من اسوأ السلبيات التي تعرض لها الجنوبيون، قولهم انهم عاطفيون، وغالبا مايتردد القول: نحن عاطفيون وأنتم تحلمون. وكأنها وصمت عار على الجنوبي أن يكون عاطفيا. السؤال هنا لماذا هذا الارتباك الذي يهز ثقة الفرد بنفسه وبمن حوله؟ الا يعلم ابناء الجنوب ان العاطفة هي من شيدت الحضارات التاريخية، وبها تم بناء الدول. يقول غاندي، الكراهية تقتل دائما، والحب لايموت أبدا. نعم، ان حبك وعاطفتك تجاه ابنائك وبيتك وارضك مهما حصل او صدر منهم، لا يموت. فمن الخطأ، أن تجعل من كل شيئ تحركت عاطفتك تجاهه، خطأ. حتى وان لم تنجح في بعضه. ولايجب ان نفقد الأمل في الانسانية. فالانسانية، لا نهاية لها، ولا أقول ان الانسان حي لايموت، ولكن الانسان يموت والانسانية لاتموت. فكل ثورة قامت على الحب، أين يتواجد الحب الذي هو العاطفة، تتواجد الحياة. قد يقول في نفسه من يقرأ مقالي او فكرتي هذه، بأن عاطفتنا تجاه الوحدة اليمنية، وهي كانت خطوة للوحدة العربية، هي السبب فيما نعانيه الان. ولكن لم نكن مخطئين، لأنه كان لدينا حلم، وحلمنا لم يكن خاطئ، فلاتزال الوحدة العربية حلم كل عربي حر، ولهذا يظل العرب عرب، في أي مكان كانوا فيه. اذا سكنوا شمال افريقيا او امريكا اللاتينية، أو سكنوا الهند وغيرها، فحلمنا وحدتنا، دون ان يعني هذا أن نكون دولة واحدة. فنحن بحاجة لاحترام وتغذية عاطفتنا، وانتمائنا لكل شبر في ارضنا التي تسكننا ونسكنها، وهذا الحلم يستحق ان نسعى لتحقيقه. اننا حين نجرد الهوية الوطنيه من العاطفة، تصبح عاطفتنا مؤقته. ان فصل عاطفتنا عن قضيتنا الوطنية، هو عمل ضد انسانيتنا وضد قضيتنا في نفس الوقت. ان قوة قضيتنا هي في عدالتها، والعاطفة سيدة العدالة، وهي لاتتناقض مع العقل والمنطق. وباستماعنا لأي اصوات تدين عاطفتنا الوطنية، نتساوى مع من نشتكي من سوء تصرفهم معنا، ونصبح وجهين لعملة واحدة، وتصبح قضيتنا هي مجرد خلاف ادراي، وهو ليس مانشكو منه في الحقيقة. نحن نعرف تماما ان مانشكو منه، هو الاختلاف الجوهري بيننا. وهذا الاختلاف ليس بيننا وبين الاخوة في الشمال فقط، بل بينهم وبين كل البلدان العربية. وهذا من أهم الاسباب التي جعلتهم لا يحققون لوطنهم قبل وبعد الوحدة، الدولة التي ترفع الهامة. والاخوة في الشمال، يدركون كم هم مختلفين في سلوكهم ووعيهم عن غيرهم من العالم العربي، ولذا فانهم يتعاملون مع الجميع باحترام ويلتزمون حدود الاختلاف، ولكن لأنهم يحكمونا نحن فانهم لايعترفون بأي فارق بيننا وبينهم، بل يريدون فرض سلوكهم ووعيهم علينا. وهذا الفارق هو العاطفة، نعم العاطفة، لقد منحتهم الوحدة دولة بمؤسساتها وشعب بعاطفته وثقافته، وبدلا من الاعتراف بذلك والتعلم منه، فانهم لم يلمسوا هذا الاختلاف، لأنهم لاينظرون للاشياء مثلنا. فلنعمل لقضيتنا بعاطفتنا الانسانية.