إن إلغاء المبعوث الأممي زيارته إلى عدن أو تأجيلها دليل على أن الجنوبيين بحراكهم ومجلسهم الانتقالي وقوات مقاومتهم غير مسيطرون على أرضهم بل وتأكيد على أنهم منقسمون سياسيا رغم إجماعهم على هدف واحد هو الاستقلال الناجز للجنوب العربي وإقامة دولته ذات السيادة . ولو كانوا مسيطرين على أرضهم لفرضوا أمر الواقع الأكثر تقدما وتحضرا عن ذلك الواقع الذي فرضه ويفرضه الحوثيون القادمون من الكهوف على بلادهم الشمال ومع ذلك نجدهم يلقون المساعدات الدولية وربما الاحترام فتستغرق زيارة المبعوث عندهم لحوالي عشرة أيام يتفاوض معهم على أن يرفع تقريره لمجلس الأمن الدولي عن نتائج مفاوضاته في الثامن عشر من هذا الشهر أبريل 2018م . نحن نعد شبابنا هم الأكثر انفتاحا على متطلبات الحداثة وأسرع تفاعلا مع احتياجات العصر ولا يعانون أي نقص في الخبرة والمعرفة بل قادرين على سن القوانين المنظمة لشئون حياة وطنهم وتوفير لوازم تطبيقها بما يخدم المواطنين إداريا وماليا وتوجيه الاقتصاد , ولكنهم متقاعسين عن أداء واجبهم أو أنهم منزوعي الحيلة والإرادة ممنوع عليهم اتخاذ القرار الفعلي لا بالشعارات , وإذا كانوا كذلك فلماذا لا يستعينون بالأكبر منهم سنا وعمرا ذوي الخبرة والتجارب في الدولة الجنوبية السابقة بدلا من الاتكال على جهة التحالف العربي وبالذات السعودية والإمارات حيث مهامهم العسكرية وتقديم المساعدات الإنسانية تطغى على جهودهم ومن أولوياتهم أنهم لا يتدخلون في شئون تسيير الجنوب الذي يسمونه المناطق المحررة تاركين أمر ذلك للحكومة الشرعية اليمنية والتي نراها هي المسيطر الفعلي على الأرض إداريا وماليا فلن تعير أي اهتمام لمطالب الجنوبيين في فك ارتباطهم عن اليمن . هناك عرقلة واضحة لبسط الجنوبيين سيطرتهم على أرضهم وإهمال متعمد لأحد سببين أولهما تلك المجاميع المتمصلحة من استمرار الوضع على ما هو عليه وهي وجوه ثابتة تظهر على الدوام في اللجان التحضيرية للفعاليات والاحتشادات والأموال الطائلة التي تصرف دون فحص ومراقبة ومراجعة وهذا نوع من الفساد المستشري فالمال السائب يعلم السرقة , فالمتابعة والتقييم المالي والإداري أمر مهم وضروري لقيام نظام خالي من التلاعب والاستهتار يحظى باحترام العالم والمنظمات الدولية . تلك المجاميع ترى أن الاحتشاد ورفع الأعلام هو الوسيلة التي نعبر من خلالها للعالم سيطرتنا على أرضنا متناسين أن حشودنا المليونية ورفع أعلامنا كانت منذ الوهلة الأولى لانطلاقة حراكنا الجنوبي في 2007م في ظل وجود الاحتلال اليمني بقوات جيشه وأمنه , فهل كنا مسيطرون على أرضنا ؟! في هذه المرحلة وبعد تحرير الجنوب وعاصمته عدن فإن التعبير عن سيطرتنا على أرضنا وإرسال رسالة للعالم بذلك يجب أن يكون عبر إظهار قدرتنا على إدارة الجهاز المالي والإداري واستطاعتنا في توجيه الحكم في الجنوب وماعدا ذلك فهو هراء ومضيعة للوقت وفشل وفساد ربما أرضيته الفشل السياسي للتحالف العربي – السعودية والإمارات – في الجنوب مقابل الفشل العسكري مع الحكومة الشرعية اليمنية وجيشها الوطني في مواجهة الحوثيين في الشمال , وهو السبب الثاني وخاصة أنه لن يتسنى للمبعوث الأممي زيارة عدن وإن زارها فإنه لن يستغرق فيها إلا ساعات لضيق الوقت , فهو يتوجه إلى عمان للقاء الطرف الجنوبي ممثلا بالزعيم باعوم , وفي الإمارات يلتقي بطرف جنوبي آخر ممثلا بالمجلس الانتقالي الجنوبي فهل هناك شروط حوثية يتم تلبيتها يؤكد نجاح سياسي لقطر المؤيدة لتيار باعوم منذ العام 2011م وانعقاد مؤتمره في ساحة الاعتصام في المنصورة في العاصمة عدن ونجاح انعقاد مؤتمره الثاني الأمر الذي يهيئ لقطر العودة للجنوب مع ضمان وجودها في الشمال بعلاقاتها الوطيدة بجماعة الحوثيين وحزب الإصلاح اليمني الإخوانجي خارج وداخل الحكومة الشرعية .