كلما حضرت إلى مكتبها وهي في طريق دخولها يرمقها بنظرات حتى تستقر على مكتبها ومازالت عيناه متجهة نحوها وهي تشعر بملاحقة عينيه لها ودائماً تحاول تتفادى أن تصطدم عينيها بعينيه فتصرف بصرها بعيداً عنه وهي تحاور نفسها قائلةً: بماذا يفكر عندما ينظر إلي وعندما يلحظ اختلاس النظرات إليه يرن جرس الهاتف ترفع السماعة : ألوه .. أهلاً سيادة المدير.. الأن سوف أحضر إليك تنهض من مكتبها متجهه نحو مكتب المدير وهو يرمقها بنظرات مشوبةً بين الإعجاب وعواطف بالحب والخوف وهي تلحظ نظراته محاولة الهروب منها ومن ملاحقة عينيه وهي تسير في خطوات متعجلة تريد أن تطوي الطريق فاره من ملاحقة عينيه حتى تدخل مكتب المدير، وبعد أن أنهت مهمتها في مكتب المدير تغادر وهي تفكر في الموقف الذي سوف يتكرر، ولكنها في هذه المرة عزمت أن تذهب إلى ذلك الخمسيني القابع خلف مكتبه يترصد حركتها بنظرات لم تعرف معنى لها وتوضح له أيضاً سبب ما ترمقه به في بعض الاحيان ببصرها ، تجمع قراراها وبخطوات واثقة يصيبها الاضطراب والخوف من مواجهة الرجل تصل إلى أملم مكتبة تلقي عليه التحية: صباح الخير الدهشة والاستغراب ترتسم على ملامح وجهه وقبل أن يرفع رأسه وهو يقلب الملفات بين يدية يعتريه شعور بين الخوف والفرح ، يرفع بصره فإذا هي تلك الفتاة العشرينية التي طالما حيرته نظراتها التي تلاحقه وهو منكب على ملفات المتابعين يقلبها ، يتجاوز شعور الدهشة وتنطلق اجابة التحية متلعثمة من فمه: صبااااح الخييير عرفت الحالة التي اعترت الرجل فتباشره بما يخفف عنه حرجه ودهشته قائلةً: تسمح لي بأن أناديك يا أبي انفرجت اسارير الخمسيني وانتابته الراحة فالجأ ظهره إلى مسند الكرسي الذي يجلس عليه فأجابها: بكل تأكيد .. واعلمك سبب ملاحقتكِ بنظراتي أنك تشبهي ابنتي التي توفيت في حادث سيارة وهي عائدة من كليتها فكلما رأيتك أحسست أني أراها وطالما أحببت النظر إليك فكنت كلما نظرت سعدت برؤية ابنتي تمشي أمام ناظري بكل حركاتها وحتى ابتسامتها تشبه ابتسامتك فكنتي تزرعين الحياة في نفسي بعد أن أصابها اليأس والألم بفراق وحيدتي . ترتسم علامات الارتياح على ملامح الفتاة العشرينية، وهي تحاول توضيح ا لسبب الذي يدفعها ترمق الرجل الخمسيني بنظراتها وعينيها ممتلئتان ببريق يشع سعادة وارتياح قائلة: أنت تشبه أبي لهذا طالما صرفت النظر إليك وكنت أتمتع كلما رأيتك ودققت النظر في ملامحك تعيد البهجة التي كان يرسمها أبي وأنا طفلةٌ صغيرة ومنذُ أن هاجر للعمل وانقطعت أخباره كنت أمتع ناظري بالنظر إلى صوره ، رأيتك أحسست بفرحةٍ غامرة تخالج مشاعري وبعد أن كنت اتمتع بالنظر إلى الصور صرت أتمتع بالنظر إليك فشبهك بأبي دقيق جداً. شاعر الخمسيني والعشرينية بالارتياح عند تصويب كل واحدٍ منهما لمشاعره وسبب صرف نظره نحو الأخر، اجمعت الفتاة العشرينية أوراقها وقبل أن تغادر تطلق بعض الدعابة تداعب الخمسيني قائلة: استأذنك أبي الجديد .. من الأن لن يلاحقك نظري .. فكلما اشتقت لرؤية أبي سوف آتي أنظر إليك وأحاورك . تستدير متجهه نحو مكتبها وقبل أن تغادر يطلق الخمسيني عبارات يمازح فيها الفتاة قائلاً لها: كلما اردت أن أرى أبنتي سوف أحضر إليك ناظراً وتحدثاً معك. يتراشقان النظرات قبل أن بفضي كلاً منهما إلى عمله ويتابع مسيرة يومه المعتادة قصة قصيرة عصام عبدالله مسعد مريسي