يظل الفنان – بطبيعته – يحمل هماً وقصية طالما وهو يتنفس ، وتتقمصه حالة نادرة لا يمكن تفسيرها حين يجد نفسه منطلقاً بحالة اللاشعور لتناول أداته الفنية ليخرج ما تجيش به مشاعره من إبداع وعطاء ، أكان ذلك بالكلمة أو النغمة أو الخط واللون ومفردات التشكيل بتنوعها. وهكذا أكانت حالة مبدعنا الفنان التشكيلي سهيل عبد الغفور الذي أنعزل دهراً عن عناق الريشة ونثر الألوان على مسطحات اللوحة التي أشتاقت لأنامله المبدعة فترة من الزمن. فبعد مشوار طويل من الدراسة في الخارج ، والعودة للوطن والاستقرار الأسري الذي تفرغ له دهراً وبعد أن وجد نفسه قد قضى ردحاً من الزمن في العمل والخدمة كمدرس لأجيال مركز التدريب المهني بعدن حتى تم إحالته للتقاعد لانقضاء فترة الخدمة .. فاتسعت المساحة الزمنية أمام ناظريه ، وبدأت طبيعته الفنية تطفو للسطح ، بعد أن كان يوماً ما رئيساً لجمعية التشكيليين الشباب قبل رحيله للدراسة الخارجية وأقبل الشوق يغازل أنامله المبدعة لعناق الريشة والاستمتاع برقصها وهي تداعب الألوان وتوزعها كحدائق الأزهار على سطح اللوحة. الفنان المبدع (سهيل) أعاد نشاطة الفني أيضاً من خلال نقابة الفنانين التشكيليين الجنوبيين بعدن ، لخبرته التنظيمية لمثل هذه التجمعات الفنية بعد أن وصل – أبان الزمن الجميل – إلى منصب عضو اللجنة المركزية لإتحاد الشباب (أشيد) وكرئيس لجمعية التشكيليين الشباب كما أسلفنا. لعل الإشارة لهذا الفنان المخضرم لا تعني تسليط الضؤ عليه ، بقدر ماتهدف توجيه الضؤ إلى الفن التشكيلي ممثلاً بعناصره البشرية ورموزه الإبداعية الذي أخذوا في إعادة البحث عن مكانتهم الهامة في المجتمع وخدمته من خلال فنهم الجميل ، وتنشيط الحركة الثقافية في عدن بعد أن نالت الحظ الأوفر من التهميش والجمود الذي طغى على الثقافة المجتمعية وخَلّفَ المآسي الهائلة والنتائج السلبية بين أوساط الأجيال الشابة وحتى اليوم ، والذي ندفع ثمن معاناته جميعاً الآن. ومن خلال هذه الأسطر نجدد الدعوة لكل مبدعينا ومثقفينا في عدن لإعادة نشاطهم الإبداعي والثقافي بشكل مكثف حتى نعمل جاهدين لانتشال ثقافة المجتمع نحو الأفضل ليرتقي بذلك الذوق العام ونساهم في العمل على تشكيل الأجيال المقبلة أخلاقيا وثقافياً ، والذي بدوره سيساهم في تحسين المستوى الأخلاقي والنفسي لهذا المجتمع ، ونتغنى بالجمال والسلام والمحبة على أرض عدن بعيداً عن لغة العنف وأصوات الرصاص ، ويكون لنا أمل في الغد الجميل الذي ننشده جميعاً.