراعات قوى ومراكز الاحتلال ، وتصدع السلطة وانهيارها منذ 21 سبتمبر 2014م وصولا إلى فبراير 2015م ، حيث قادت التداعيات إلى استغلال الفراغ السياسي والميداني الذي تركته مكونات الثورة السلمية الجنوبية التحررية في جنوبنا الثائر ، من قبل السلطات الإدارية والأمنية والعسكرية للاحتلال وركائزه في الجنوب. حيث تجلت الحقائق التالية : أولا - تصدر المشهد السياسي والتحدث باسم الجنوب ، كطرف في صراع أجنحة سلطة الاحتلال ، بالتزامن مع اتصالات وتطمينات الأطراف في الثورة معلنة وغير معلنة. ثانيا - تغييب صوت الجنوب وثورته التحررية عن المشهد السياسي تقابلة حالة تراخي وسط الثورة ، غير مبررة سياسيا. ثالثا - انفجار موروث الولاءات الأولية .. القرابية والقبلية و...الخ، متجسدة في التحركات والتهديدات الضاغطة للإفراج عن القيادات الجنوبية في سلطة الاحتلال المطاح بها ، من قبل جماعة الحوثي. رابعا - انطلاق ركائز الاحتلال في الجنوب من هدف فرض اقلمة الجنوب كأمر واقع. خامسا - تعاطي بعض القيادات والمكونات مع طروحات ودعوات بعض ركائز سلطة الاحتلال لضمان تهدئة الشارع السياسي الجنوبي الثائر ، ومن خلال ذلك يتم حقنه باوهام تنسجم مع الاسقاطات الذهنية الرغبوية المؤمل تحققها في أذهان جماهير الثورة. سادسا - تسويق فكرة الخطر القادم من الحدود واسنادها بتحركات عملية ، أبرزها اللقاءات القبلية ولقاءات السلطات المحلية في مناطق جنوبية متعددة في المحافظات الجنوبية. سابعا - وبتهريب الرئيس هادي إلى العاصمة عدن فإن المخاطر على ثورة شعب الجنوب التحررية وقضيته الوطنية تزايدت لتضع الثورة وشعب الجنوب الثائر أمام تحدي وجودي أما أن يكون أو لا يكون. ان التحدي الماثل أمام ثورة شعبنا بكل مكونات ثورته وشرائحه الاجتماعية والمهنية والإبداعية ليس التشخيص الموضوعي للمخاطر والمؤامرات المحدقة بالثورة ومكاسبها وحسب ، بل - وهو الأهم - التحرك السريع والعمل المخلص المرتقي إلى مصاف التحديات والمخاطر الملموسة ، بروح كفاحية مسؤولة لمواجهة المخاطر وإسقاط الرهانات التآمرية ، إذ أن التراخي واللامبالاة ، يعززان الرهاب السياسي في الوعي الجمعي الجنوبي ، بالتزامن مع خلط الأوراق واختراق التلاحم الشعبي سوف تتزايد. وإذا كانت الثورة رؤية وهدف واضح وفعل مستمر ، فلابد من استيعاب التحديات وأبرزها : - حرف مسار الثورة عن خطها التحرري في مسارين ممنهجين : أما طرفا في صراع قوى واجنحة سلطة الاحتلال ، وأما الزج بشعب الجنوب في صراع طائفي ومذهبي ، يستهدف إفراغ الثورة الشعبية الجنوبية التحررية من مضامينها والإقرار الضمني والصريح بإسقاط حقيقة أن الجنوب .. الأرض والانسان أخضع لاحتلال همجي بربري تدميري منذ احتلال دولته في 7 يوليو 1994م الأسود إلى اليوم ، " أي شرعنة الاحتلال القائم بصرف الأنظار إلى احتلال قادم " . ان تمرير هذا المخطط الجهنمي يعني - بالضرورة - ضرب الثورة وإسقاط قضية شعبنا العادلة وبالمحصلة النهائية اغتيال تطلعات شعبنا في الحرية والكرامة والاستقلال وإهدار تضحياته ، ليحظى الاحتلال بنصر مجاني. - أن اعلان عاصمة الجنوب عدن عاصمة موازية لعاصمة الاحتلال صنعاء قد جعل من عدن مركزا لنشاط منظومة الاحتلال السياسية ومنطلقا للصراع مع صنعاء وتحويل الجنوب إلى ساحة حرب ليصبح شعب الجنوب ضحيتها ، دون أن يكون شريكا فيها وليس له فيها لا ناقة ولا جمل. - أن مسار الأحداث وتداعياتها تكشف بأن البلاد مرشحة لاحتمالات صراع داخلي مسنود بصراع إقليمي ودولي ، حيث شرعت دولا عده في نقل سفاراتها إلى عاصمة الجنوب عدن ليأخذ الصراع بعده الإقليمي والدولي. - إن ما يجري اليوم من تآمر على الثورة الجنوبية التحررية ، آخذا طريقه إلى وعي الجماهير وعبر المداهنين والمتعاونين مع المحتل ، وذلك هو خطر وضع الثورة رهينة خيارين لا ثالث لهما : أما مع هادي وأما مع الحوثي فإن تحركت جماهير الثورة اتهمت بالاخير ، وإن صمتت اتهمت بالولاء لهادي . ان التعاطي مع هذا الرهاب المصنوع في دوائر الاحتلال السياسية والاستخباراتية يمثل تواطؤا مع الاحتلال ، إن لم يكن استكمالا لحلقة التآمر. - ان مخطط تفكيك لحمة شعبنا تأخذ اتجاهات متعددة ، عبر شراء الذمم وكسب الولاءات الفردية والقبلية. إن من يحمل اليوم الأمانة والوفاء بالعهد للشهداء والجرحى يرى أن ثورة شعب الجنوب التحررية تواجه خطرا محدقا بها من كل الاتجاهات ، خطرا أكبر من خطر القوة والقمع والقتل والتنكيل ، أنه خطر التعاطي الواعي وغير الواعي مع ما تضخه ماكنة الاحتلال الإعلامية ، وشبكتها الدعائية وسط الثورة لتبقى حبيسة رهانات الاحتلال لخدمة أجندته ومشاريعه السياسية ، ويتجلى ذلك في النجاح النسبي للاحتلال ومن في فلكه في احداث حالة انفصام في الوعي والموقف من الاحتلال ، فلم يعد الاحتلال لدى البعض " كل لا يتجزأ " برموزه وأشكاله وصوره منذ عشرين عاما ، يقبلون بالاحتلال الفعلي وينصرفون نحو احتلال محتمل قادم من الحدود ، انه خطر غير مسبوق في مسيرة ثورتنا ولذلك فلا مبرر سياسي لإيقاف الثورة السلمية ولا ضرر عليها من إعادة صوتها وحضورها السياسي والاعلامي والميداني والمتمسك باهدافها وراياتها كثورة تحررية وقضية وطنية تنأى بنفسها عن صراع أجنحة الاحتلال على مختلف الأصعدة والمسارات داخليا وخارجيا ، فارادة الشعوب لا تقهر لكنها تخدع والحذر من الخديعة ومن التهام الأوهام والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. ان عدوك اذا تمكن من اشغالك بما يصنعه هو ، فقد سلبك وقتك وجهدك والتفكير بنفسك ، والمطلوب ان تعرف عدوك ، لكن معرفتك لنفسك تسبق ، وهانحن اليوم مجرد مشاهدين لمسرح تراجيديا الاحتلال ولا نفكر كيف نستثمر خراب عدونا لصالح انتصار قضيتنا ، بل ونجح الاحتلال وادواته من اختراق قناعات الكثير منا ليقبلوا بتجميد الثورة في ثلاجة الرهاب المصنوع في كواليس الاحتلال السياسية والاستخباراتية ، بتعبير اقرب بين مطرقة هادي وسندان الحوثي ، بتناسي انهما وجهان لعملة واحدة لمنظومة الاحتلال. وفي هذا الاضطراب الناشئ عن تداعيات الاحداث الدراماتيكية وصراع اقطاب سلطة الاحتلال ومن خلفهم الصراع الاقليمي والدولي ، فاليقظة مطلب ذاتي ملح من قبل كل ثائر جنوبي ثابت الموقف صادق العهد للشهداء ، اذ ان كل طرف يسعى لتقوية موقعه عبر ايادي جنوبية تنفذ اجندة الممول بدقة وحرفية استخباراتية ، توهمك انها تسند قضيتك وهيى تلف حولك شراك الاحتواء حتى تجد نفسك بالاغراء او بالضغط في فلك عدو قضيتك .. عدو حرية ارضك وشعبك ، انها اساليب مدروسة ومخادعة ، فحذار من حسن النوايا انها طريق معبد الى جهنم ايها المخلصين لثورتكم ووطنكم وقضيتكم الوطنية ، كفانا كفانا انخداع والندم لن يفقس فدائيا في وجه الحصار ، وكما قالوا : ليس كلما يلمع ذهبا ، فلا تضع قدمك الا على ارض صلبة أي على وضوح تام. 9 مارس 2018م ..