يظهر الرئيس عبد ربه منصور هادي في منزله كنازح يعاني محاصرة الفرقة والحرس الجمهوري من طرف، والثورة والقبيلة وغيرها من القوى الأخرى من طرف ثان. وما يخفف عنه ذلك هو فقط قوة المجتمع الدولي الراغب في مرور المبادرة الخليجية إلى النهاية، وهي المبادرة التي جاء منها كحاكم للبلاد. "القاعدة" أو من سمون أنفسهم جماعة "أنصار الشريعة" أجبروا الآلاف من المواطنين المدنيين في أبين على النزوح إلى عدن جراء المعارك والموت الذي كان يوزع في أغلب المناطق من قبل الطرفين المتناحرين، حتى وإن ظهرت الحرب في النهاية بطريقة وهمية انتهت بخروج الجماعة المسلحة.
في صنعاء العاصمة تجبر القوى المتصارعة على الحكم الرئيس هادي على التحرك في مساحات محددة. ولعل تلميح بعض التقارير التي نشرتها صحف أجنبية وتشير إلى أن عملية "اغتيال" هادي ليست مستحيلة!! إذا ما خسر أحد الأطراف مصالحه جراء قرارات صارمة قد يصدرها الرئيس بحق أي طرف، قد تحدث في أي وقت.
تبدو الصورة متشابهة بين "أنصار الشريعة" الذين خلفوا وراءهم آلاف النازحين، ومن يمثلون الشرعية الدستورية بصنعاء أو يبحثون عنها. وهادي إن لم يكن نازحا فإنه عرضة للاستهداف من أي طرف قد يرى أن الأمور تسير عكس مصالحه. وهنا يجب على الرئيس أن يخلص نفسه من المأزق، وأن يلعب أقلها دور اللجان الشعبية التي أجبرت "القاعدة" على المغادرة.
لهادي أن يستشعر قليلا مُر أبناء محافظته الذين شردتهم آلة الموت المصدرة من صنعاء، ويشعر أيضا بمن لا يزالون صامدين هناك ويعون أن الموت قريب منهم حتى بعد مغادرة أفراد "أنصار الشريعة" وبقاء سلاحهم المزروع في كل شبر في أبين، حيث يموت العشرات بسب رفضهم ل"القاعدة" أو للشرعية التي جاؤوا بها، ونفسها الشرعية التي قد يفقد الرئيس هادي آخر ما لديه دفاعاً عنها.
نفس الجماعة التي زرعت القاعدة (أنصار الشريعة) في أبين وسلمتهم كل أنواع العتاد وقاتلت على مصالحها هناك كورقة ضغط دفع ثمنها الأبرياء في الجنوب فإن ما قد تنتجه العملية السياسية في صنعاء من سوء أيضا قد يدفع ثمنها الأبرياء من الجنوبيين، حتى ولو صنفنا عبد ربه منصور هادي ضمن قوام الأبرياء الذين نزحوا إلى صنعاء بعد حرب صيف 94 التي قادتها القوى الدينية والسياسية في الشمال ضد القوى الاشتراكية الجنوبية وانتصرت الشمال بنفس شعارات اليوم (الشرعية الدستورية والشرعية الدينية)!!