قرر الرجل البسيط المتواضع الأخ المناضل محمد علي أحمد العودة للوطن، فالمرء لايحتاج أن يكلف نفسه عناء حتى يذكره ويقول له: مهمتك شاقة وصعبة في الجنوب في ظل ظروف غير عادية، وسط بحر هائج مائج، فالطريق ليس معبد، يقع فيه الحافر على الحافر، ولكن ذلك يتم إجتراحه على الأرض بعكس ذلك الطريق الداجن.. فمن قلب المحن والمصاعب – أحياناً – تتحقق المعجزات. ولعلني لا أضيف شيئً إذا ما قلت أن أبو سند لا يحمل مشروعاً وطنياً أو رؤية سياسية خاصة به، أو يرغب في تقليد بعض الزعامات العالمية التاريخية المشهورة، التي قادت شعوبها نحو الحرية والكرامة الإنسانية.. ولكنه وجد نفسه كما يقال (في مفرق الطريق) أو أمام خيارين لا ثالث لهما، أحلاهما مر: الأول: إدراكه أن قرار العودة للوطن صعب، الثاني : يرى أن تراجعه عن قرار العودة أكثر صعوبة، لذلك، قرر المضي قدماً والعودة للوطن، لكي يؤكد ويكرر رغبته في مشاركة شعب الجنوب على الأرض بصفته محمد علي أحمد، كما سيفتح عقله وقلبه ويمد يده لكل الشرفاء والمخلصين من أبناء الجنوب في محاولة لإنقاذ شعبنا من محنة الإحتلال كما تضمن بيانه الأخير ذلك. وكونها تربطني به علاقة لأكثر من أربعين عاماً - يابس بيابس - فأنا من المطلعين على تفكيره وأسلوبه في العمل والتعامل.. فهو رجل وطني غني عن التعريف لدى شعبنا، مقاتل شجاع أكثر ما يكون رجل سياسي تقليدي، وعليه: 1- قرر العودة للوطن.. لان أبو سند يرى أن واحد زائد واحد يساوي أثنان (1 1=2)، وبالتالي يتصرف من منطق أن لكل وقت أذان وكل قدر مكتوب ومحكم بميعاد محتوم.. وماهو مكتوب على الجبين لابد تراه العين. لكن يرى أن الإنتظار طال، والأمل بين اليأس والرجاء، لذلك قرر العودة للوطن طالباً من الله الهداية إلى جادة الطريق لمن مايزال في المنطقة الرمادية (مدخلين مخرجين).
2- قرر العودة للوطن.. لأنه يرى أن مهمته تستلزم وقتاً ليس يسيراً، ودعماً معنوياً وماديناً كبيراً، خصوصاً أن هناك فرص وأوقات ثمينة ضاعت على أبناء الجنوب في المراوحة والتردد والانتظار حتى ضاع الوقت، ولهذا قرر العودة للوطن، والله يجازي من كان السبب.
3- قرر العودة للوطن.. لأنه يرى عن إقتناع وإيمان بأنه لا توجد معارضة في الخارج بقدر ما المعارضة الحقيقية في الداخل، وفي المقدمة شباب الجنوب والحراك الشعبي السلمي الجنوبي هو الحاضن للقضية الجنوبية، وعلى خلفية ذلك عاد إلى حضن الوطن.
4- قرر العودة للوطن.. لأنه يرى أن النظام العنصري القبلي البشع في صنعاء ذهب بعيداً في الحصار والقتل والقمع والتدمير لشعبنا.. يمتهن الكرامة كما يريد، ويقتل كما يريد، ويسجن كما يريد، ونهب وصادر الأرض ومافوقها وماتحتها.. الكل عنده سواء.. الأبرياء صغاراً وكباراً، نساءً ورجالاً، يفقدون حياتهم كل يوم في المدن والشوارع والقرى والبيوت على السواء، وأمام ذلك قرر العودة للوطن وللصبر حدود. 5- قرر العودة للوطن.. لأنه يرى أن مهمته في الجنوب ستضعه على خط التماس مع الشعب، مع حقوق وطنية وتاريخية يصعب إنكارها، ومخاوف ومحاذير يصعب تجاهلها، ومصالح دولية وإقليمية ومحلية يصعب التوفيق بينها، ورغم ذلك قرر العودة للوطن والله ولي التوفيق.
6-قرر العودة للوطن.. لأنه يرى بدلاً من الإتصالات بالتلفون أو إرسال الإيميلات إلى الداخل من وراء البحار في الخارج، وبدلاً من الدعوات للمظاهرات وإصدار البيانات من الخارج، فقد قرر العودة للوطن ليس لأجل الإتصالات والمشاورات على الأرض مع كل الأطراف السياسية فحسب، بل والمشاركة في المظاهرات والإعتصامات والتضحيات في الميدان لتعزيز نضال شعبنا المشروع والعادل.
7- قرر العودة للوطن.. لأنه يرى بدلاً من الدعوة لتحقيق الوحدة الوطنية الجنوبية من فينا أو القاهرة أو لندن أو أمريكا أو بركسل أوبيروت، يجب المحاولة لتحقيق الوحدة الوطنية الجنوبية على الأرض في الداخل وبالذات من عدن/ المعجلة/ ردفان/ عتق/ حضرموت/ الغيضة.
8- قرر العودة للوطن.. لأنه يدرك تماماً أن بعض القيادات الجنوبية متوترة الأعصاب، وبعضها تدعي بطولات وهمية، والبعض تعتبر نفسها (عراب) الحراك في أي اتصال أو لقاء أو قيادة، وكأنها تعيش على كوكب آخر، ولا تعلم أن الخارطة السياسية والاقتصادية والإجتماعية قد تغيرت، وأن الأمس لن يعود اليوم.. فقد بعنا الجنوب في 22 مايو 1990م، ونحن مشتتين غير موحدين.. ثم وقعنا على البيعة في 7 يوليو 1994م، ونحن مشتتين غير موحدين.. ومن سخرية الأقدار أن البعض يطالب إستعادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والبعض يطالب بالجنوب العربي، بينما مازلنا على نفس الوتيرة مشتتين غير موحدين.. على وتيرة يالله مع الليل بانسري.. والبعض الآخر – يبدو – لديها برنامج خاص وتحرص على حضور الإجتماعات واللقاءات هنا وهناك لمجرد التمويه ريثما تستكمل برنامجها - وهذا ما لمسناه خلال الفترة المنصرمة – وساعتها ستقول إلحسوا الكرسوع (باي.. باي). 9- قرر العودة للوطن.. لأنه ليس ضد (القيادات التاريخية) وبالذات الثلاثة الحرره البرره، ولكن تلك القيادات أثبتت تاريخياً أنها ليست مع نفسها لا في الماضي ولا الحاضر، وتفسير طلاسم ذلك نتركه لذوي الألباب والراسخون في علم السياسة والمصالح. 10- قرر العودة للوطن.. لأنه مع الإجماع الوطني العام وسيكون في مقدمة الصفوف سواء للإستقلال أو فك الإرتباط أو تقرير المصير أوفدرالية بين الشمال والجنوب.. المهم صاحب القرار الأول والأخير، القاطع المانع، هو شعب الجنوب. ومن كان لديه شك من مصداقية أبوسند في الماضي، هاهو الآن في طريقة إلى أرض الجنوب أن لم يكن قد رجع.. ومن كذّب جرّب.
11- قرر العودة للوطن.. لأنه يرى أن الحزب الاشتراكي اليمني قد أنتقل إلى رحمة الله – ومن مات تجوز الرحمة عليه – وأعلن في 13 يناير 2006م حزب الجنوب في لقاء التصالح والتسامح والتضامن في جمعية ردفان الخيرية في عدن، وتوج ذلك بإنطلاقة الحراك الحقيقي في 7 يوليو 2007م من ساحة الحرية في خورمكسر في عدن العاصمة الأبدية للجنوب. ختاماً: إلى شعبنا الأبي الباسل والى كل أحرار الجنوب الشجعان في الداخل والخارج أهدي اليهم تحياتي من أرض العم سام مقرونة بهذين البيتين من الشعر: يقول القردعي ماجيد يفسل ولاشي فسل ينتال الجماله ولوني لون عنتر وانته اسال وهي تشهد على الراجل فعاله