اسمح لي أخي القارئ الكريم، ان ابدأ مقالي هذا بما جاء في نهاية مقال المدعو (عبدالناصر المودع)، الذي نشر في موقع المصدر اونلاين بتاريخ 5 يونيو 2012، بعنون (هل هناك سند قانوني لفك ارتباط أو تقرير مصير جنوب اليمن؟). يقول المدعو (المودع) في نهاية مقاله: (أن الخلاصة التي سنخرج بها هي أن القضية الجنوبية ستبقى معضلة، فلا انفصال سيتحقق ولا وحدة حقيقية ستتم على الأقل في المستقبل القريب لليمن.)، انتهى نص المودع. إذن فالوحدة الحالية غير حقيقة ولن تكون في المستقبل القريب.! فالوحدة أذن زائفة مزعومة وهذا باعتراف (المودع)، كونها لاتوجد وحدة حقيقية على الأرض.. فما هي الوحدة القائمة اليوم؟ وعلى اي اساس قانوني ترتكز هذه الوحدة مادام انها غير حقيقية؟ حقاً انها وحدة ضم وإلحاق، وحدة الفيد والنهب والسلب. لقد إنتهت وفنيت الوحدة السلمية الاندماجية، التي تمت في عام 1990م، وذلك بشن نظام صنعاء الحرب ضد الجنوب في صيف 1994 ولإحتلال الجنوب في 7 يوليو 1994.. تلك الحرب التي تعد أبشع نوع من انواع الحروب الهمجية الشنعاء، التي مازالت اثارها ملتهبة حتى اليوم، تلك الحرب التي قضت على الوحدة الاندماجية التي تمت برضى الطرفيين السياسيين في البلدين الجارين دون الرجوع لرأي اوأستفتاء الشعبين، بل تمت بصورة عاطفية وغير مدروسة، وسرعان ماذابت تلك العاطفة بعد مرور بضع سنوات. فبعد مرور اربع سنوات فقط اندلعت الحرب من جهة واحدة ودارت رحاها في جهة واحدة هي (أرض الجنوب)، لتقضي بصورة نهائية على المشروع الوحدوي السلمي ،الذي حدث عام 1990م نعم انتهت الوحدة اليمنية في عام 1994م سياسيا وقانونيا ، انتهت سياسيا لأنه قد تم تصفية جميع مكونات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وجميع رموز نظام الجنوب، وتم القضاء على الجيش الجنوبي كلياً، وتم حتى ابعاد صورة الطرف الجنوبي من رفع علم الوحدة، وبقي على الطرف الشمالي، في اشارة واضحة للمنتصر في الحرب وبقيت احتفالات الوحدة المزعومة بين عام وأخر من طرف واحد وبصورة طرف واحد وهو الطرف الشمالي المنتصر المتمثل في شخص رئيسهم الصالح المخلوع.
ماتت الوحدة وفنيت قانونياً: لأنه قد تم تعميدها بالدم وفرضت بالقوة العسكرية وهذا غير جائز في جميع الشرائع والقوانين ان تفرض وحدة بالقوة. انتهت قانونياً بصدور قراري مجلس الامن رقمي ( 924 و 931 ) اللذان يدعوان الى رفض العنف واستخدام القوة في حل الصراع بين الطرفين المتحاربين في اشارة واضحة الى شمال وجنوب. انتهت الوحدة وانتهت معها كل الاتفاقيات بما فيها اتفاقية الوحدة ووثيقة العهد والاتفاق وأصبحتا في سلة المهملات. انتهت تلك الوحدة، لان الهدف من تحقيقها لم يتحقق الى اليوم وهو ما نصت علية تلك الاتفاقية في تحقيق الامن والاستقرار للمواطن اولاً، وامن واستقرار المنطقة ثانياً، فلا امن ولا امان للمواطن ولاستقرار في المنطقة منذ عام 1994م. اليوم لم تعد الوحدة ملموسة على المستوى الشعبي، فهناك مناطق عديدة مستقلة بأبنائها ولا يوجد حس باندماج شعبي بين الشعبين في مثل تلك المناطق المعروفة جيدا. وإذا كانت الوحدة المزعومة قد انتهت سياسيا وقانونيا فان حتى وثائقيا لم يعد شي للوحدة في الارشيف المرئي والمسموع ذالك ان تلك الصورة الاحادية الجانب، التي كانت الى وقت قريب ترفع وتتباهى بالعلم اليوم قد خرجت من التاريخ وخرجت من مربع السياسة، وتلك الصورة هي صورة الرئيس المخلوع الصالح التي ازيلت من الشق الذي كان يدعي الوحدة .اليوم لا ولن تعرض حتى احتفالات وتوقيع الوحدة، لان من كان يتباهى بتحقيقها واعني الطرف المنتصر في الحرب قد شاءت الاقدار اليوم ان يطمس في الظلام ولم تعرض له صورة لأنه قد اساء للوحدة في نظر ثورة شباب الربيع العربي اليمني. وعودة الى بداية المقال وما قاله (المودع)، بما يخص القضية الجنوبية بأنها معضلة، قد تكون كذلك في نظرهم اما بالنسبة لنا كجنوبيين، فإنها قضية حية تجري مجرى الدم في عروقنا ونحن على الدرب سايرون حاملين قضيتنا الجنوبية، لأنها قضية وطن وشعب قد كتب لها الحياة وكتب للوحدة المزعومة الفناء. وللإجابة عن تساؤل (المودع) عن وجود سند قانوني لفك الارتباط وتقرير مصير الجنوب، نقول له نعم يوجد ادلة وليس دليل واحد، فمن ماسبق واوردناة فان الدليل هو حقنا كاجنوبيين الطعن في تلك الوحدة لأنها غير حقيقية وما هو غير حقيقي فهو باطل وليس له سند قانوني، اذن فالوحدة غير قانونية لأنها وحدة غير حقيقية. وعن زعم (المودع) بأنه لن يكونه هناك انفصال في الوقت القريب، نقول له ان اردة الشعوب لاتقهر والشعوب التي تفجر الثورات هي التي تحدد مسارها وزمانها . ارادة الشعوب الحرة هي دوما الاقوى على الارض والاجدر ان تصنع التاريخ، وهي القوة التي تجبر كل القوى الاخرى على الاعتراف بها، وخير مثال على ذلك ولن نذهب بعيد دولة جنوب السودان التي نالت استقلالها بإرادة شعبية عن طريق الاستفتاء في حقهم في تحقيق مصيرهم، فكان لهم مارادوا لتصبح دولة جديدة ذات سيادة معترف بها من جميع دول العالم فمابلك بدولة كاليمن الجنوبي، كانت الى عهد قريب دولة مستقلة وذات سيادة بل وكانت جزء من المنظومة العالمية، وكان لها مقعد في الاممالمتحدة ولها مقعد ايضا في جامعة الدول العربية وهي جزء من الامة العربية والإسلامية. وباختصار، فأن اردة شعب الجنوب المتمثلة في حراكه السلمي، هي من سيصنع التحولات في حق تقرير المصير. ان القضية الجنوبية قد ولدت لتكتب لها الحياة والانتصار وكتب للوحدة المزعومة الفناء، فأقرأ على الوحدة السلام يا (المودع ) .