إستلهاماّ من إرثهم النضالي وإبداعاّ مستمداّ من تراكمية نضالهم اليومي منذ تفجر الثورة الثانية في 7/7/2007 للحراك الشعبي السلمي الجنوبي سطر أبناء الجنوب في 21/2/2012 ملحمة ثورية جديدة في مواجهة قوى الاستبداد والإحتلال المتلبسة بثوب جديد من خلال إستيعابهم وإدراكهم الواعي لحقيقة التدابير الخبيثة التي يراد تمريرها لوأد القضية الجنوبية وإستحقاقاتها لإستعادة الدولة بالإلتفاف على إرادة شعب الجنوب عن طريق الإنتخابات الصورية التي كان من المقرر تمريرها في الجنوب وبالأخص في عدن لصالح المشروع التصفوي لمنظومة حرب الإحتلال المكرسة على بلادنا منذ العام 1994. وكانت الملحمة التي قوضت تلك التدابير الخبيثة بالرفض القاطع للأنتخابات بإبداعهم لوسائل جديدة في نضالهم السلمي التي حققت من خلالها الإرادة الشعبية وبشكل غير مسبوق على الأرض فأنتزعت بوحدة شعب الجنوب وإرادته وليس بغيرهما إنتصاراّ ثميناّ على طريق إستعادة الدولة الجنوبية وفاءّ لدماء الشهداء الذين سقطوا على ضريح الحرية برغم مازجه الإحتلال من قوة عسكرية ضخمة (مجولقة) بحسب التعبير العسكري حشدت بشكل مسبق في كل مددننا وبالأخص في عدن الثورة بهدف إثارة الرعب والإرهاب في نفوس المواطنين المسالمين الرافضين للإنتخابات والذين خرجوا بصدورهم العارية معبرين عن رفضهم ومقاطعتهم للمهزلة الإنتخابية المتزامنة لعصيان مدني. و شاركت في تنفيذ العصيان المدني كل شرائح المجتمع من تجار وأصحاب المهن الحرفية ووسائل النقل الداخلي المتنوع وباعة الأسواق بروح وطنية عالية معبرين عن تلاحمهم مع قضية شعبهم وخياراته.
أن تلك الملحمة التي سطرها أبناء الجنوب بوحدتهم لجديرة بالقراءة والإستقراء والتمعن في بعدها ومدلولاتها السياسية والإجتماعية وأثرها في العملية النضالية القادمة بما يستوجب من كافة قيادات مكونات الحراك السلمي الجنوبي السعي الجاد والحثيث لتوحيد الأداة السياسية في إطار جامع وموحد بعيداّ عن المكابرة والإستباق والأحادية الشمولية المقصية والمهمشة التي لاتخدم قضيتنا الجنوبية بل تسهل لأعداء الجنوب وقضيته الترويج لتهميشها ومحاولة تجاوزها والتعتيم على تضحيات مناضليها ونجاحاتها بالتوافق على بناء المجلس الوطني الجنوبي الجامع .
خاصة وأن ما تحقق في ملحمة الاستفتاء يوم أمس على حق الجنوب في تقرير مصيره وإستعادة دولته كان واضحاّ وضوح الشمس لكل ذى بصر وبصيرة كما كانت رسالة واضحة المعالم للرأي العام وللمجتمع الدولي وبخاصة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والإتحاد الأوروبي ودول الجوار الشقيقة وعالمنا العربي وكل أحرار العالم رسمت بإبداع الإرادة الشعبية لشعب الجنوب الحر بوسائله الحضارية السلمية وتعبيراتها المدنية... والله من وراء القصد...