الجنوبيون سلموا كل شيء لدولة الوحدة، فلقد سلم الجنوبيون عاصمتهم من أجل الوحدة، وتخلوا عن عملتهم من أجل الوحدة، وتنازلوا عن علمهم لأجل الوحدة، وتنازلوا عن أرض بكر وكل هذا من أجل الوحدة التي كان أكثر الشماليين يرفضونها رفضاً قاطعاً، تنازل الجنوبيون عن الرئاسة، وتركوا منازلهم ليسكنوا في عاصمة الوحدة صنعاء، ولكن بالايجار فلا تمليك لهم في صنعاء إلا للمقربين فقط، كل هذا كله كان في مايو وفي الثاني وعشرين منه، وفي العام تسعين بعد الألف وتسعمائة انتهت دولة الجنوب وذابت في دولة الوحدة. قهر الشماليون الجنوبيين، وتفجرت حرب صيف 94 وتجرع الجنوبيون احتلال أرضهم وغادرت قياداتهم الوطن الذي سلموه على طبق من ذهب محاط بالورود للشماليين، فاستباح الشماليون الجنوب، وأعدوا كشف خليك بالبيت للجنوبيين الذين مازالوا يتجرعون مرارته إلى اليوم، فمعاشات الذين كانوا يمثلون دولة الجنوب لا تتعدى الخمسين ألف، فأصبحت دولة الجنوب تفترش الأرصفة لاستلام معاش تقاعدي لا يساوي طوابير الذل أمام مقرات البريد. اليوم يستعد الحنوبيون لاستعادة دولتهم، وكل شيء أصبح ممكناً بعد تساقط رؤوس الشمال وفرار الكثير منها، فهل سيكون موعد ميلاد الوحدة هو تاريخ وموعد لموتها ودفنها؟ وهل سيتوحد الجنوبيون على كلمة سواء لاستعادة دولتهم وبأية صيغة تضمن للجنوبيين حقوقهم، وعيشهم الكريم؟ أيها الجنوبيون الظروف مهيأة، فهل تستطيعون لملمة شتاتكم وانتزاع دولتكم؟ فالفرص لا تتكرر ، ولن تجدوا فرصة كفرصة اليوم، واستمعوا للقائل وهو يقول: إذا هبت رياحك فاغتنمها * فلا تدري متى يأتي السكون وإذا درت نياقك فاحتلبها * فلا تدري متى يأتي الفصيل فهذه فرصتكم فاغتنموها، وهذه رياحكم قد هبت فارفعوا أشرعتكم وابحروا نحو دولتكم، وهاهي نياقكم قد درت فاحلبوها قبل أن يأتي غيركم فيحلبها ويمصمص ضروعها، فيكفي ماقد مر بكم من حروب واختلافات، فادفنوها وتوحدوا على كلمة سواء، فهل سيكون مايو هو يومكم، وخاصة في الثاني وعشرين منه ؟ نتمنى أن نسمع عن تعقل الجنوبيين وتوحدهم، ليعلنوا دولتهم، وبأية صيغة يرونها مناسبة.