يلعب الريال اليمني دورا سياسيا بارزا في الساحة اليمنية جنوبا أكثر من شمالا حين يتدهور إلى جانب دوره الاقتصادي الذي يؤديه كعملة محلية فقط تحتفظ بقيمتها الشرائية وقوتها الإنفاقية على المعيشة اليومية للمواطن , وظل كما هو ركيزة صامدة من ركائز الجمهورية اليمنية والركن الأهم من أركان الوحدة اليمنية يتعزز كلما ازداد انهياره بخروج الجنوبيين في احتجاجات منددة بتلك الانهيارات التي لن يجدوا من بعدها من يعيد بريق الريال وقيمته إلى عهده السابق القريب جنوبا وشمالا . لكن الأمر سيان بالنسبة للمواطن في الشمال الرابض تحت حكم الانقلابيين الحوثيين فلا يتحرك فيه ساكن . هذه الاحتجاجات وإن كان مدبروها يأملون بأن تتحول إلى انتفاضة عارمة في عدن وفي الجنوب عامة فإنها لم ترقى إلى مستوى طموحات الشعب ولم تحمل رسالاته ولم تعكس أهدافه السياسية بقدر ما رفعت شعارات مفخخة لكل ما هو جنوبي بمطالب حقوقية مكنت السعودية من الإسراع في تقديم مساعدات مالية شهريا بقيمة 60مليون دولار للحكومة الشرعية في الجنوب لمواجهة الأزمات , شعارات قصيرة الأمد تستطيع الحكومة الشرعية بخبرات خليجية من استغلال المساعدات المالية في تغطية مرتبات وأجور الموظفين والعاملين بما يتناسب بسعر الدولار أو إعادة ما فقده الريال اليمني من قيمة وهذا ما سيحدث أصلا , لأن ليس هناك غلاء وارتفاع في الأسعار عن ما كان قبل عام عندما تقسم سعر كل سلعة على سعر الدولار الحالي أو على سعر الريال السعودي الحالي , وذلك لكي تسجل الحكومة نصرا لها وتنفذ مشروعها في إقامة دولة يمنية فيدرالية من ستة أقاليم وتحفظ مآثر الثرة الجنوبية محنطة في المتحف الوطني إن لم تحفظها في ثلاجة الموتى . إن الذين هم من وراء الاحتجاجات هل حسبوا حسابا دقيقا لهذه المسألة ؟ لماذا لا يتجاوب الشعب معهم حتى اللحظة كما كان يفعل في السابق ويشارك في الفعاليات المليونية والاعتصامات ؟! هل بإمكانهم وضع حلول لتدهور الريال أو إيجاد بدائل له وللحكومة التي تحظى بدعم ومساندة التحالف العربي عسكريا وسياسيا واقتصاديا وماليا وإنسانيا ؟! ألا يعلمون أن لكل ثورة مرحلة تنتصر أو تنهزم كما لكل دولة حظا زمنيا ونصيبا مفروضا ؟! الثورة والانتفاضة متى نضجت تؤتي أكلها تلقائيا بالتضحيات وتحصد نتائج إيجابية , وهي لا تخضع لمزاج فرد أو جماعة أو فئة ولا تحركها الفلوس أو ترقدها على يأس وإحباط متى تشاء .