جميل عبدالحكيم أحمد قاسم إن الببغاء طائر جميل الخِلقة ويكمل جماله أنه يستطيع ترديد كلام البشر بتدريبه طبعا ً- بغض النظر عن صحة الكلام الذي يردده أو خطئه - ولذلك هو لا يعي ما يقول قد يسئ إلى ضيوفك أو قد يسعدهم , إن شعبنا العظيم قد استقبل بعد 33 عام من القهر والظلم ثورة عظيمة تقوم بتطهير كل اليمن من الفاسدين والمفسدين والذين أساءوا إلى هذا الشعب المهيب .
ولكن ظهرت في الآونة الأخيرة الكثير من الببغاوات البشرية التي تسئ إلى هذه الثورة من خلال ترديد ألفاظ يشيعها بقايا الفاسدين الذين أساءوا إلى شعبهم و إلى الثورة والثوار , رغم أننا في هذا الوقت الحساس لا نريد أن تكتسب الثورة أي خصم جديد غير بقايا النظام وبقايا الحزب الحاكم مع أن الملاحظ أن هناك أناس يقومون بترديد تلك الإشاعات والاتهامات وهم أيضاً ًواقع عليهم نفس ما هو واقع على الشعب بأكمله لأنهم جزء منه فهم أول من يشتكي من سياسة العقاب الجماعي الذي ضرب كل اليمن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه من انطفاء للكهرباء وانعدام المحروقات وغلاء الأسعار وغيرها الكثير... فبقايا النظام وبقايا الحزب الحاكم تقوم بنشر الإشاعات عن أشخاص وأحزاب ومنظمات ونقابات , والببغاوات البشرية تقوم بترديدها وبفعلهم هذا يقومون بقتل ثورتهم التي ستنقدهم .
فلقد تطرقت في مقال سابق لي بعنوان ( فنون اغتيال الثورات ) إلى كيفية قتال الثورة ومن خلال مَن , وقد قال الفقيه السياسي الفرنسي " توكفيل " في أساس نجاح الثورات وكيفية اغتيالها إلى اثنا عشر نقطة وزعها ست نقاط لكيفية النجاح وست نقاط للاغتيال أرجوا العودة إليها حتى نفقه ما هي الثورة التي نريدها ولكي لا تسرق منا , وسأضع بين يديك مقتطف منه .
فكانت النقطة الثانية ومن النقاط الست للنجاح والتي هي ( 2. الحفاظ على الصورة الناصعة للثورة . ) وهو من خلال الحفاظ على سلمية الثورة , ووحدة الصف , وقبول الأخر , ومعرفة مصدر الأكاذيب وعدم ترديدها , والوعي بمخططات النظام , ومواصلة السير حتى النهاية والحفاظ على أخلاقيتنا هذا كحد أعلى أما الحد الأدنى الحفاظ على سمعت الثورة من كل مكروه والدفاع عنها وعن ثوارها وشهدائها وجرحاها . وكانت النقطة الثانية من النقاط الست للاغتيال والتي هي ( 2. تلطيخ صورة الثورة وتزييف الوعي الشعبي . ) من خلال جر الثورة للعنف , وتشتيت الصف وتفريقه , تصنيف الناس وتهميشهم , نشر الشائعات والأكاذيب والاتهامات لبعض الشخصيات أو الأحزاب أو المنظمات والنقابات ووسائل الإعلام المنظمة للثورة , هذا بحد عينه يشوه ويشتت جهود الثورة والثوار التي ينشدها أبناء الشعب اليمني - هذا ما يكسب بقايا النظام الوقت ويطيل من عمر بقائهم - ولا يقول كل ذلك الكلام إلا أصحاب المصالح الضيقة والضائعة وهم بقايا النظام المنتهية شرعيته والمستفيدين منه .
فالحفاظ على الثورة بمسارها السلمي الحالي وعدم التراجع أو الخذلان يساعد كل إنسان في هذا الوطن الغالي أياً ًكان انتماءه أو في أي طرف هو , لأن الثورة أتت تنقذ الجميع فلا داعي لرميها بالصخور مع العلم أنها في يوم من الأيام سترميهم بالثمار التي بدأت تظهر عليها الآن , فالثورة الفرنسة مثلا ً دامت " 10 سنوات " من عام ( 1789م ) إلى عام ( 1799م ) وفرنسا اليوم تعتبر من الدول العظماء , وذلك فقط لأن شعبها صبر تلك الفترة كلها لأجل أن يحقق العيش بحرية وكرامة له وللأجيال من بعده , فالعيش بحرية وكرامة مطلب كل البشر بغض النظر عن أديانهم , أفلا نستحق نحن ذلك ؟!
فنحن اليمنيون نستحق مثل ذلك وأكثر لأننا نقدم كل يوم كوكبة من الشهداء والتضحيات وبكل ما عندنا من نفس ووقت ومال وجهد لأجل أن نعيش بحرية وكرامه مثل كل باقي البشر في هذا الكوكب الجميل فلا ننسى الشهداء الذين ضحوا لأجل أن نعيش وتعيش الأجيال من بعدنا تلك اللحظات التي تمنوها .
فلا أظن أن بعد مرور 33 عام من التعسف والقهر والظلم والخوف أن تعود الثورة والثوار إلى الوراء بمجر الإشاعات التي ينشرها البعض من اليمنيين أصحاب النفوس الضعيفة أو أصحاب المصالح الضيقة فثورتنا اليوم في شهرها التاسع وبيدها البيضاء تقتلع جذور نظام له 33 عام لكي تبني مكانه نظام يحفظ لكل يمني كل ما حرم منه من قبل .
ففي الأخير "إن الذين لا يراجعون أفكارهم هم الموتى". د. محمد عمارة , لذلك يجب علينا مراجعة أفكارنا و أهدفنا التي خرجنا من أجلها وهو إسقاط النظام بتسليط الضوء على بقايا النظام الفاسد وأعوانه حتى تنجح ثورتنا , ولا نكون أبواق أو ببغاوات نردد كل ما نسمع فثورتنا لن ترفض أحداً ً أنظم إليها لأنه ليس من مصلحتها أن تكسب خصم جديد غير بقايا النظام وبقايا الحزب الحاكم , وستحافظ ثورتنا على مسيرتها السلمية فيجب سرعت الالتحاق بها قبل فوات الأوان , لأنه إن لم يكون الالتحاق بها اليوم فمتى سيكون ؟!