ما مضى أكثر من الذي سيأتي قالها هادي ومن يقرأ ما بين حروفها يعلم مدى عظمة هذا الرجل، فمن خلال هذه الكلمات البسيطات يقدم هادي للرفاق نصائح لعلهم يعودون إلى رشدهم قبل خراب مالطا، فلقد فرط القادة السابقون بالوطن من أجل حماقات ومكايدات سياسية رعناء، مضى ما مضى ولن نفرط بما هو قادم، هكذا يتضح للقارئ لما بين كلمات هادي التي تنم عن حزن شديد يخالط الرجل وهو يرى الرفاق يقرعون طبول التهديد والوعيد، وهو لا يريد إلا السلام الذي يعم الجميع، رغم كل ما يتمتع به هادي من شرعية ودعم داخلي وخارجي إلا أنك تقرأ في كلامه الأسى والحزن لما يراه من تكريس للصراعات التي يستطيع هادي حسمها، ولكنه لا يريد لهذا الوطن الدخول في حمامات دم جديدة، فيكفي ما مر به الوطن من صراعات. لقد صرخ المبطلون خوفاً على اليمن، وأزبد وأرعد المتمردون وهم يقولون إنهم يدافعون عن الوطن، وتنطع المتنطعون وهم يجزمون ألا مثلهم يحسن قيادة اليمن، وصهر الرئيس هادي كل أولئك المبطلين وسار ينشد الدولة التي أضاعها سفهاء الأحلام، ونأى ببلاده بعيداً عن المؤامرات رغم كثرتها، فالبعض من شياطين الخارح قد تمنى أن يكون جندياً من جنود الشيطان في اليمن، وكبيرهم أوهم نفسه أنه قد أسقط عاصمة سام، ولكن هادي لم يسمح للشياطين أن يسرحوا ويمرحوا في موطن العروبة الأول ، بلد الأمن والإيمان . نعم لقد تفهم الرئيس هادي لشياطين صعدة، فجهز لهم رقية الموت، فأسالوا دماءهم المهدورة على طرقات البغي، وردهات الانتحار، فصمد الحق في وجه الباطل، وكسا الباطل بلادنا بالشعارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ماتت الأحلام في عودة حكم الإمام، فلقد عاثت صبية الكهف في البلاد الفساد، ولعبوا لعبة الموت الأخيرة، ورقصوا رقصة الديك المذبوح في الساحل الغربي . هاهو اليمن في أيادٍ آمنة، ولقد تحنط المتحنطون خلف شعاراتهم، وعاد الرئيس هادي إلى عدن ليعلن للجميع من عاصمته الجديدة ويقول لهم: كفى عبثاً بهذه الأرض، كفى قتلاً وتدميراً، فالوطن ينشد التقدم، وما مر من العمر أكثر من الذي بقي منه، ولن نغادر عدن، وسنظل فيها . هكذا هم الصادقون، يتكلمون قليلاً ويعملون كثيراً لينهض الوطن، وهادي أخبر القوم وأعلمهم بخبايا وطنه، فعهد دورات الدم مع رفاق الأمس قد ولى والواهمون هم من ينشدونه، فكل يوم يمر يهددون سنطرد، وسنفعل وسنفعل، وكل هذه التهديدات تندرج في قاموس ترهاتهم التي مضغها الناس حتى ملوها، وهاهم يوزعون التهم جزافاً هنا وهناك، ونقول لهم إن تسويقكم لبضاعتكم هذه جاء في الوقت الخطأ، وفي زمن غير ذاك الزمن، فالبضاعة منتهية الصلاحية . االوطن يا قوم في أيادٍ أمينة، وأنتم تبحثون عن الوطن بين تواريخ صراعات الموت، لقد كرهنا دورات القتل والتشريد، فارأفوا بهذا الوطن، فدعوا الفتنة فإنها نائمة، فلا توقظوها، ولعن الله من أيقظها، دعوها فإنها منتنة، ولا تمزقوا الوطن بعد أن تعافى وجاء من يحكمه من بين أوساطنا، رجل صادق، جرب الحياة، وعاش كل المراحل، وجاء ليغزل لنا وطناً يعيش فيه الكل وفق أبجديات العصر الحديث، فالماضي لا يمكن أن يعود، والحاضر هو يومنا الذي يجب علينا أن نغتنمه، فاغتنموا هذه اللحظة مع هذا الرجل الأمين، ولا أملك إلا أن أقول: إذا هبتك رياحك فاغتنمها فلا تدري متى يأتي السكون ولو درت نياقك فاحتلبها فلا تدري متى يأتي الفصيل فأشرعوا سفنكم مع رياح هادي، فإنها رياح لن تقودكم إلا إلى مراسي الأمان، كتبت كل ما قرأتم وأنا أرى الوطن يتقلب في النعيم في ظل قيادة الرئيس هادي لو توحدت الجهود كل الجهود خلف قيادته، ولا أتمنى أن أرى غير السلام يعم ربوع السعيدة.