جمال ذو شخصيه قويه لايقبل انصاف الحلول. يعرفه الذين يعملون تحت امرته بالحاحه المستمر ومطالبه المتكرره لهم بانجاز مهامهم في العمل في اسرع الاوقات وينتفض غضباً وتهكما ان لم يفعلوا ما اُمروا به. . كانوا يحترمونه الا انهم كانوا يخافونه ولا يشعرون بموده ذات بال تجاهه كان جمال مدمن لعمله و يعتبره اهم شئ في حياته.و كان نادرا ما يقضي وقتا يلاعب ويداعب اطفاله الصغار فيه او يشاركهم اجازاتهم واوقات مرحهم. هكذا وصفت زوجه جمال للطبيب ولكن سبب احضارها لزوجها للطبيب هو انه تغيرت شخصيته تغيرا جذريا خلال الشهرين الماضيين واصبحت على طرفي نقيض لما عهدته فيه فهو الان لطيف المعشر ودود قليل الغضب يداعب اطفاله باستمرار ويعطف على مساعديه في العمل ويراعي ظروفهم ويسأل عن احوالهم واحوال عائلاتهم. كانت زوجه جمال قلقه عليه لانها على يقين لايشوبه شك ان الذي اعترى زوجها من التحول ليس طبيعياً وساعود الى جمال لاحقاً نعرف من مده طويله ان بعض الامراض وراثيه ولا تصيب الا العائلات التي تسري فيها الجينات المساعده لظهور العله ( الا في حالات غايه في الندره تنتج فيها العله عن ما يسمى بالطفره الجينيه) ونعرف ايضا ان بعض الامراض اكثر شيوعا ً في بعض الاثنيات من غيرها كالذئبه الحمراء في الامريكيين الافارقه والتصلب المتعدد المنتشر في الاوربيين وسرطان الجلد في الاستراليين. وان كنت ممن لا يرثون المستضد النسيجي من احد والديه من نوع HLAB27 فليطمئن قلبك بانك لن تُصاب بالتهاب الفقار اللاصق الذي يصيب فقرات الظهر ويجمدها لديهم فتلك عله لا تصيب الا من ورث هذا النوع من المستضدات النسيجيه. الشى الجديد في الموضوع الذي انا بصدد مناقشته هو ان هناك من يقول ان حتى شخصيه المرء وسماته الاجتماعيه والنفسيه وخصاله يبدو انها هي ايضا مبنيه الى حد كبير على اسس بيولوجيه وعضويه بما في ذلك سمات الطيبه والجنوح الى العنف واللطف والود والايثار وما الى ذلك والسمات الكبيره للشخصيه واللوك الاجتماعي التي اتُفق عليها علميا هن خمس (1) الشفافيه (2) مراعاه الدقه (3) العصابيه (4) الانفتاح او الانبساط (5) الطيبه والاسهامات الوراثيه فيها وقد توصل العلماء على ان الاسهامات الوراثيه في هذه السمات النفسيه الاجتماعيه تتراوح ما بين 40% الى 80% والباقي مكتسب وقد بنوا هذا الاستنتاج على دراسه الصفات المتساويه والصفات المختلفه في التوائم المتطابقه الذي تم فصلهما عند ولادتهما فعاشا وترعرعا في بيئتان مختلفتان تماماً فما تطابق بينها من سمات حُسب وراثيا وما لم حُسب مكتسباً. اول ما اُثير موضوع تاثير البيولوجيا والكيمياء الدماغيه على السلوكيات كان عندما لاحظ الاطباء تغيير جذري وكبير في سلوكيات وتصرفات شخص اسمه فينياس جيج بعد اختراق قطعه حديد جمجمته من الفك الايسر عبر عينه اليسرى فالفص الدماغي الجبهي الامامي ومنها الى خارج الجمجمه من الناحيه الاخرى .
حدث ذلك في النصف الاول من القرن التاسع عشر واتُفق عندها ان الفص الدماغي الجبهي الامامي يلعب دوراً في التصرف السلوكي للانسان. وثمه بحوث جديده تشير على ان سمات الشخصية المختلفة تتداخل مع خصائص الدماغ البيولوجيه التي بدورها تتتاثربعوامل وراثيه. واكثر اجزاء المخ ارتباطا بتحدديد السلوكيات هما الجهاز الحوفي والفص الدماغي الجبهي الامامي .
اكتشف العلماء ربط السمات السلوكيه ببيولوجيا المخ باستعمال عده ادوات بما فيها تحديد الصفات الجينيه, استعمال التصوير وخاصه استعمال جهاز الرنين المغناطيسي الوظيفي, قياس كهربه المخ وقياس المواد الكيميائية المؤثره في سياق وتواصل الرسائل بين خلايا المخ. ومما اكتشف مؤخرا هو ان انخفاض ماده السيروتيننن يصاحبها جنوح الى الانفعاليه والعنف والاكتئاب وعوز في التحكم بالتصرف المفاجئ وهناك عقاقير من شانها علاج هذا النمط من السلوكيات. كما ان هناك دراسات توحي بعلاقه ماده الدوبامين في المخ بسمه الشفافيه والفطنه والذكاء وكما يبدو فان تاثير الدوبامين على الجهاز الحوفي يؤدي الى سمات الشخصيه الانبساطيه ( تاكيد الذات والثرثره والولع بالتفاعل الاجتماعي) بينما يؤدي مفعول الدوبامين على الفص الجبهي الامامي في المخ الى سمات الشفافيه والذكاءوالفطنه. الشخصيه العصابيه –في المقابل-تميل الى القلق والوسوسه وبيٌن تصوير المخ بالادوات الحديثه وجود نشاط اكثر في جزء معين من الجهاز الحوفي في الشخصيه العصابيه وكذلك وجود اكماش في حجم وسط الفص الجبهي الشخصيه الودوديه تتسم بعنصري الايثار والتعاون.و بين الفحص بالرنين المغناطيسي الوظيفي زياده حجم اجزاء مختلفه من الجهاز الحوفي في الشخصيات الودوديه.وكذلك ازدياد النشاط في الجزء الظاهري الجانبي من الفص الامامي الجبهي الشخصيه الجاده المجتهده تتسم بالانظباط الذاتي والتنظيم ومالكوها يحققون نجاحات اكاديميه ووظيفيه في حياتهم.والبحوث بينت انها مرتبطه بزياده النشاط في قشرة الفص الجبهي وهي المنطقه في الدماغ المسؤولة عن القدره على التخطيط واتقان العمليات المعقده وهي كذلك مرتبطه بازدياد حجم قشور الشق الوسطي من الفص الجبهي وملخص القول هو ان السمات الرئيسيه في شخصيه وسلوكيه المرء ترافقها بصمات مختلفه في بيولوجيا المخ وبالذات في الجهاز الحوفي والفص الدماغي الجبهي الامامي .حتى داخل هذين الجهازين في الدماغ نجد ان فيهن اجزء خمتلفهلكه منها اختصاص في بلوره سمه سلوكيه معينه. هذا من ناحيه دراسه بينونيه المخ ومن ناحيه كيمياء المخ فقد تبين ان زياده او نقصان مادتي السيروتونين او الدوبامين لهما ايضا تاثيرهما الملاصق بالسلوكيات المختلفه. وقد تم تطوير عقاقير لتغيير سلوكيات الشخص الى ما يعتبر اجتماعيا اكثر قبولا ومن ذلك علاج الاطفال الذين يعانون من افاط في النشاط والحركه وقصرفي مده التركيز اوعلاج الاشخاص ذوي الانكفاف الشخصي بل ان هناك علاجات لمن اصابهم ادمان جنسي. حتى انه قيل ان طياري السلاح الجوي الامريكي يُعطون حبوب تزيد في حده تركيزهم عند الاقلاع في مهمه قتاليه واخرى مضاده لفعل الاولى في رحله عودتهم من مهمتهم وعوده الى جمال بينت الاشعه المغناطيسيه وجود ورم ليمفاوي متسلل ومنتشر في جهازه الحوبي وخاصه في القسم منه الذي يلازم سمه العنف وانبساط الشخصيه وقد عولج جمال بالعقاقير والاشعه اللازمه وعاد الى سلوكياته الاصليه السابقه في خلال اسبوع من بدايه العلاج ووقتها كررت له الاشعه واتضح انكماش واضح في انتشار الورم الليمفاوي.
يبقى التاكيد على ثلاثه اشياء 1. ان البحوث ونتائجها التي سبق ذكرها هي اقرب من التكهنات والنظريات منها الى الاثبات الدامغ. 2. ان البحوث اثبتت-كما ذكرت أنفا –ان الوراثه –ومن ثم العوامل البيولوجيه تسهم في حدود 50% فقط من تكوين الشخصيه والباقي يبقى مكتسباً 3. لم يتطرق العلماء عن هل هذه الاختلافات التي رصُدت في الفحوصات السالفه ذكر هي المسببه للسلوكيات ام انها ناتجه عنها