تعيش اليمن منذ العقود الأخيرة حالة من الاستنزاف المفرط للمياه الجوفية بنسبة 140 في المئة ممّا جعلها تقع تحت خط الفقر المائي، فنصيب الفرد الواحد لا يتجاوز 120 متر مكعبًا أي 12 الف لتر سنويًا، وتشير دراسات أجرتها حكومة باسندوة ان استخدام المياه في اليمن يقارب 3 مليار متر مكعب سنويًا وهي تشكل حالة من الاستنزاف المفرط للمياه ، ويعاني الأطفال في اليمن من عدم توفر مياه صالحة للشرب مما يضطر الآخرون إلى استخدام مياه ملوّثة، وهو ما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض، خصوصاً بين الأطفال وفقاً لدراسات عدة اجرتها منظمة الصحة العالمية بأنّ نحو 5 مليون يمني لا تصلهم حالياً المياه النظيفة في مدن رئيسية، الأمر الذي يجعلهم عرضة لخطر الأمراض التي تنقلها المياه الملوثة . تدخلات بشرية
تشهد اليمن حالة من الاستنزاف المفرط للأحواض المائية وذلك في استخدامها لري وغمر شجرة القات بكميات مأهولة وتشكل نسبة 90 في المئة، وفي بعض المناطق تصل درجة الاستنزاف الى 400 في المئة وهي أحواض تعز وصنعاء وفي لحج تقول الدراسات ان السدود التي بنيت في تعز منعت المياه من التدفق الى مدينة تبن التابعة للحج وهو ما جعلها تعاني من جفاف قحال، وفي الجانب الآخر تشير ابحاث اجرتها البعثة الفرنسية في الثمانينات من القرن الماضي ان منطقة (العقلة) بمحافظة بشبوة يقع فيها خزان مياه كبير وقديم قد يكفي اليمن لمدة 300 سنة في حال تم استخدامه بطرق غير عبثية .
وفي عدن يعاني سكان المدينة من عدم توفر المياه الصالحة للشرب خاصة في مديرية الشيخ عثمان والبساتين بسبب تلوثها بالأتربة من المصادر الرئيسية التي توفرها الدولة في بئر احمد، وفي مديريات صيرة والمعلا والتواهي لا يصل إليهم الماء بشكل مستمر حيث تعاني من انقطاع حاد للمياه ويتوفر مرة واحدة كل ثلاثة أيام في مدينة ساحلية تحت درجة حرارة مرتفعة وهي بحاجة ماسة لتوفر المياه الصالح للشرب بشكل مستمر.
آثار كارثية
وقال الدكتور "فواز باحميش" في ورشة تدريبية مكثفة لبناء قدرات الصحفيين في مجال التغير المناخي والطاقة المتجددة اجرتها مؤسسة البيئة والقانون بالاشتراك مع مؤسسة فريدريش إيبرت بعدن ان التدخلات البشرية قد تؤدي الى ثلوث مصادر المياه الجوفية بسبب عدة عوامل اهمها تسرب مياه الصرف الصحي من البيارات والانابيب ومخلفات السوائل الضارة عن النشاط الصناعي والمخلفات العضوية والصلبة تعمل على تسربها الى باطن الارض وتختلط في المياه الجوفية وهو ما حدث اثناء الحرب على عدن في عام 2015 في حي الخساف بمدينة عدن القديمة حيث ان المواطنين بادروا الى فتح احدى الآبار القديمة ووجدوها مختلطه بمياه الصرف الصحي ( المجاري ) وتعرف عدن تاريخيا بمقولة قديمة بانها تاريخ الماء فمدينة كهذه تقع بين جبل وبحر ولابد ان تتعرض لشحة المياه .
وبسبب عدم توفر المياه النظيفة لليمن بشكل كامل، تنشر الامراض التي تنقلها على نطاق واسع وهو ماحدث خلال الاشهر الاخير حيث انتشر وباء الكوليرا والاسهال المائي بمعدلات كبيرة جداً في المدن الرئيسية والأرياف التي تعاني من محدودية وصول المياه النظيفة حيث وصلت الاصابات بداء الكوليرا نصف مليون شخص بحسب احصائيات لمنظمة الصحة العالمية.
حلول
يقول الدكتور باحميش ان الحلول الأخيرة للحد من تلوث مصادر المياه الجوفية هي بدعم الابحاث العلمية المتخصصة من أجل تنمية الموارد المياه الجوفية والبحث عن مصادر جديدة لمياه الشرب عن طريق تحلية المياه المالحة وتوعية السكان بالأخطار المحتملة والناتجة من نقص المياه وعمل صيانة دورية لشبكة المياه وتغيير الشبكات خلال فترات.
تحتل مسألة تنمية مصادر المياه في عدن أهمية خاصة وذلك لمحدودية الآبار التي قد تنضب بفعل البناء العشوائي في مصادر المياه نفسها في بئر احمد قد يؤدي الى تلوثها، فمن ينقذها ؟