بالحديث سريعا حول الأمر نقول: ما يجري بالجنوب من عبث وتدمير وانهيار الخدمات هو نتيجة بقاء الاحتلال السياسي والفساد الذي تفرضه ما تسمى الشرعية الغير متواجدة على الأرض الا بشكل محدود جداً، ومتى ما زال هذا الاحتلال السياسي سيتخلص الجنوب من الجزء الثاني من الاحتلال الجاثم على صدره، بعد ان تخلص من القوات العسكرية التي احتلته منذ 94 وارادت تجديد احتلالها في 2015.
فكل ما يجري بالجنوب من معاناة هو بسبب القرار السياسي الذي تعبث به الشرعية واطرافها.
وسنتحدث هنا إلى من يفهم أبعاد العمل السياسي وصراعاته في هذه المرحلة المعقدة التي يشهدها الجنوب، مثلما يشهدها الشمال ايضاً، بل والمنطقة العربية عامة.
ويمكننا الحديث عن جزئية هنا تتمحور حول اجتماع الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي وأبعاده السياسية ورسائله، طالما والعمل السياسي يسير وفق التطورات الجارية المرتبطة محليا وخارجيا.
قد يقول قائل ان الحل في الجنوب هو فرض امر واقع، وهذا صحيح وهذا ما نقوله دائماً، لكن للسياسة أيضاً مسارها للوصول الى خيار فرض الأمر الواقع، فالقرار العسكري أيضاُ يحتاج الى غطاء سياسي يحميه ويبرره، خاصة في مثل هذه المرحلة، ويجب ان يكون العمل السياسي موازياً وممهداً لأي خطوات أخرى.
ففرض الامر الواقع هو أساساً يعني إنتزاع القرار السياسي فهل سيتم انتزاع القرار السياسي بفرض أمر واقع؟ لتحقيق ذلك لابد ان يكون هناك عمل سياسي متوزاي مع الامر الواقع حتى يتم فرض الإرادة السياسية الجنوبية.
بالطبع يخوض المجلس الانتقالي صراعاً سياسياً هو بالأساس لأجل تخليص الجنوب من واقعه المزري المنعكس من المسار السياسي المفروض عليه والذي يعاني منه الجنوب وأرادت من خلال اطراف الشرعية وربما اطراف خارجية فرضه على الجنوب لمنعه من ترتيب نفسه ومؤسساته وابقاءه أسيراً لقوى الفيد والنهب والفساد.
المهم..
الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي هي جهة تشريعية تقوم بدور البرلمان المؤقت في الجنوب وما ينتج عنها من توصيات مرفوعة لرئاسة المجلس هي بمثابة تسلسل قانوني.
فالجمعية الوطنية ترسم اليوم خطوط عريضة تؤسس لمرحلة القانون والهيكلية لعمل المجلس الانتقالي الجنوبي، وهناك أبعاد مهمة لما تقوم به الجمعية الوطنية على المسار السياسي والتشريعي المحلي والخارجي.
يرى البعض ان اجتماعات الجمعية الوطنية مجرد اجتماعات عابرة وهذا رأي خاطئ وقاصر، فالظهور للجمعية الوطنية كمؤسسة تشريعية هو بمثابة التأكيد للعالم ان المجلس الانتقالي لديه مؤسسات ويعمل وفقها .
واجتماع اليوم الاستثنائي جاء وفق اللوائح المنظمة لعمل المجلس الانتقالي والمجلس الانتقالي وفي صلب مهام الجمعية وعملها لتعزيز عمل هيئة رئاسة المجلس الانتقالي. حيث بحسب الوثائق تعتبر الجمعية اعلى سلطة تشريعية في المجلس الانتقالي الجنوبي،
تنص احدى الفقرات الخاصة بعمل الجمعية الوطنية على انه من صلب اعمالها ( إقرار الجمعية الوطنية بما تراه مناسبا حول التفاوض السياسي مع أي طرف بشأن الجنوب ) وهذا ما حدث اليوم من خلال تفويضها لرئيس المجلس الانتقالي باتخاذ ما يلزم.
*رسائل الجمعية باجتماعها اليوم*
اجتماع الجمعية الوطنية بشكل استثنائي بتوجيهات من رئيس المجلس الانتقالي تدل على رسائل عديدة للخارج قبل الداخل.
*ومن ابرز الرسائل التي نذكرها على عجالة هي:*
- اجتماع استثنائي يدل على التلاحم داخل مؤسسات المجلس الانتقالي وبين مؤسساته القيادية والتشريعية والسياسية وفروعه المحلية في المحافظات . وينسف كل الادعاءات التي يحاول طرفي الشرعية ومليشيات الحوثيين وضعها امام المتحدة لاستهداف القضية الجنوبية من خلال استهداف المجلس الانتقالي واقصائه.
- ان المجلس الانتقالي لا يتخذ قراراته بشكل منفرد انما يتخذها بناء على توصيات تشريعية من مؤسسته التشريعية ممثلة بالجمعية الوطنية التي تظم ممثلين كل محافظات الجنوب ومن مختلف التوجهات السياسية والمجتمعية والاكاديمية والنخب المثقفة.
- ان المجلس الانتقالي الجنوبي ليس كياناً تم تشكيله في الغرف المغلقة أو في الخارج، بل تشكل على أرض الواقع ولديه القدرة على التحرك عبر مؤسساته في أي وقت اذا تم المساس بالجنوب او اقصائه سياسيا، وربما يكون التحرك خارج في مسارات متعددة .
- رسالة الى الخارج بان المجلس ليس عبثياً وان وجوده يقوم على عمل مؤسسي وتشريعي وقراراته منظمة ومتسلسلة وفق لوائح تنظيمية محكمة .
- رسالة للأمم المتحدة ومبعوثها ان المجلس الانتقالي في حال قرر مشاركته بالمفاوضات لن يكون مجرد هامش ولن يكون فريقه التفاوضي الذي سيشكله من جميع الجنوبيين مثل غيره ممن ممثلين المكونات الوهمية التي اتخذت قراراتها بمواقع بغرف الفنادق والمتنزهات في الخارج، بل المجلس الانتقالي قراراته نابعة من مؤسسات تعمل على الأرض وحاضرة بقوة في الجنوب.
*إشارة:* من مهام الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الاتي:
- مناقشة وإقرار وتعديل وثائق النظام الأساسي والبرنامج السياسي وغيرها من الوثائق واللوائح الخاصة بالمجلس ودوائره.
- رسم السياسات والاتجاهات العامة لإدارة المرحلة.
- اختيار الهيئة الإدارية للجمعية وانتخاب او اختيار رئيسها ونوابها وأعضاء الرقابة والتقييم وأعضاء مجلس الحكماء.
- مناقشة الخطط العامة والتفصيلية للمجلس والتقارير الدورية والموازنة العامة.
- تتولى المصادقة على الاتفاقيات السياسية.
- إقرار توجه التفاوض السياسي مع أي طرف بشان الجنوب.
- الاشراف والرقابة والمحاسبة على عمل دوائر المجلس والوقوف امام القضايا العامة المستجدة المتصلة بالجنوب وتحديد التوجه السياسي نحوها.
- تشكيل اللجان المختصة لإعداد مسودة دستور دولة الجنوب.
