الاصغاء بتمعن ومصداقيه واهتمام يشيع الطمانينه والثقه بالنفس لدي المتحدث ويستدعي لديه امكانات وطاقات لم يكن يعرف انه يمتلكها ويطلق مشاعر يفيده اطلاقها. ودرجه اطلاق هذه الطاقات-كماً وكيفاً- تزيد بدرجه مقام ومركزواهميه الصاغي الفعال بالنسبه الى المتحدث –كأن يكون طبيبه او استاذه او رئيسه او اباه. وقد قال الطبيب الشاعر الامريكي اوليفر وندل هولمز ما يمكن ان يعني بان "المعرفه تؤٌسس للكلام والحكمه تؤٌسس للاصغاء" وانا هنا اتحدث عن ما اسميه الاصغاء الفعال" او الاصغاء المؤثٌر" وساعٌرف عنه واصنفه لاحقاً. وقد انتبه اطباء واخصٌاؤا النفس لذلك فجعلوا "الاصغاء الفعال" او الاصغاء المؤثٌر " حجر زاويه في تقييم المريض وعلاجه.
وانتبه اخصاؤا الاجتماع لذلك ايضاً فأوصوا به في تعامل الاباء والامهات مع اطفالهم مهما كانت اعمارهم وانتبهوا اليه كذلك فجعلوه-اي الاصغاء الفعال - اساس من اسس جلسات "العصف الذهني" واسلوب من اساليب "وساطه حل النزاعات". حتى ان بعض خبراء المفاوضات الصعبه ومتدخلي الازمات يرون في "الاصغاء الفعال " سنداً ومساعداً وعونا. لهم في ما يعملون.
والملفت ايضاً ان اهميه الانصات والاصغاء ولج الى عالم السياسه وعالم اداره الاعمال والتجاره وقد اهتم السياسيون واهل التجاره بامر الاصغاء لاسباب مشتركه اذ ان العالمين (عالم السياسه وعالم اداره الاعمال) همهما –في اخر المطاف- واحد -كسب الشهره والرواج وتحقيق الفائده ولايتم ذلك الا بارضاء مشتري السلعه او الخدمه ( وتلك في حاله السياسي تعني كسب الاصوات في الانتخابات).
وان اردت ان ترى امثالاً للاستفاده الفاعله للاصغاء كاداه للنجاح في السياسه فما عليك الى ان تشاهد مقاطع فيديو تريك كيفيه الاصغاء التي يستعملها من يُعتبرون الان اكثر السياسيين شهره في التاريخ الحديث في التواصل من امثال ريجين وتشرشل واوباما وكلينتون وبلير
وفي عالم التجاره الان مؤلفات كثيره ونصائح عديده حول اهميه الاصغاء خاصةً في عالم المبيعات. فالبائع الحذق يستفيد من الاصغاء في معرفه طبيعه العميل الذي هو في طور اقتناصه وسمات رغباته وحاجاته ومن ثم استغلال ذلك في اتمام الصفقه وهو في ذلك يستعمل-الى درجه ما- مزيج من مما اسميهما "الاصغاء الايحائي" و"الاصغاء الجوارحي" ولكنه في حقيقيه الامر يركن في الاساس الى ما اسميه اسلوب "الاصغاء الانتهازي" او"الاصغاء المرتزقي". واسعود الى هذه الانواع المختلفه من "الاصغاء الفعٌال" لاحقاً في المقال
والاصغاء-ليكون فاعلاً- ليس بفعل سلبي بل هو فعل ايجابي بامتياز وارقاه درجه هو ما اسميه"الاصغاء الفعٌال".
لا اشك للحظه ان عامل الوقت وقلٌته –لدي الطبيب المشغول-هو احد الاسباب في افه ندره"الاصغاء الفعٌال". لديه ودنو جودته الا انه –اي قلٌه الوقت- ليس العامل الوحيد بل لعله – حتى- ليس العامل الحاسم في ذلك
. العامل الحاسم –في نظري- هو فن الاصغاء وجودة "الاصغاء الفعٌال وقد ارتايت تصنيف مكونات "الاصغاء الفعٌال الى اصناف عده :
1. "الاصغاء الايحائي" او "الاصغاء التحفيزي" وهذا اكثر ما يكون نافعاً واشد تاثيرٍ عندما يكون المراد تاييد موقف المتحدث وحثه على اتخاذه.( وفي حاله التواصل بين الطبيب والمريض يثبت هذا الصنف جدواه عندعمليه اتخاذ المريض قراراً مستنيرا للتدخل الطبي من عدمه) وهذا النوع من الاصغاء دائماً ما يتخلله هزخفيف للراس وابتسامات خفيفه ومشجٌعه من الصاغي يعبر بها عن التاييد لما يسمعه والتشجيع على المضي قدما في القرار..
2. "الاصغاء الحيوي" او "الاصغاء الجوارحي"— وهذا اكثر مايكون نفعاً واشد مايكون تاثيراً عندما يكون المراد التعبير عن المواساه من اعماق الصاغي ( وفي حاله التواصل بين الطبيب والمريض يثبت هذا الصنف جدواه في الفتره التي تلي ابلاغ الطبيب المريض او اقربائه خبرا محزنا.) هذا النوع من الاصغاء دائماً ما يتخلله كلمات محدوده من الصاغي ذات طابع روحاني وقد يستعمل فيها الصاغي اصنافاً من اللغه الجسديه كالاحتضان او وضع يده على كتف المتحدث او على يده.
3. "الاصغاء التبادلي" او "الاصغاء التشاركي" وهذا اكثر مايكون نفعاً واشد مايكون تاثيراً عندما يكون المراد التعبير عن "التعاطف" او "التمقص الوجداني" الذي كتبت عنه في مقال سابق.( وفي حاله التواصل بين الطبيب والمريض يثبت هذا الصنف جدواه عندما يبدي المريض او اقربائه مشاعرا قويه و متضاربه كالحزن والغضب والخوف وخيبه الامل والانكار). .هذا النوع من الاصغاء دائماً ما يتخلله كلمات محدوده من الصاغي يعبر بها عن الفهم بما في ذلك اعاده بعض جمل المتكلم في صيغه سؤال او تاكيد.
4. "الاصغاء الانتهازي" او"الاصغاء المرتزقي". وهذا اكثر مايكون نفعاً واشد مايكون تاثيراً عندما يكون المراد استغلال المتحدث لعمل شىٍ ما فيه مصلحه للناصت بالدرجه الاولى ( وان كان هنالك ايضاً فائده للمتحدث) ويستعمل هذا الاسلوب في الاصغاء السياسيون لاعلاء شعبيتهم ويستعمله ايضا الباعه للترويج لسلعتهم وتحفيز شرائها ( وفي حاله التواصل بين الطبيب والمريض يثبت هذا الصنف جدواه في اطار الطب التجاري عندما يكون دون المستوى الأمثل من الناحية الأخلاقية) هذا النوع من الاصغاء دائماً ما يلازمه هز شديد ومتككر للراس مع ابتسامات عريضه مبالغاً فيها من الصاغي توحي بالاعجاب
ويجب التنويه –على شئيين مهمين- هنا وهما انني عندما اتحدث عن ما سميته "الاصغاء الفعٌال" باصنافه الاربعه فانني اقول:
i. ان هناك نوع اخر من الاصغاء- الذي في الحقيقه ليس باصغاء ولهذا لا ادرجه هنا وهو ذاك النوع الذي يتبادر للذهن فيه ان اصغاءاً حاصلاً بينما لاشي من هذا واقعاً بالفعل وكما قال الطبيب النفساني م.سكُت بِك " لا يمكنك ان تصغي ( او تدٌعي انك تصغي) وانت تفعل شيئاً اخر في الوقت نفسه"
ii. ان كل ما ذكرته حول "الاصغاء الفعال" ينطبق على التواصل بشتى انواعه وصفاته وليس فقط عندما يكون الامر متعلقاً بعلاقه الطبيب بمريضه كما حاولت ايضاحه.