أبين تحررت,أبين أنتصرت.. أبين دحرت الأعداء,هكذا سمعنا, وهكذا شاهدنا,وهكذا تداول أبنائها الخبر..ولكن كيف أنتصرت أبين,ومن حررها؟ هل أتى أنتصارها من فراغ , أم أنه تخضب بالدماء والحزن والأسى والعناء؟ هل صنع مجدها والقها وانتصارها من يفترشون الحرير والديباج ويتلذذون بأطايب الاكل والمشروبات, أم صنعه الشرفاء من أبنائها الذين ذاقوا شتى صنوف العذاب والحرمان؟أبنائها الذين لفظهم الآخرين وتنكر لهم الوطن وتخلى عنهم السادة,أبنائها الذين بذلوا الغالي والنفيس من اجلها,شربوا دموعهم وتجرعوا مرارة أحزانهم,التحفوا السماء وأفترشوا الأرض,وأقتاتوا الهم,مجد أبين وأنتصارها صنعه من نزفت دمائهم وأزهقت أرواحهم وتناثرت أشلائهم,صنعه من صمدوا في ساحات النزال والقتال وحملوا أكفانهم على أكفهم,وذهبوا للموت بأرجلهم ,وتحدوا كل شيء من أجل أبين.. لم تخفهم المدافع, ولم يرهبهم الرصاص ,ولم يمنعهم الخوف أو الجزع..يهنئ الآخرون بحياتهم ونومهم وهم تلفحهم أشعة الشمس الحارقة وتتناوحهم أكف الرياح العاتية,ويستبد بهم صقيع الشتاء البارد..صنع مجدها وأنتصارها أبناء لودر الذين سقطوا بالعشرات وأرتوت الأرض من دمائهم وضجت المقابر باجسادهم, صنع مجدها وأنتصارها دموع الثكالى وأنين الأرامل وأهات الشباب وضياع الأطفال ونوح المسحوقين والمفجوعين..صنعه المحافظ العاقل الذي رابط في ميادين القتال منذ أن توجه المسلحين صوب لودر,ولم يبارحها أو يولي الأدبار,بل ظل إلى جانبهم يؤازرهم ويواسيهم ويخفف عنهم,ظل يشاركهم أحزانهم وأفراحهم ويتقاسم الهم والالم معهم, ظل معهم لحظة بلحظة,تقض مضجعه أصوات المدافع وهدير الطائرات ولعلعة الرصاص,وتراوده الكوابيس والخوف على لودر وأهلها,وأستبد به الحزن علي أبين وحالها,لم يرضى بالحرير والديباج والبهرج الزينة والفخامة وأبى إلا ان يشارك لودر في كل شيء, وبدد الفوارق وأذاب الحواجز بينه وبين الناس وفتحه قلبه ومكتبه لهم حتى أتاهم النصر والخلاص,ولم يبارح مكانه بل دأب لتحرير أبين وأهلها وتضميد جراحها وأيقاف نزيف الدم المتدفق فيها..من صنع مجد أبين وزير الدفاع الذي الهب حماس المقاتلين وأيقض بداخلهم الوطنية والتضحية والصمود وظل يصول ويجول من منطقة لأخرى ومن ساحة لساحه يتفقدهم ويحثهم ويشجعهم ويزرع بداخلهم الأمل والصبر من أجل شعب يتألم ويتعذب ومن أجل غدٍ مشرق وحياة أفضل..مجد أبين لم يصنعه من يتشدقون اليوم ويدعون الوطنية والكفاح والنضال ويتبجحون في شاشات التلفزة بالكلمات المعسولة والأقاويل المصطنعة الجوفاء التي تظهر الصدق وتبطن الذب الزور..لم يصنعه الذين تركوا الجمل بما حمل حينما وقعت أبين في قبضة المسلحين وعادوا إليها حينما حررها الأبطال..لم يصنعه أولئك الذين حنطوا مشاعرهم وجمدوا أحاسيسهم وأفترشوا الحرير والديباج وسكنوا الفلل والشقق وأختفوا عن الأنظار,لم يصنعه أولئك النفر ممن جعلوا من الشرفاء والأبطال سلم صعدوا من خلاله للمجد وطريق معبد ساروا فيه ودخلوا أبين بعد أن طهرها الشرفاء وبعد أن فرشوا لهم الأرض ورود ومنحوهم النصر على طبق من " ذهب" ومجد لم يحققوه ولم يحلموا يوماً أن يحققوه..لم يصنعه أولئك الذين أكتضت بهم ساحات أبين في ساعات النصر الأولى وتناقلت صورهم وكلماتهم شاشات التلفزة التي لم تميز بين الغث والسمين وبين من صنعوا المجد ومن سرقوه..مجد أبين صنعه من أرادوا لأبين العزة والشموخ والنصر والأستقلال والتحرر وأرادوا لأهلها لراحة والأمن والأمان والأستقرار والحياة الكريمة بعيداً عن حياة الذل والخوف والنزوح والألم,ولم يريدوا لها ان تظل تحت وطأة الذل والأستبداد والعبث والدمار والخراب..فإلى هؤلاء الأعيبكم مكشوفة وحقائقكم ظهرت فكفاكم عبثاً وتبجحاً وخديعة فزمن الكذب والنفاق والتباهي والضحك على الذقون ولى, ولا تتباهوا بما لم تصنعوا بل أستفيدوا من هذا المجد الذي خطه وسطر ملاحمه الشرفاء والغيورين على أبين,ولا تجعلوا من أنفسكم أضحوكه بين الناس بأستيلاكم على أمجاد غيركم ونسبها إليكم... والله من وراء القصد