أن ماحدث في مدينتي المكلا وسيئون مساء يوم 14أكتوبر الفائت أثناء الاحتفال بالذكرى ال48 بين أنصار الحراك الجنوبي والمعتصمين من شباب التغيير عناصر الإصلاح من مصادمات وتراشق بالحجارة أسفر عن جرح العشرات من الشباب نتاج للتعبئة الخاطئة لخطابيين سياسيين غير ناضجين يحاول كل طرف إقصاء الأخر وكأنهما يحملان مشاريع نضالية متضادة على نحو مفرط .. مع التأكيد وعلم الساسة في كلا الجغرافيتين (الشمالية والجنوبية) انه لا قدسية في فرض الوحدة بالقوة وكمان لا وصاية على الجنوب ، مع إيماننا بأن مثل ما تضررت شرائح اجتماعية واسعة في الجنوب بعد حرب الاجتياح في 1994م فأن قوى جنوبية أخرى استفادت وارتبطت مصالحها بمراكز قوى في منظومة النظام المتخاصمة حاليا . قضية الجنوب حاضرة وبشدة ولا يستطيع أحدا نكرانها أو تجاوزها في المعادلة اليمنية وان حاولت بعض الرافعات الأيدلوجية جنوبا ربط مطالب الحراك الجنوبي المتمثل في الحركة الشعبية السلمية من خلال استحضار الموروث الجنوبي فترة الحرب الباردة قبل التسعينيات لتشويه القيمة الأخلاقية منذ أتساع رقعة الاحتجاجات السلمية. قبل نحو أربع سنوات تعمدت بدماء وجرحى خيرة شباب الجنوب ..أوزان الالتفاف الشعبي العريض لمكونات الحركة الوطنية الجنوبية تؤكد بما لا يدعو مجالا للشك حجم المظالم الثقيلة التي طالت أبناء الجنوب ،وإذا كانت أطراف الصراع في الشمال مختلف في كل شي بينما متفقة على الجنوب طبعا من غير الحوثيين، لماذا التيارات الجنوبية لم تتفق بل تتوافق على قضية الجنوب؟؟. البروفات الفوضوية ومانتج عنها من حماقات لصغار السن والعقل تميط اللثام عن تحشيد بإيعاز لإطراف أخرى تهدف إلى تصفية حسابات على المسرح الجنوبي ، وإبراز عضلات لمواقف ما! مؤشر عوامل تخصيب جينات المد الأيدلوجي في تربة الجنوب عبر حواضن الجذور الأجتماعية عامة بشي من الحدية العدائية ،واستغلال الفئة الشبابية كوقود لضرب الوحدة الأجتماعية على المدى القريب والبعيد في إطار خطة إستراتيجية ممنهجة لتجذير هذه الجينات في مربعات الجنوبية الأكثر ...لتجذير وتعميق النفوذ الاقتصادي للمنظومة الحاكمة بشقيها الصراعي . تفوقوا على الجنوبيين بقدراتهم وسعة بالهم ومقدرتهم السخية على توفير الدعم والمالي والمادي واستطاعوا إلى حدا كبير في خلخلة بنيان النسيج المجتمعي سياسيا واجتماعيا قرابة نحو خمسة عشر عاما ، ومع ذلك لم يستوعب جنوبيو الداخل والخارج الدرس ؟! لا مستقبل مستقر وآمن للجنوب في ظل انكماش وصمت النخبة السياسية والعلمية بمختلف ألوانها ومشاربها الفكرية وإصرارها على موقف المتفرج قبل وقوع الانهيارات ، أن واجب الضمير الإنساني يستدعي في هذه اللحظة التاريخية والمفصلية الملحة الاستنهاض بواجباتهم من خلال الحوار الجنوبي الجنوبي تحت شعار(الجنوب يجمعنا) ، ومن دون الحوار والقبول بالأخر والتوافق الوطني بعيدا عن ثقافة الإقصاء سيكون البديل هو الفوضى والعنف ، ولنا في دول عربية شقيقة وجارة نماذج من الأمثلة .! الخطورة تكمن في التسطيح لبدايات الشطط الخاطئ الذي يقع فيه هذا القيادي الشاب أو ذاك والتمادي فيه من واقع ضحالة تجربته وقصور في قدراته السياسية والفكرية لمجرد لحظة اندفاعية شعر وكأنه القائد الملهم بمقاس هذا السن وبسبب غياب العمل المؤسسي لم يراقب الفتى من هيئة سياسية تحدد سقوف شططه للعمل المكلف به تجده يتحرك بالطول والعرض معتمدا على الدعاية الإعلامية الزائفة وحضور شعبي من جيل أسير لهذه الدعاية . وفي الاتجاه الأخر تحشيد نقيض أخر تحركه المنطلقات الفكرية المنغلقة . نحن لن نقف متفرجين ، ولن نرهن مستقبلنا لتعبث به إياد إمكانياتها لا تؤهلها ، واستمرارها حتما ستقودنا إلى منعطف خطير ، وبالعودة إلى تأريخ تجربة الحكم في الجنوب منذ 1969م وما رافقه من دورات عنف وتجاوزات إقصائي تحت تأثير المشروع الفكري والانزياحات الطبقية يضع الجميع أمام مسئولية تاريخية. أن دعوات التصالح والتسامح الجنوبي لست شعارا أو خطابا سياسيا مالم ترتبط بالفعل السياسي وفي الأداء السلوكي ليغدو هدفا أخلاقيا أكثر حضورا في الوجدان الإنسان القادر التأثير والتأثر.