تعودنا وإلفنا إلى درجة الإدمان على أكاذيب وافتراءات الإعلام الرسمي بكافة وسائله مما جعل كل ما يتناوله لم يحضى بأي تصديق وبالتالي عدم نيل أي احترام من قبل المتلقي ، فالمعروف عن الإعلام الرسمي أنه جهاز تبعي للحاكم ومهمته كما عودنا تكمن في تمجيد الحاكم ووصفه بما ليس فيه وهذا ما رسخه في عقولنا الحكام العرب ووزرائهم المسئولين عن الجهاز الإعلامي في هذه القطر العربي أو ذاك كتعريف ثابت للإعلام الرسمي . نحن هناء وفي هذا البلد الذي يعد جزء من العالمالعربي الكبير تعودنا ذلك في عهد الحكم الشمولي الذي سبق الوحدة في تسعينيات القرن الماضي وبعدها ولكن اليوم وبعد إن حدث التغيير ألتقاسمي (التوافقي ) و (أنخلع) الرئيس صالح من الحكم ومجي رئيس جمهورية جديد ورئيس حكومة جديد( معارض) وزير أعلام جديد (ثوري ) تعشمنا خير في حدوث تغيير ولو طفيف على هذا الجهاز الحساس والهام ، تغيير سيغير نظرتنا له يدفعنا إن نغير رأينا فيه ويجبرنا على الجلوس طويلا أما شاشة التلفاز واصطحاب الصحيفة اليومية معنا إلى مرفق العمل ووضع الراديو بجانب مسامعنا أثناء الاسترخاء في ساعات المساء تمهيدا لنوم هادئا خاليا من منغصات الحياة وكوابيس متطلبات الحياة اليومية ولكن شي من ذلك لم يحدث بكل أسف . وبما إن من شب على شي شاب عليه فطالما أننا لم نلمس أي تغيير كما أسلفت فلا ضير من مواصلته لأكاذيبه التي نحن متعودين عليها أصلا ولكن ثمة أمور وإحداث كان الأحرى به مراعاة حساسيتها والتخلي ولو مؤقتا عن عادته السيئة تلك والتحلي بقليل القليل من المصداقية إثناء تناولها والتعاطي معها تحسبا للعواقب الوخيمة المترتبة على تناولها بطريقته المعتادة (الكذب) . مأنا بصدد الحديث عنه وبعد هذه المقدمة ربما الطويلة هو عن كيفية تناول الإعلام الرسمي (تلفزيون،إذاعة،صحف،مواقع إخبارية،رسائل الموبايل) لحدث خروج عناصر تنظيم القاعدة أو ما يسموا أنفسهم أنصار الشريعة من مدينة عزان مؤخرا ، فحول ذلك حولت وسائل أعلام الحكومة اليمنية الحدث إلى نصر مؤزر للجيش اليمني حققه بعد حرب ضروس ومعارك بطولية طاحنة خاضها مغاوير الجيش وكبدوا فيها تنظيم القاعدة خسائر كبيرة وفادحة في الأرواح والمعدات حيث جاءت طريقة التغطية الرسمية ضخمه ومهولة جدا للحدث وبعبارات لا تحتمل من قبيل ( الجيش يدحر العناصر الإرهابية من عزان أو أبطال القوات المسلحة واللجان الشعبية تطهر مدينة عزان من تنظيم القاعدة أو الجيش يطارد فلول القاعدة أينما وجدوا أو الجيش مصمم على تصفية المحافظة من العناصر الإرهابية ووووووووووو الخ) من تلك العبارات الرنانة التي توحي للمستمع أو المشاهد لها أو القاري بأن الجيش حقق نصر بطولي حقيقي فعلي تشكر قيادته وضباطه وأفراده عليه . نعم هكذا جاء التناول والتغطية الرسمية لحدث خروج أنصار الشريعة من عزان مع أن حقيقة الحدث تختلف تماما فكلنا يعرف إن جماعة أنصار الشريعة دخلت مدينة عزان في شهر مارس 2011م دون أن تلاقي أي مواجهة لا حكومية ولا شعبية ومن يومها سيطرت على مفاصل الأمور الإدارية والأمنية والخدمية في المدينة وخلال عام ونصف تقريبا ضلت متواجدة ويتحرك عناصرها بحرية تامة على مسمع ومرأى المسئولين المدنيين والعسكريين بالمحافظة بل واتخذت من عزان مؤخرة ومركز أمداد لعناصرها التي خاضت حرب طويلة مع ألوية الجيش في زنجبار وجعار ولودر وفي خضم ذلك كله لم يكن للجيش والأمن اليمنيين أي وجود أو دور أو تحرك مشهود وملموس على الأرض.
وكلنا يعرف ويدرك تمام الإدراك أن خروج عناصر القاعدة مساء يوم 17 يونيو الماضي لم يكن تحت وطاءه الضربات الموجعة التي تلقتها من الجيش اليمني ولكنه جاء كنتاج طبيعي للهزيمة الساحقة التي تلقاها في أبين وتنفيذا لقرار قيادة التنظيم بتغيير سياسة الظهور العلني والمواجهة المباشرة مع السلطات اليمنية وإتباع إستراتيجية قديمة جديدة هي (أضرب وأهرب) ومواصلة الحرب بطريقة أخرى وبوسائل أخرى أبرزها العمليات الانتحارية والسيارات المفخخة وتحت إلحاح أهالي مدينة عزان وتلبية لرغبتهم في مغادرة المدينة وتجنيبها خطر الدمار أسوة بمدينة زنجبار. فالطريقة التي أشنفت بها وسائل إعلام السيد محمد العمراني وزير الإعلام في حكومة الوفاق الوطني مسامعنا وأرهقت بها أعيننا أكدت بما لا يدعي مجالا للشك والضنون السيئة أنها مواصلة السير على درب الكذب وعدم وصول رياح التغيير أليها بعد فهي وبدون دراية من القائمين عليها كادت إن تعيد الجماعة التي تصفها بالإرهابية إلى المدينة التي خرجت منها بقناعتها المدفوعة بظروف عدة خاصة بها لا لشي إلا لتثبت كذب وزيف عدوها اللدود ( الحكومة اليمنية) ولتحديها على الواقع ومواجهتها عسكريا في عزان وغيرها علما أن وبحسب معلومات من مصادر متعددة أن الجماعة لم تنسى قبل خروجها من الحفاظ على شي من وجودها وعتادها في مناطق مختلفة ليست ببعيدة جدا عن عزان .