هكذا هي الشعوب العربية...يداً تصفق واخرى تموت ...لم يكن لاحد فينا دراية أي سوء طال اخوتنا في ليبيا.. لا يعلم احد عن مأسيهم السوداء التي تركها فيهم معمرالهلاك هذا.. يتنحنح البعض ليستوي ويكتب..( أللهم لا شماته) ويكتب ألاخر..منتقدا الثوار في فرحهم بموت القذافي.. لسنا مع الشماته ولا الفرح لموت أحدهم...لكن لاتحرموا شعبا عانى من ويلاته اربعين عاما ...كان يموت فيها كل يوم الف مرة ..ليعود ويموت مجدداً في اليوم الذي يليه...من ان يفرح لحريته التي سلبت منه.. والأنتقاد الحقيقي هنا لايكون بسبب مقتل ذلك الطاغية...بل علينا ان نُسخر اقلامنا نحو زواية اخرى.. نحو عقول الليبيين الذين عانوا سنين طوال...إن المسؤلية الكبرى تقع عليهم الأن ..ليس فقط في الظهور بروح الثوار الحقيقيين..بل بالإستماته من اجل الخروج ببلادهم نحو الغد الأفضل الذي لأجله قدموا كل تلك التضحيات..وان لايسمحوا لمتسلق جديد ان يصبح معمرا اخر يسلبهم حياتهم سنين اخرى دون وعيهم...ليجدوا انفسهم لاحقا..(كأنك يابو زيد ماغزيت) كل الانظار الان تتوجه نحوهم... المحبة بالدعاء... والكارهة بالشماتة لكل زلة قدم قد يزلوها.. عليهم الان توحيد الصفوف ووضع اليد باليد ..والجناح بجانب الجناح ليستطيع طائر الوطن التحليق..والا كُسرت كل اجنحتهم وعادوا من حيث بدأوا ولن تقوم لهم قائمة بعدها...لأن الناهشين فيهم سيكونون كثر...ولن ترحمهم اعين المنظرين.. لايملك احدنا حقا في تقرير مصير شعب طأطأ رأسه لاجل العيش والسعي خلف الحياة التي لاتسمن ولاتغني من جوع.. عاشت ليبيا سنين طوال تحت تعتيم اعلامي متعمد من قبل ذلك القذافي وكان العالم العربي اجمع يسير على تلك الشائعات التي تقول: ان الشعب الليبي شعب مستهتر لكثرة الاموال لديهم ...وان (معهمرهم الكاذب) يوزع فائض اموال النفط للشعب ..وان الطالب الجامعي الليبي يستلم اموالا طائلة...كمنحة دراسية..وغيرها من تلك الاوهام التي زُرعت عمدا على جبنات غباءنا كشعوب محبة للاحاديث الفارغة.. جميعنا كنا نردد تلك الشائعات المخبولة دون تفكير ..دون حتى محاولة استقصاء الحقيقة..او السؤال .. لم يكن احد ليكلف خاطره ولو قليلا عن السؤال هل معمر هذا وصل الى ذلك فعلا..رغم جنونه المعهود....حتى انه لافقير في بلاده...هل يوجد محتاج لايدق الابواب يرقد تحت وطأة الجوع دون ان يسمع انين جوعه احد...جميعنا شركاء في قتلهم ان كنتم تريدون الحقيقة... لاننا شعوب تقوم على الشائعات ولا باحث عن الحقيقة الا القليل.. وان وجد...غزلت حوله خيوط العنكبوت حتى أخرسوه. أرسلت أموالا طائلة تخص الليبيين نحو الدول الافريقية ..كان القذافي حينها يزرع قواعده بشراء فقراء افريقيا من اجل ان يطلق على نفسه (ملك ملوك افريقيا)...بينما تناسى تماما وبكل استهتار فقراء شعبه...من ضاقت بهم الدنيا من افعاله... وصل استهتاره بالشعب ان يخرج معهم في ثورة ضد نفسه كان يظن الامر لعبة وستنتهي ...لكن لعبته انتهت به محمولا في نعش... بعد ان كان قائد للثورة...اصبح قتيلها..مفارقات عجيبة.. علينا الان ان نتعض كشعوب قبل ان نطلب منهم الاتعاض كرؤساء وقادة... ان نتعض من تجاهل بعضنا البعض..ومن اعتماد الشائعات كنهج في حياتنا.. علينا تقع مهمة الخروج نحو العالم..نحو تقصي الحقيقة..نحو ان نكون شعب عربي واحد..(ان اشتكى عضوا منه تداعى سائر الجسد له بالسهر والحمى). *كاتبة وناشطة عدنية