في حرب 2015م خرج الجنوب منتصراً، وظننا أن مرحلة البناء والتنمية بدأت، على الأقل تكريماً لشهداء وهبوا أرواحهم من أجل الله تعالى ثم وطنهم الغالي، ولكن لم يحدث شيئا ولو بسيطاً من أحلامنا وامانينا، أن لم يكن هناك نكوصاً وتراجعاً في وضع الاستقرار في الجنوب!. الغريب أن العدو حمل عصاه ورحل بدون رجعة، ونحن بالغنا في حمل السلاح والخوف من كل شيء ... خوف قيّدنا عن العمل، وكأن نظرية المؤامرة هي المسيطرة في الجنوب، وهي على رأي الكثير من خبراء السياسة تُنتج في أغلب الحالات افتراضات تتناقض مع الفهم التاريخي السائد للحقائق البسيطة. والذي يخيفني أن المسألة تعدت الافتراضات إلى صناعة أعداء وهميين لاوجود لهم على أرض الواقع!، وهو ما ينتج فشل في قيادة مسيرة التنمية وما يحلم به جميع أبناء الجنوب من قبل القادة المهزوزين مع اعتذاري عن هذه الكلمة ولكنها الحقيقة للأسف الشديد. المشهد في الجنوب الآن كالتالي: لم نعد نأبه بالبناء والأعمار والتنمية، بل ظل شغلنا الشاغل الدفاع واختراع الأعداء، وربما اثرت الحرب في نفسياتنا والبطولات التي صاغها أبناء الجنوب مما دفعهم للقبض على الزناد دائما ومحاولة حماية انجازاتهم حتى لو لم يكن هناك عدوا حقيقياً!. هذه المرحلة القلقة مرت بها معظم الدول التي نالت حريتها وقدمت الشهداء لأجل ذلك، ولكن ما يميز تلك الدول أن تلك المرحلة كانت مؤقتة عندهم، ثم انطلقوا للبناء والتنمية، اما نحن فمازال هاجس التآمر والنيل من ببلادنا يقلقنا، ويجعلنا عاجزين عن صناعة نتيجة لنصرنا ويقيدنا في مكاننا رغم مرور ثلاث سنوات على استقلالنا، وأصبح المواطن الجنوبي في حيرة من أمره وهو يشاهد العجز الذي وصل له قادتنا، فرغم القوات الجنوبية المسيطرة على أرضها إلا أن الواقع مزري من جميع الجوانب ويتساءل المواطن: ما الذي يحدث ومن السبب في تدهور الأوضاع في الجنوب؟!. والجواب ليس متعلقا بكثرة الأعداء المتربصين ببلادنا، ولكن متعلق بقادتنا وإصرارهم على العيش في زمن الحرب والمؤامرة ولم يعيشوا اللحظة الراهنة، ونصيحتي : نرمي تلك الأوهام خلفنا وننظر للأمام ونعمل للمواطن الذي بدأ يتذمر من هذا الوضع الغريب والفاشل، فالحذر الحذر من غضب الشعوب، فزمن الكلام انتهى وزمن العمل هو الذي يجب أن يكون الآن في جنوبنا الحبيب!. والله من وراء القصد.