لم يكتفي نظام 7 يوليو 1994م بتدمير الجنوب في حملته الهولاكيه بعد تحقيق نصره العسكري في 94م ، وكل إجراءات نظام 7 يوليو الإنتقاميه الثأرية لم تقف عند حد الثأر من هزائمه أمام الجيش الجنوبي سابقاً فقط ، بل كان الثأر من الجنوب على الطريقة السبئية – التدمير والنهب وتغيير الديمغرافيا لسكان الجنوب وطمس المعالم التاريخية و الهوية وهو مسلك ثقافي متوارث لذا النظام السياسي الشمالي قديماً و حديثاً . لقد تراكمت مساوئ القائمين بأمر البلاد بعد نصرهم في 94م على الجنوب حتى استطاعوا إيصال الجنوبيين إلى إنكار انتسابهم للهوية اليمنية ... وجاءت انتفاضتهم الشعبية السلمية (الحراك السلمي الجنوبي ) هذه الانتفاضة السلمية التي عمّت جميع مناطق الجنوب ولم تجد لها نصير في الشمال إلا في وقت متأخر ، وهذا الموقف عمّق الهوّة على المستوى الشعبي ...لكن جاءت ثورة الشباب الشعبية السلمية التي بدأت من تعزالمدينة التي تشرّب أبناءها الثقافية الجنوبية رغم انتمائهم للجمهورية العربية اليمنية ، ثم توسّعت وتجاوب معها شباب جميع المحافظات الشمالية وأولهم شباب صنعاء ، هذه الهبّة الشبابية أعادة أمل بعض الجنوبيين في استمرار الوحدة اذا انتصرت الثورة الشبابية ... التي على الجنوبيين دعمها بل وتقديم كل العون لها حتى تبلغ أهدافها ، وتعيد للإنسان اليمني آدميته وكرامته ، وتُقيم دولة النظام والقانون التي أفتقدها اليمن طوال تاريخه الحديث – باستثناء فترة الزعيم الوطني إبراهيم الحمدي الذي كان فلته تاريخية بيضاء جاءت بعده مرحلة معتمه بالسواد .
إن ثورة الشباب اليوم تواجه قوى تتصارع فيما بينها على الفريسة ( السلطة والثروة ) ...هذه القوى تعلم أن انتصار الثورة الشبابية يمثل نهاية حتميّة لحقبة تاريخية يمكن أن يطلق عليها مرحلة اللادولة .... هذه المرحلة التي جرى فيها تقاسم السلطة والثروة بين مراكز قوى محدودة – عائلات – عسكر – مشائخ قبائل – وسعت في الأرض فساداً ، نشرت الفتن بين الناس وتحكّمت في أحكام القضاء بحيث لا ينصف المظلوم من الظالم ، ونهبت ثروة البلد بطريقة لم يسبق لها مثيل في التاريخ ، وشجّعت القبائل على استقواء بعضها على البعض ، وموّنت مشائخهم بالسلاح والمال ، وحمت من يأخذ بثأره داخل صنعاء باعتباره حق مشروع ، وشجّعت ودعمت التوجهات الدينية التكفيرية واستخدمت بعض الشباب بعد غسل أدمغتهم للقيام بقتل المعارضين السياسيين للنظام بدعوى تكفيرهم ونشرت الخوف والهلع بين الناس واستهدفت قتل قيادات القوى الحية في المجتمع تحت ذرائع أحكمت أعدادها وتموينها مسبقاً ( الثأر / التكفير / المعتوهين .. وغير ذلك )، ودعمت إنشاء عصابات التقّطّع على الطرقات ونهب المسافرين وسياراتهم وبيعها في مختلف معارض بيع السيارات في مختلف المحافظات دون تعرّض أجهزة ما تسمى بالدولة لا للبائع ولا للمشتري ، وشجّعت ظاهرة الاختطافات واستجابت لمطالب الخاطفين لإعطاء الإشارة للناس بأن من له مظلمة عليه أن يأخذها بيده ، وفي أثناء ما أسموها الأزمة السياسية بسبب الثورة الشبابية الشعبية وجّهت أطراف الصراع في صنعاء الأجهزة التابعة للطرفين القيام بمهمة منع الجنوب من إعلان الانفصال على الأرض مستغلّين أزمة الشركاء في صنعاء .
وأعلن الرئيس أن القاعدة ستسيطر على عدد من المحافظات سمّاها – وجرى تنفيذ ما وعد به خاصة في المحافظات الجنوبية وبالمقابل ثم توجيه وحدات عسكرية لمقاتلة هذه الجماعات كما جرى ولا زال جاري في أبين التي دمّرت مدنها وهجّر سكانها دون إحراز أي تقدم على الأرض من قبل أياً من الطرفين ، وكأن المهمة للطرفين هو تدمير المدن وتهجير سكانها وخلق حالة حرب على مشارف عدن العاصمة الجنوبية ، إلى جانب خلق جيوب لمسلحين يطلق عليهم بالقاعدة في مناطق جنوبية مختلفة .. ويؤكد العارفين بأسرار القصور تبعية هذه المجاميع لمتنفذي صنعاء ، ولنا عبره من موقف النظام وبقاياه تجاه من يسمون بأنصار الشريعة عند احتلالهم لعاصمة أبين والمدن المجاورة وعند احتلالهم لرداع .. وموقفهم أيضاً تجاه المعالم الأثرية في عدن ومعلمي رداع ( قلعة ومسجد العامرية )..
لماذا يتحاور أنصار الشريعة في رداع مع نظام ظهروا لإسقاطه وتقتصر مطالبهم على إخراج أقربائهم من السجن ؟؟؟ لماذا لم تأتي مطالب أنصار الشريعة في زنجبار وجعار مماثلة لمطالب جماعة رداع ؟؟؟ الم تلحظوا الفوارق الكبيرة في هذا .. لا نتمنى لأهلنا وأبناءنا في رداع إلا الخير والسلام لكننا نتمنى أيضاً لأهلنا في زنجبار وجعار مثلهم .
قد يقال أن قبائل رداع هي من فرضت هذه المخارج ، ونحن لا نشكك في الإسهام في ذلك ، لكن قبائل أبين وضعها مختلف فهم قد قبلوا بدولة النظام والقانون وفقدوا العدّة والعتاد ورفض نظام صنعاء تمكينهم من ذلك ، وعندما اعتمدوا على أنفسهم في إنهاء مشكلة أبين سارع متنفذي صنعاء وأبدوا الاستعداد لدعمهم ثم وجّهوهم إلى فخ أُعدّ لهم وجرى ضرب تجمعاتهم المنتشرة من حسان إلى شقره بالطيران اليمني ، وبرّروا هذه الجريمة بكلمة بسيطة لا يقبلها عقل ( الطيران أخطأ هدفه ) ، كل تعاملات نظام صنعاء منذ حرب 1994م حتى اليوم تستهدف تدمير الجنوب أرضاً وإنساناً وبعقلية (هولاكية / سبئية ) وبطريقة (انتقامية / ثأرية ) من الجنوب وأهلة دون استثناء ، لذلك ندعوا كل من ينتمي للجنوب من أنصار الشريعة الانحياز لأهلهم وأرضهم وهم يعلمون أن أهلهم مسلمون يخافون الله ويعملون بشريعته ، فإن كانوا يحاربون النظام فرؤوس النظام في صنعاء ولا ينبغي أن يكون العدو في صنعاء والثأر في أبين وشبوه وعدن وبقية المحافظات الجنوبية .
إن هذا الوضع الجديد في الجنوب يضع كل الجنوبيين بمختلف توجهاتهم السياسية بما فيهم الداعين لحل القضية الجنوبية في إطار الوحدة أمام خيارين :- إما أن يرفع متنفذي صنعاء قاعدتهم ومسلحيهم من مناطق الجنوب . أو أن يتفق الجنوبيين على خيار استعادة الجنوب لوضعه السياسي قبل الوحدة -والجنوبيين بعد ذلك كفيلين بحماية أرضهم .. وفرض الأمن والاستقرار وتأمين الإنسان على الكلّيات الخمس المكفولة شرعاً وقانوناً وعرفاً ، وبناء الدولة المدنية الحامية لمصالح الأمة والمؤهلة للتعاطي والتأمين لمصالح الآخرين في منطقتنا التي نعلم أنها منطقة مصالح إقليمية ودولية .